حققت منطقة نجران إنجازًا فريدًا من نوعه وذلك بتطويع الصخور الصلدة ونحتها لتكون صالحة للاستخدام البشري عن طريق تحويلها إلى قدور وأوانٍ للأطعمة لحفظها لساعات بعد نضوجها نظرًا لخاصية الاحتفاظ بالحرارة. وفي السوق الشعبي النجراني تنتشر محلات مختصة ببيع الأواني الصخرية أو ما تعرف محليا ب»المداهن» وهي قدور مختلفة المقاسات مستخلصة من مادة صابونية تنتشر في سلسلة جبال ممتدة من ظهران الجنوب في عسير إلى منطقة نجران، ووفقا للبائع أبو عادل الذي أمضى قرابة 25 عامًا في بيع المداهن فإن لها أنواعًا منها البرمة الحجرية والحرض والمقالي والمصلة، والأخيرة أشبه ما تكون بالمسلة الحجرية الملساء كالمقلاة ويصنع عليها الخبز والقرصان. وللمداهن مقاسات متعددة منها المدهن الصغير ومخصص لتقديم العسل والسمن والمرق، والمدهن الوسط وهو للحوم والرقش والمدهن الكبير وهو مخصص للولائم الكبيرة، إضافة إلى الحرضة وهي لوضع السمن والعسل والبرمة للطبخ والنحت لصنع المغش «وطهي اللحم كما يستخدم القدح للشرب ولوضع المرق واللبن. ويصل سعر المدهن الواحد لأكثر من ألفي ريال، بينما يبدأ سعر الصغير منه 50 ريالا. وللأواني الحجرية أنواع غير الصابوني منها ما هو مصنوع من المرمر والحجر الجيري. ويحرص زوار المنطقة لابتياع الأواني الحجرية بقصد أن تكون قطعا تذكارية وتتراوح أسعارها تبعا لأحجامها، إلا أن التنور يصل سعره في المواسم إلى 300 ريال إضافة إلى أسعار مختلفة من 60 إلى 80 ريالا للحرضة، والتي يقدم فيها اللحم والمرق والعريكة على السحور أو الفطور. يقول أبو عادل : تعطي المداهن نكهة جميلة للأكل وهي من العادات والتقاليد النجرانية التي ما تزال تتوارث حتى اليوم، مشيرًا إلى أن جهاز العروس لابد أن يحتوي على أنواع وأصناف من المداهن والقدور الحجرية. وأفاد أبو عادل أن المداهن صعبة الكسر، وهي أصلب من الفخار الطيني وأصبر للحرارة وكثرة الاستخدام، ويضيف أنه في حالة كسر المدهن فإن للحرفي طريقة بارعة في رئب الصدع عن طريق «التلجيم».