حب الرسول ونصرته ليسا قصةً تُقرأ أو شعرًا يُلقى، واتباع هديه وسنته ليست موسمية، بل حبه الحقيقي يكون باتباع أوامره واجتناب نواهيه والتمسك بسنته وإحيائها مدى الحياة وتعليمها لأبنائنا وبناتنا، (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله). "الرسالة" طرحت هذا الموضوع على بعض من المختصين والشباب ليدلوا برأيهم في كيفية أساليب الدفاع عن رسول الله وإظهار حبنا له في الاستطلاع التالي: بداية أوضح الدكتور راغب السرجاني أن قضية الدفاع عن الرسول عليه الصلاة والسلام هي الشغل الشاغل للأمة في هذه الأيام بعد الهجمة الشرسة من الصحافة والإعلام الغربي عليه صلى الله عليه وسلم، وتوصَّلنا إلى أن هناك خللًا بالفعل، وأننا لا بُدَّ لنا أن نتعلم كيف نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بد أيضًا أن ندافع عنه. وسائل الدفاع وبين السرجاني أهمية معرفة وسائل هذا الدفاع، ولكن قبل أن نعرف هذه الوسائل لا بد من الحديث بدايةً عن معرفة من الذي يهاجم الرسول صلى الله عليه وسلم، وبالتالي نستطيع أن ندافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالطريقة السليمة. وفي تخيلي أن الذين يهاجمون الرسول صلى الله عليه وسلم أحد ثلاثة: إمَّا حاقد عليه، أو جاهل به، أو مفتون بحال المسلمين. وأوضح السرجاني أنه بلا شك هناك طائفة من الحاقدين تهاجم الرسول صلى الله عليه وسلم عن علم، وهذه الطائفة موجودة منذ بُعِثَ الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: ((وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ))، فهي سُنَّة إلهية، كما أن هذه الطائفة موجودة دائمًا، ولكن عند مراجعة أسماء هؤلاء المستهزئين في فترة مكة من عَبَدة الأصنام أو الوثنيين تجد أنهم كانوا يمثلون بالإحصاء عددًا قليلًا من المشركين في مكة أو في الجزيرة العربية بصفة عامة، ويأتي على رأس أكابر المجرمين هؤلاء كما سماهم ربنا في كتابه: أبو جهل، والوليد بن المغيرة، وعقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث. لكن عموم الناس ما كانت تتولى الأمر عن رغبة صادقة في محاربة الدعوة الإسلامية ولكنها كانت تتبع أمراءها من القادة والشعراء، وهذا هو الحال في زماننا، ولو سألت في الشارع الغربي عن الرسول صلى الله عليه وسلم: ماذا تعرف عنه؟ لعلَّ أقلَّ القليل هو من يجيب على هذا السؤال، وقد لا تتجاوز الإجابة السطر أو السطرين، وهذا السطر أو السطران لعله يكون مغلوطًا في المعنى أو في الفهم؛ فلذلك أرى أن هذه الطائفة -طائفة الجاهلين- كبيرة. وكذلك هناك طائفة ثالثة من الذين يهاجمون الرسول صلى الله عليه وسلم هي طائفة المفتونين بحال المسلمين وبتخلف المسلمين، هؤلاء هم الذين ينظرون إلى حال المسلمين، ويقولون: لو كان الإسلام دينًا صحيحًا، ولو كان محمد صلى الله عليه وسلم قائدًا حكيمًا لهذه الجموع الضخمة من البشر، لكنَّا قد وجدناهم ينتجون ويبرعون ويتفوقون في مجالات الحياة المختلفة، أمَّا أن يكون غالب أتباع هذا الرجل من المتخلفين، والأميين، والمتراجعين حضاريًّا، والمهزومين عسكريًّا واقتصاديًّا وعلميًّا في كل المجالات، فهذا يعني عند هؤلاء المفتونين أن هذا الدين غير صحيح. أخطاء كثيرة وتحسر السرجاني بقوله: حتى المجالات الأخلاقية نجد انهيارًا واضحًا في الدول الإسلامية فيها، فعلى سبيل المثال تقارير الشفافية التي تُبْنى على حساب درجات الرشوة والفساد المالي والإداري والمحسوبية والوساطة- تحتل دول العالم الإسلامي فيها مراتب متدنية، مما يشير إلى أن أتباع هذا الدين يقعون في أخطاء كثيرة وصلت بهم إلى هذه الحالة المتدنية. وعندما ينظر أهل أوروبا أو غيرها من دول العالم إلى هذه الحال المتردية التي وصل إليها المسلمون، يقولون: إنه من المستحيل أن الدين الذين ينتمون إليه أو القائد الذي يقودهم على خيرٍ أو على صلاح؛ فيُفتَنُون بهذه الحال، وبالتالي لا يقرؤون عن الإسلام، وإن قرؤوا فإنه من السهل أن يتقبلوا المطاعن التي تُذكَر في هذا الدين على ألسنة محركيهم وإعلامييهم وقادتهم وساستهم. وهذا معنى قوله تعالى: (رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، أن لا تصل حالنا إلى درجة من التردي تصبح عامل صدٍّ للكافرين عن الدخول في دين الإسلام. ليست الأولى من جانبه أوضح الشاب أحمد باديب أن الإساءة إلى خير البشر ليست المرة الأولى التي يتعمد جهلاء متطرفون إثارة غضب المسلمين، وفي كل مرة تتكرر الأخطاء ذاتها، ويساء للإسلام من بوابة نصرة الدين، فالدفاع عن الإسلام يكون عبر طرق المسار القانوني ورفع دعاوى على من قام بتلك التفاهة المسماة مجازًا فيلمًا. وأضاف باديب أن الدفاع عن الإسلام يتم بقيام الحكومات الإسلامية بحملة دبلوماسية لدى حكومات الغرب توضح لهم الفرق بين حرية التعبير وحرية التدمير، والدفاع عن الإسلام بإيصال رسالته الحقيقية لمن تغيب عنهم. وأكد أنه بهذه الطريقة يتم الدفاع الدائم والمستمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس غضبًا عارمًا يستمر أياما ثم يتناسون الحماسة التي كسروا وحرقوا وقتلوا بسببها. وبين باديب أنه تحولت ردود الفعل على الفيلم سيئ الذكر، إلى مزايدات لحب الرسول، وكأن بقية المسلمين لا يحبون رسولهم ولا يدافعون عنه إلا بالمشاركة في العنف أو التحريض عليه. مختتمًا باديب حديثه بأهمية الاجتماع على قرارات موحدة في ردود الأفعال كالمقاطعة مثلًا أوحذف مقاطع اليوتيوب أو رفع دعوى رسمية وغيرها من الوسائل والطرق. تقديم الاعتذار من جهته أوضح الأستاذ هاشم كعكي أن علينا معرفة نتائج الأدوات والطرق التي ندافع بها ونحقق بها مطالبنا، فلا نستعمل وسائل وطرق تنتج منها إساءة أخرى للرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأننا أتباعه فيجب أن نبّين للعالم كيف نقتدي بأخلاقه وآدابه، كما دعا كعكي إلى رفع قضايا في كل الدول التي لها علاقة بهذا الفيلم على الأشخاص الذين اشتركوا في إنتاجه من ممثلين ومخرجين وإنتاج بالإضافة للمؤسسات التي تقف وراءهم وتدعمهم ومعاقبة كل من اشترك فيه تحت عنوان تعريض السلم العالمي للتهديد وإجبارهم على تقديم الاعتذار إلى جميع المسلمين في العالم. ودعا كعكي كذلك إلى الاستفادة من قضية هذا الفيلم السيئ الصيت بشكل إيجابي وتقديم صورة جميلة للعالم عن المسلمين الذين يدافعون عن كرامتهم التي انتهكت بانتهاك كرامة نبيهم صلى الله عليه وسلم من خلال طرق متزنة، والمطالبة بقوة بردع كل من تسوّل له نفسه التجرؤ على أي نبي من أنبياء الله تعالى، والابتعاد عن أسلوب العنف الذي شوّه صورة الإسلام المحمدي الأصيل المؤسس على الأخلاق والفضيلة.