إن «يوم التروية» هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة. فعلى من تحلل من العمرة، ومن كان مقيمًا في مكة وأراد الحج؛ الإحرام صبيحة هذا اليوم ضُحًى وهذه السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين تحللوا من العمرة أن يُحرموا في صبيحة اليوم الثامن بالحج، وليس هذا بلازم، فلو أخَّر الإحرام إلى بعد الظهر، أو بعد العصر، أو لم يحرم إلاَّ يوم عرفة، فلا بأس بذلك، لكن تفوته الفضيلة، وإنما هذا بيان للأفضل والمستحب؛ فَيُحرِم هؤلاء من محل استقرارهم إلاّ مَن كان باقيًا على إحرامه من الميقات؛ كالقارن والمفرد، فكل مَن يريد الحج فإنه يحرم من منزله الذي هو نازل فيه؛ كما أن الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم أحرموا من منازلهم بالأبطح، ولا حاجة إلى أن يذهب ليحرم من المسجد الحرام، أو من تحت الميزاب كما يذكر في بعض الكتب، فهذا لا أصل له، فيحرمون من منازلهم إن كانوا في خيام، أو في بيوت، أو في شقق. ويتوجه الجميع إلى منىً في صبيحة اليوم الثامن، وينزلون في منىً، ويصلون بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر خمسة أوقات، يقصرون الرباعية؛ الظهر ركعتان، والعصر ركعتان، والعشاء ركعتان، كل صلاة في وقتها بلا جمع، ويبيتون في منى ليلة التاسع. وجميع الحجاج يَقْصرون الصلاة؛ سواء كانوا من أهل مكة أو من غيرهم، ويصلون كل صلاة في وقتها؛ قصرًا بلا جمع؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه -رضي الله عنهم- ويبيتون ليلة التاسع في منى؛ وهذه سنة في حق الحاج وليس بواجب. ومن جاء محرمًا من بلده في اليوم التاسع، أو من مكة، أو من جدَّة، أو من أي مكان؛ وذهب إلى عرفة، ولم يمر بمنىً؛ فلا حرج عليه، وإنما فاتَتْه سنة فقط، ويشتغلون بالتلبية؛ لأنهم محرمون، فيلبون من حين الإحرام، ويستمرون في التلبية في فترات؛ فيلبي المحرم بين فترة وأخرى، ولا يغفل عن التلبية يقول: «لبيك اللَّهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»، في الليل وفي النهار، وفي الطرقات، وفي أي مكان، ويكثروا من التلبية. الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء