ظل حزب الله أحد أشد المؤيدين لنظام الرئيس بشار الأسد، لكن حاليًا تدور مناقشات مريرة داخل صفوف هذا الحزب حول ما إذا كان الوقت قد حان لتغيير المسار. وهناك راية عملاقة معلقة مع صورة لبشار الأسد عبر شارع مزدحم في جنوببيروت كتبت عليها عبارات تعبر عن الولاء للرئيس الأسد وتلعن أعداءه، وفي مكان آخر في العالم العربي يرفض الأسد باعتباره طاغية دموي، لكن في جنوببيروت معقل حزب الله الأسد لا يزال بطلًا. هذا المكان مضمخ بذكريات الحوادث فعلى بعد بضعة شوارع منه، ظل تيري ويت الرهينة البريطاني أسيرًا لمدة أربع سنوات حتى تم إطلاق سراحه في عام 1991، ويقع بالقرب من المكان موقع مذبحة صبرا وشاتيلا الشهيرة حيث قتل ربما ما يصل إلى 3500 شخص بواسطة الميليشيات الموالية لإسرائيل في عام 1982. يعيش حسن نصر الله زعيم حزب الله في مكان قريب من تلك المنطقة في مجمع شقق سكنية تخضع لحراسة مشددة ويملك حزب الله قوات شرطة خاصة به بملابس كاكية وتجوب هذه القوات الشوارع التي تبدو أكثر ازدحامًا من قلب بيروت بنواديها الليلية ومحلات أزيائها. وحزب الله بحاجة إلى المساعدة اللازمة من سوريا المجاورة ليصبح القوة الأكبر في السياسة اللبنانية، ويمكنه دائمًا أن يعتمد على الأسرة الحاكمة في دمشق خلال حروبها مع إسرائيل. الآن جاء دور الأسد ليكون في حاجة إلى الشيعة في لبنان بالمقابل الذين ظلوا في معظمهم موالين له للحصول على الدعم اللوجستي والمعنوي وكي يقوموا حتى بإرسال مقاتلين للمشاركة في الحرب الأهلية في سورية لقتل معارضيه.. ولكن في لبنان هناك العديد من المسيحيين والمسلمين السنة والشيعة. الذين تنامت الشكوك لديهم حول بقاء الأسد على قيد الحياة بعد شلالات الدماء التى اسالها فى سوريا ووصلت تداعيات الحرب الأهلية في سوريا إلى لبنان، ونما إلى علم صحيفة صنداي تلغراف البريطانية أن هناك مناقشات سرية مستعرة داخل صفوف حزب الله حول ما إذا كان الوقت قد حان لوقف دعم الأسد. وبالنسبة للكثيرين في جنوببيروت، حيث يدير حزب الله المستشفيات والمدارس ومجموعات النظافة، ويدفع المعاشات لأسر الضحايا من مقاتليه، فإن التخلي عن سوريا بشار الأسد أمر غير وارد. يقول أحمد سليمان (43 عامًا) أحد الموالين لحزب الله (إن بشار الأسد هو الداعم الرئيسي لمقاومتنا، ونحن كذلك بالنسبة له). لكن هناك وجهات نظر متباينة حيث يقول البعض إنه ينبغي لنا أن الضغط من أجل التوصل إلى تسوية في سورية وليس الإلحاح على بقاء الأسد كما ورد في أقوال أحد اللبنانيين ممن لهم صلة بدوائر حزب الله العليا. بعض أعضاء حزب الله بمن فيهم رجال دين باتوا يخشون من أن دعمهم للأسد يجرهم نحو معارك خطيرة مع العرب السنة في الجانب الآخر ويعمق من الانقسام الطائفي. ويقول بعض الموالين لحزب الله إنه بات الآن من المهم وضع حد لدعم الأسد، بحيث يمكن تشكيل علاقة جديدة مع كل من يأتي إلى السلطة في سوريا القادمة. وهناك وعي داخل إيران وحزب الله بأنه ستكون لديهم مواجهة مع السنة، أو عليهم العمل بالمقابل لردم الفجوة بين الطرفين. ويقول مصدر شيعي في لبنان إن هناك علاقة مباشرة بين مستقبل حزب الله والشيعة ومستقبل سوريا فإذا كان لا بد من تضحية فلا بد من التضحية ببشار الأسد لا التضحية بسوريا. والعلامة الأكثر دراماتيكية من المعارضة داخل حزب الله هو إلغاء مؤتمر الحزب القادم الذي كان يعقد عادة مرة كل ثلاث سنوات -وهي المرة الأولى التي يتم فيها تأجيل ذلك المؤتمر. والتفسير الرسمي للإلغاء هو أنه سيكون هناك خطر أمني. ولكن سياسيًا شيعيًا من عائلة سياسية هامة قال: «إن حزب الله غير قادر على عقد مؤتمره لأنه يخشى أن عضويته لن تستطيع الاتفاق على سوريا». وقال ان أقوى خلاف بين عضوية حزب الله هو الخلاف بين المدنيين الذين هم أكثر ميلًا لقطع الصلة مع نظام بشار الأسد؛ والجناح العسكري القوي في الحزب وهو الجناح الذي يتلقى تدريبه وتعاليمه من إيران وهو الجناح الذي لا زال من اشد الموالين للنظام السوري. وقال مصدر متابع لما يجري أنه سمع أن الانقسام حاد بين الفرع المدني لحزب الله في لبنان والعسكريين داخل الحزب وأن حسن نصر الله قرر إلغاء المؤتمر لأنه قلق من ألا يخرج الحزب بقرار نهائي. وعبر الحسن نصر الله عن ولائه للنظام السوري علنًا عدة مرات في بداية الأزمة لكنه أظهر حماسًا أقل للقيام بذلك مؤخرًا. حزب الله منقسم حول هذا الأمر.