قليل من الرعاية والاهتمام وتسليط الأضواء يجعل من قرى «تمنية»، الواقعة جنوب شرق منطقة عسير، بيئة سياحية متميزة، ويضعها في مكان بارز على الخريطة السياحية، فالمنطقة تتميز بتراث فريد وتنعم بطبيعة خلابة، حيث تسود المزارع الخضراء والجبال الرائعة والسهول المنبسطة والمباني الأثرية والمعمار الحديث، بالإضافة إلى طبيعة أهلها المضيافة. ولا يكاد يخلو منزل في تمنية من بصمة للتراث في أحد جنباته، على حد قول المواطن محمد علي القحطاني، موضحا حرص الأهالي على تزيين المنازل بأدوات تراثية موغلة في القدم، خاصة في المجالس ومداخل المنازل، إنها عادة متوارثة لدى الأجيال منذ مئات السنين ويحرص عليها أهالي القرى، حيث يقومون بوضعها داخل منازلهم تمسكًا بالأصالة وكمنظر جمالي يميز تلك المنازل. وتمثل معالم تمنية مقصدًا لعدد من العائلات السعودية والمقيمة، والشباب، خاصة «متنزه الجرة»، الذي يقع في صحن تمنية، ويضم عددًا من القرى التي يسكنها قبائل من شهران وقحطان، مثل قرى آل جليحة والقرن والقفرة وآل علي وآل ينفع والشرحه والقارية وآل دهمش. الزراعة والآبار وري المزارع في تمنية يتميز بتخصيص بئر عميقة لكل مجموعة من المزارع، على حد قول علي حسن الشهراني، مشيرًا إلى ازدهار زراعة الذرة والحبوب منذ قديم الزمان، وأضاف أن وقت الحصاد يشهد تعاونا وتآزرا منقطع النظير من أهالي القرى لجني الثمار، التي يعيش الأهالي على إنتاجها. «القصب» مشهد تراثي متميز وتتميز قرى تمنية بوجود عشرات القصب وهي مبان دائرية تبنى من الحجر كان يستخدمها الأهالي سابقا في حماية مزارعهم، حيث يمكثون فيها وتعد تراثا مهما لدى أهالي تمنية فهي منتشرة بشكل كبير وقد بناها أجدادهم وحافظت على أصالتها رغم أن أعمارها تعود لمئات السنين، وأشار أحد أعيان القرية موسى بن محمد إلى أنها تراث مهم ورائع وتمثل أحد المعالم لقرى تمنية منوها إلى أهمية الاهتمام بها كي تتم المحافظة عليها لسنين قادمة. تاريخ يعود ل300 سنة وبالإضافة إلى المزارع والمسطحات الخضراء التي توجد وتحيط بالقرية من كل جانب، كانت هنالك مجموعة كبيرة من المنازل القديمة تقف شامخة رغم أن معظمها ظهرت عليه آثار السنين، ويتعرض لعوامل التعرية وسقط جزء من جنباته، كانت منازل مبنية بطريقة رائعة من حيث تصميمها، فروعيت فيها النقوش وكانت نوافذها بارزة، وهي مبنية من الطين والحجر والشجر. وأشار محمد بن سعيد الشهراني «60 عامًا» إلى أن آباءهم وأجدادهم بنوا هذه المنازل القديمة، مضيفا أن هنالك العديد من زوار تلك القرى يطلبون زيارتها وتمثل معلما تاريخيا مهما، مضيفا أنه يجب الاهتمام بها ومراعاة التراث الفريد فيها حتى لا يضيع ويندثر، و من أبرز المعالم الأثرية مسجد قديم، حيث أشار الشهراني إلى أن تاريخه يعود ل300 سنة، وهو من أقدم المعالم في منطقة عسير وهو مبني من الحجر وتوجد فيه مياه داخلية في بركة أرضية بجانب المسجد يجلب منها المصلون المياه عن طريق «الدلو»، وتوجد نحوت على شكل دائري تعبأ بالمياه ويتوضأ منها المصلون وقد عملت قديما وأشار إلى أن هذا المسجد كان يضاء داخله بإنارة قطعة من القماش ثم أنير بالفانوس، ثم بالتريك، ثم بمصابيح الإنارة بعد أن وصلت الكهرباء إلى القرى. قرى الشعراء من جهته يشير صالح القحطاني أحد شباب القرى إلى أن هنالك عددًا من الشعراء سواء من جيل كبار السن أو من بعض الشباب الذين ولدوا في هذه القرى، حيث إن الشعر فن له الكثير من هواته ومحبوه، ونادرًا ما تخلو جلسة من جلسات الشباب إلا وتكون المسامرة الشعرية أهم مكوناتها، مضيفا أن هنالك العديد من الشعراء من كبار السن كذلك، والذين توارثوه عن آبائهم وأجدادهم، إضافة إلى أن هنالك قصائد موغلة في القدم تتناقلها الأجيال فيما بينهم. تجارة الماشية وأشار علي محمد آل يحيى، من كبار السن في تلك القرى، إلى أن هنالك تاريخا قديما لقرى تمنية وكانوا قديما يشتغلون بزراعة المحاصيل كالذرة وأنواع الحبوب المختلفة، إلا أنه في الوقت الحاضر اتجه آخرون إلى زراعة الخضراوات بأنواعها، مضيفًا أن الأهالي كانوا يتاجرون في الماشية سابقًا، حيث يقومون بالتجوال بها إلى قرى منطقة جازان وأسواق عسير الشعبية الأخرى، مضيفًا أن العادات والتقاليد لا تزال موجودة بين أهالي تلك القرى.