حذر خبراء في مجال التأمين من إمكانية تلاعب بعض الشركات في تحديد قيمة التعويضات المالية لذوي الضحايا والمصابين في حادث حريق شاحنة الغاز بشرق الرياض والذي راح ضحيته 22 فردًا بجانب عشرات المصابين بحيث يتم التكييف القانوني من قبل شركات التأمين السبعة المرتبطة بالحادث على انه مجرد «حادث سير» وليس حادث حريق ضخم لمواد خطرة وقابلة للاشتعال داخل منطقة عمرانية. وأبدى الدكتور فهد العنزي عضو مجلس الشورى والخبير في شؤون التأمين مخاوفه من محاولة تكييف بعض شركات التأمين للحادث بتلك الطريقة لدفع تعويضات أقل، وقال: «في حال تكييف الحادث قانونيًا على أنه حادث سير فإن ذلك يعد اجراء غير قانوني يحق ذوى الضحايا والمصابين»، كاشفًا عن أنّ رأس الناقلة وكابينة السائق مؤمنة لدى شركة تأمين بينما الصهريج والغاز بداخلها مؤمنة لدى شركة تأمين أخرى. ودعا إلى تعويض المتضررين وفق النظام الذي يلزم دفع جميع المستحقات ومطالبات المؤمن لهم خلال مدة لا تتجاوز 40 يومًا من الحادث، مشيرًا إلى أنّ التعويض عن الضرر المعنوي يعود إلى ما قد يكون من أحكام قضائية بحيث تلتزم شركات التأمين بالتعويض وفقًا لتلك الأحكام، بالرغم من وجود إشكالات تخص التعويض المعنوي. وشدّد العنزي على ضرورة تعويض المتضررين بشكل كامل وعدم منح أي فرصة للتلاعب بالألفاظ والمصطلحات والتي قد تلجأ إليها شركات التأمين أحيانًا للتّنصّل من تحمّل بعض الخسائر في الحوادث بحجّة عدم تغطية بعض الأضرار، أو التلاعب بمسبّبات الحوادث، مشيرًا إلى أنّ الأموال التي دفعتها الحكومة للمستشفيات لإسعاف وعلاج المصابين من الحادث من حق الحكومة استردادها كاملة من وثائق التأمين على كل فرد يحمل وثيقة تأمين صحي وبشكل مباشر من الشركة المؤمن لديها أو من خلال الشركة التي تؤمن على المتسبب وفق التقرير النهائي الذي سيخرج به مقدرو الخسائر وخبراء التأمين. 3 فئات للتعويض وذكر أن المستحقين للتعويض من هذا الحادث ينقسمون حسب صفاتهم إلى ثلاث فئات: حكومة وأفراد وشركات، حيث إنّ الحكومة لها حق في التعويض عن الأضرار التي لحقت بالكوبري والتقاطع والطريق التي شهدت الانفجار، بالإضافة إلى المرافق العامة وغيرها من الأضرار بما فيها الأضرار غير المباشرة. وبيَّن أنّ الأفراد المتضررين من الحادث يستحقون تعويضًا على كل أضرارهم والتي تتنوع بين الوفيات والإصابات والأضرار الواقعة على ممتلكاتهم، مشيرًا إلى وجود لائحة بالإعانات الحكومية يمكن العمل بها، بالإضافة إلى أنَّ الشركات المتضررة من الحادث بحكم موقعها أو وجود ما تضرر لها في الحادث فإنّها تستحق تعويضًا على كل التلفيات والأضرار التي لحقت بها. وأكد أنّ الوثيقة الموحدة للتأمين الإلزامي للمركبات تقضي بتحميل شركة التأمين التعويض في حادث السير بما لا يزيد على 10 ملايين ريال كحد أقصى، مشيرًا إلى أنّه لا بد من أخذ الحريق والانفجار وغيرها من الأضرار بعين الاعتبار وبشكل ابتدائي، خاصّة أن هناك منتجات تأمين تندرج تحتها هذه الحالات كتأمين النقل والتأمين على المواد الخطرة حيث يأتي نقل الغاز الموجود في الصهريج ضمنها والتي نتج عنها حريق وانفجار ووفيات وتلفيات كبيرة في موقع الفاجعة. وأشار إلى أن الحل هو تطبيق «الضرر التتابعي» لوثائق التأمين بحيث يتم تطبيق وثيقة التأمين على المركبات على الحادث وتطبيق وثائق التأمين الأخرى على الحريق والانفجار والنقل والسرقة وغيرها من الأضرار المتعدّدة الناجمة عن الحادث، مطالبًا بإيعاز كل ضرر وقع في الحادث إلى وثائق التأمين بشكل مباشر بحيث لا يؤثر تداخل وثائق التأمين بين الشركات على المؤمن لهم. وشدّد على ضرورة أن تدخل مؤسسة النقد العربي السعودي في إلزام الشركات بتطبيق النظام لسداد المطالبات أولًا ومن ثمّ توزيع وتحمّل نسبة كل ضرر متداخل بين الشركات بما يخرج به مقدرو الخسائر وخبراء التأمين الذين تنتدبهم شركات التأمين في تحديد الخسائر وكتابة التقرير الخاص بالحادث وبكافة تبعاته. أكّد العنزي أن تداخل وثائق التأمين في الأضرار أمر متوقّع في مثل هذا النوع من الحوادث، مشيرًا إلى أنّ في التأمين عددًا من المبادئ والقوانين العالمية والتي تعمل بها شركات التأمين السعودية كمبدأ «الحلول». وألمح العنزي إلى أنّ رؤوس أموال شركات التأمين السعودية وإن كانت صغيرة نسبيًا لا تفي بتغطية حجم الخسائر ودفع التعويضات الناجمة عن الحادث، إلا أنّه أكّد وجود أموال تقوم شركات التأمين بتدويرها وتشغيلها عبر محافظها في البنوك بالإضافة إلى أن هناك تنوّعًا باستثمارات شركات التأمين. وقال إنّ صناعة التأمين تكفل حفظ الحقوق لكل الأطراف حيث إن التزام شركات التأمين بعقود مع شركات إعادة التأمين العالمية تتحمّل الأخيرة من خلالها جزءًا كبيرًا من التعويضات والخسائر وتشاركها في الأرباح أيضًا، من شأن هذا كله ألا يؤثر على شركات التأمين السعودية. وأبان العنزي أن هناك حالة قانونية بحتة في شركة الزاهد التي تدمّر مبناها ومرافقها ومعداتها جراء الانفجار، مؤكّدًا أنّ التعويض عن السرقة الذي يشمله التأمين وفق وثيقة التأمين ضد السرقة يختلف عمّا حدث من المتجمهرين من العبث في موقع شركة الزاهد والذي يصنّف ضمن أعمال التخريب والنهب والمستبعدة من التعويض في وثائق التأمين. السرقة والسطو وشرح التعريف القانوني للسرقة القابلة للتعويض تأمينيًّا حيث يشترط أن يكون هناك استعمال للقوة والدخول عنوة إلى الموقع وكسر الأقفال وتسمى تأمينيا «السطو» وهي تختلف عن النهب والتخريب الذي حدث في الموقع المتضرر مسبقًا بسبب الانفجار مما جعل الدخول والحصول على أغراض وممتلكات الشركة متاحة للمتجمهرين. وقال العنزي: «يجب أن تغرم شركات التأمين قيمة السرقات التي حصلت لشركة الزاهد على أن تقوم شركات التأمين باسترداد المسروقات أو قيمتها ومن قام بالنهب من المتجمهرين بمساعدة أمنية». 7شركات تأمين من جانبه أبدى بندر الطعيمي مدير التسويق وخدمة العملاء بشركة أمانة للتأمين التعاوني حزنه على الوفيات والخسائر في الأرواح نتيجة الحادث، واصفًا ما حدث بالمأساة، ولكنها جديدة على مستوى المملكة من عدة جوانب وتُعدّ حالة تستحق الدراسة بشكل أكثر عمقٍ لتكون مادة تتعلق بالتأمين في الكليات والجامعات. وأشار إلى أنّ الموضوع شائك ومعقّد تدخل فيه أكثر من سبع شركات تأمين بشكل مباشر في تحمّل الأضرار بالإضافة إلى حاجة مقدري الخسائر إلى جهد ووقت قد يصل إلى ثلاثة أشهر، خاصة وأنّه بحاجة إلى مشاركة مع جهات قانونية متخصصة في سبيل كتابة التقارير النهائية عن الحادث وتحديد الخسائر وتحميل الأطراف المعنية تكاليف الأضرار ونسب التّحمّل على كل شركة. وأكد ضرورة أن يتم الوقوف على جميع تداعيات الانفجار بالإضافة إلى الخسائر والتبعات التي لحقت بالأفراد والشركات والحكومة.