أشارت الدكتورة نورة الشملان أستاذة الأدب في جامعة الملك سعود بالرياض إلى أن الشاعر العربي أبو الطيب أحمد بن الحسين الشهير ب «المتنبي» قد وجد في ادعاء النبوة طريقًا قصيرًا لتحقيق المجد، مبينة أن النقاد الذين درسوا شعره تفاوتت وجهات نظرهم فيما يخص موقفه من المرأة، حيث ذهبت فئة إلى القول بأن المرأة لم يكن لها سلطان على شخصية المتنبي، وأن الشعر الذي تناول فيه المرأة لا يعدو أن يكون ظلالًا هامشية في حياته لأن طموحه للمجد ولهاثه وراء المعالي ألهياه عن المرأة وحجباه عن الالتفات إليها، بينما يرى الآخرون أن المتنبي ككل شعراء العرب كان للمرأة نصيب كبير في ذهنه إذ سيطرت جزء وافر على مساحة تفكيره وهذه السيطرة على الكثير من شعره. جاء ذلك في سياق المحاضرة التي قدمتها الشملان مساء الأول من أمس في أدبي الأحساء بعنوان «المرأة في شعر المتنبي»، وأدارها في القسم الرجالي رئيس النادي الدكتور ظافر الشهري، في الجانب النسائي الدكتور أحلام الوصيفر، حيث أوضحت الشملان أن المرأة حظيت بخمس قصائد رثاء من ديوان المتنبي وأشهر قصيدتين قالهما في الرثاء هما قصيدة في رثاء جدته وأخرى في رثاء خولة أخت سيف الدولة الكبرى، مؤكدة أن المتنبي كان يوفر للمرثية ما كان يوفره الشعراء قبله لمن يرثون من النساء من صفات العفة والصون وإغاثة الملهوف ومساعدة العاني ويؤكد صفة العفاف والصون في أكثر من موضع ولعلها أكثر الصفات التي ألح عليها الشاعر وهو بهذا ينطلق من موقف عام يرى أعظم ما يحب أن تتحلى به المرأة هو الصون والعفاف. وذكرت الشملان أن الأنوثة قد ارتبطت بذهن الشاعر بمعان بعيدة عن النبل، بل ارتبطت عنده وعند العرب جميعًا بمعاني الضعف وقلة الشأن عن الرجولة، ولم يخصص المتنبي قصيدة مستقلة للغزل ولكنه خلف لنا ثروة كبيرة في مقدمات قصائد المديح، وأن ديوان الشاعر يخلو من ذكر أسماء النساء إلا اسم «جمل» وهو اسم فني لا يختلف عن اسم ليلى وسعاد ولبنى، والقدماء لم يتحدثوا عن ارتباطه بامرأة معينة، على أنهم يؤكدون أنه كان من المجيدين لفن الغزل. وأبانت أن بعض النقاد حرموا الحب على المتنبي وباعدوا بينه وبين المرأة، وكان المتنبي رجل جد وصرامة ولا يتهالك على اللذة ولا يستجيب لدواعي العبث واللهو والحب نوع من المجون لا تجذب جواذبه القلوب القوية الشكائم ولا ينفذ سحره إلى النفوس المفتونة بالمجد والعلا. وحاول هؤلاء النقاد إبعاد المرأة عن المتنبي وكأنها إثم عظيم يزري بشخصيته وطموحه فهم ينكرون على الرجل الطموح أن يكون له قلب يخفق بالحب، مشيرة إلى أن الواقع يؤكد أن المتنبي لم يلتزم بالمطالع الغزلية بل إنه أعلن سخريته من الذين يبدأون قصائدهم بالغزل المصطنع محافظة على التقاليد.