أتساءل كلّما رأيته.. من أين له كل هذه الجرأة والقوة.. رغم حالته المعروفة بيننا، وفقدانه لوالديه وحياته البائسة؟ هل فجأة أصبح شابًا.. وقد كان يلعب معنا في نفس الحي؟! منذ متى أصبح قويًّا وشابًّا وجريئًا دفعة واحدة؟ أود سؤاله، لكنني صرت أهابه وأخافه.. فنظراته صارت تخجلني.. يشغلني كثيرًا هذا التحوّل الفجائي في شخصه.. هل الجرأة تكتسب بهذه السرعة؟! سمعت مرة أبي يلعنه وهو يحدث أخي عنه، قال أبي "لعنة الله عليه.. هذا الخسيس"، هز أخي رأسه موافقًا"، متوقع منه أي شيء بعد اللي صار.. وددت لو أضع يدي على شفتي أبي وأخي، وأقول: لا.. أنتم لا تعرفونه.. فكم هو ودود، وطيب، ومهذب، وكان يقف كثيرًا معنا نحن البنات في الحي، ويدافع عنا، لكنني خفت أن يتهمني أبي بعلاقة ما معه، ثم يضربني ويحبسني في البيت.. كما فعل والد صديقتي عندما سمعها تتحدث عنه.. من شباك المنزل أراقب الشارع.. مر مع أحد الأولاد الذي تبعه والده وهو يناديه بصوت عالٍ جدًا..ثم يسحبه من يده ويصرخ فيه: "قلت لك لا تمشي معاه.."، وكعادته منذ أصبح جريئًا قال للرجل "تعال أوريك (...) اللي ما تعرفه.."! لكن الرجل أغلق باب بيته باللعنات عليه.. بسرعة أدار وجهه وتوجه نحو سيارة تقف تحت نافذة بيتنا وجلس خلفها وبكى بنحيب.. ثم مسح دموعه وهو يقول: "وكأن الذنب ذنبي.."، تمنيت الآن أن أخرج وأمسح دموعه، وأسأله: ذنب مَن كل هذه الجرأة يا فواز؟" وبفارغ الصبر كنت أنتظر مناسبة زواج لإحدى قريباته، فصغيرة الأسرة كانت صديقة لي.. وتعرف اهتمامي به؛ لذلك لم تفاجأ عندما سألتها بشكل مباشر.. "لماذا أصبح لعنة تعلك في الأفواه؟"، قالت وعينيها إلى الأرض.."منذ اختطفه شباب في الحي، واقتادوه إلى المنزل المهجور.."!