خلال زيارته إلى واشنطن في أواخر أغسطس، عرض العميد وسام الحسن، مدير جهاز المعلومات في قوات الأمن الداخلي اللبنانية، تقييمًا قاتمًا للحرب الأهلية المستعرة في سوريا المجاورة وتأثيرها المحتمل على المنطقة. وأضاف: «إن الدكتاتور بشار الأسد، لا زالت أمامه الفرصة لإطالة أمد التمرد ضده، على الرغم من أن الأمر سيستغرق بضع سنوات ويؤدي إلى مقتل أكثر من مائة ألف مواطن سوري. وكان تقييم وسام الحسن يشير إلى أن أحد حلول الأزمة السورية لدى دمشق هو نقلها إلى خارج سوريا. وسيظل بشار الأسد ونظامه على قيد الحياة من خلال جعل الصراع صراعًا إقليميًا. وبعد سبعة أسابيع من ذلك التاريخ قتل العميد وسام الحسن حيث أودت بحياته سيارة مفخخة في بيروت في التاسع عشر من أكتوبر الحالي ووضع هذا الحادث المدوّي لبنان على حافة حرب طائفية خاصة بها هي الأخرى. لأن معظم اللبنانيين غير المتحالفين مع حركة حزب الله يوافقون على ما قاله رئيس الوزراء السابق سعد الحريري بأن الأمر بات واضحًا وضوح الشمس فيما يتعلق بمن رعوا عملية الاغتيال. وباختصار فإن بشار الأسد يحاول أن يطبق نفس الإستراتيجية التي تحدث عنها العميد الحسن. وكان العميد وسام الحسن مدير المعلومات بجهاز الأمن اللبناني عضوًا رئيسًا في مجموعة موالية للغرب حكمت لبنان لعدة سنوات بعد ثورة الأرز عام 2005 وهي المجموعة التي أجبرت سوريا على إنهاء ثلاثين عامًا من الاحتلال العسكري للبنان وقد ظل يكافح لمنع بشار الأسد من التدخل في شؤون لبنان. في شهر أغسطس، كشف وسام الحسن عن مؤامرة من قبل وزير في الحكومة اللبنانية السابقة له علاقات وثيقة مع بشار الأسد. وكان ذلك الوزير قد تآمر لتهريب متفجرات إلى داخل لبنان للقيام بسلسلة من التفجيرات. وظل العميد وسام الحسن يضغط على رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، كي يأمر بنزع سلاح ميليشيا موالية لسوريا في شمال لبنان قامت بجملة من الاشتباكات في الحدود السورية اللبنانية. ولكن السيد ميقاتي مقيد الحركة من قبل حزب الله، ذي الصلة القوية بالنظام السوري والذي هو أقوى قوة في الحكومة الحالية. قال العميد حسن أثناء زيارته لأمريكا: «إن ميقاتي لن يتحرك ضد استفزازات سوريا لنا، ما لم يصبح الأسد ميتًا أو منفيًا خارج بلده». وأثبتت توقعات العميد وسام الحسن صحتها تمامًا. فقد قام ميقاتي رئيس الوزراء اللبناني بعمل القليل في الرد على التفجيرات الأخيرة التي تعتبر أسوأ هجوم من نوعه خلال أربع سنوات في الأراضي اللبنانية. لم يقم ميقاتي بعمل شيء أكثر من نشر الجيش لقمع بداية الاشتباكات الطائفية. وقد رفض الاستقالة، وهي خطوة قد تفتح الطريق أمام تشكيل حكومة لا تشمل حزب الله. وفي هذا الإطار لوحظ أن موقف ميقاتى، حظي بدعم من إدارة أوباما، التي كانت ردة فعلها على الهجوم متمثلًا في الطلب من السفير الأميركي بلبنان الانضمام لزملائه السفيرين الروسي والصيني لمقابلة الرئيس اللبناني للنداء من أجل الاستقرار في البلاد. لكن وزارة الخارجية الأمريكية خففت من ذلك الموقف فذكر مسؤولوها أن أمريكا سوف تدعم الإجراءات التي ستؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة. لكن في لبنان كما في سوريا، فإن إدارة أوباما تتبع سياسة قصيرة النظر بالسعي لكبح جماح القوات المناهضة للأسد. وليس لهذه الإستراتيجية أي تأثير في أي من البلدين بخلاف التمكين لأعداء الولاياتالمتحدة والجماعات الجهادية، التي تمطرها الجهات الأجنبية الراعية لها بالأسلحة والأموال. وكان العميد وسام الحسن قد حذّرنا من أن إطالة أمد الحرب في سوريا من شانه يؤدي إلى الحرب الطائفية وإلى تدمير المجتمع المدني وأضاف قائلاً: إن الجيش السوري سيتفكك وبعد انهياره ستكون هناك حالة فوضى ويرفض تسليح أو حماية القوات العلمانية والليبرالية، فإن إدارة أوباما تساعد على ضمان هذه الحصيلة».