أديب وإعلامي فلسطيني ينحدر من بلدة عرابة في محافظة جنين والتي وُلد فيها في 21 يناير عام 1972، حيث نشأ وتربّى ودرس حتى أنهى دراسته الثانوية، وسافر لروسيا لمتابعة تعليمه الجامعي، ولكنه عاد بعد عامين والتحق بجامعة بيرزيت ليدرس التاريخ والعلوم السياسية. الإعلامي محمد أبو عبيد الذي تعرّض للاعتقال الإسرائيلي مرتين، هو إعلامي متعدد المواهب والاهتمامات، فإلى جانب تقديم الأخبار والبرامج، يكتب الشعر، وأقام معرضًا للخط العربي، كما مثّل على خشبة مسرح جامعته بيرزيت ثلاث مسرحيات خلال فترة دراسته، وهو يهتم باللغة العربية كثيرًا، شاعره الأول المتنبي، يكتب الشعر ويستعد لطرح ديوان شعره الأول. واطلق مؤخرًا حملته: «يوم الفصحى»، ومن هنا نبدأ حوارنا معه. * أرى كلَّ يومٍ بالجَرائِدِ مَزْلَقًا مِنَ القبرِ يدنينِي بغيرِ أناة ِ وأسمَعُ للكُتّابِ في مِصرَ ضَجّة فأعلَمُ أنّ الصَّائحِين نُعاتي لو رأى حال لغة الضاد اليوم، ماذا عساه أن يقول؟ - هو بالضبط كحال من يرى صحة أمه تتدهور على سرير المستشفى وهو يشاهدها فقط، أو يشارك في الإساءة لصحتها، فمن المؤسف أن أرى لغتنا العربية التي وسعت كل شيء، وفوق كل ذلك خصّ الله بها القرأن الكريم فأنزله بلسان عربي مبين، أراها تُهمّش من قبل البعض، وعندما أقول البعض، فلا أقصد فقط الأفراد، إنما مؤسسات ووسائل إعلامية، وحتى بلديات. إن كثيرًا من العرب اليوم يرتكبون المجازر بحق لغتهم، وتصبح الطامة أكبر حين تُرتكب هذه المجازر وهذا التنكيل من قبل من باتوا يسمون أنفسهم إعلاميين وهم لا يجيدون من الإملاء إلا أقله، ورغم كل ذلك يبقى قلبي مطمئنًا بعض الشيء ما دمت أرى الغيورين والحريصين على لغتنا العربية يرفعون أصواتهم عاليًا في سبيل درء أي خطر عنها. * أَيهجُرنِي قومِي عفا الله عنهمُ إلى لغة ٍ لمْ تتّصلِ برواة سَرَتْ لُوثَةُ الافْرَنجِ فيها كمَا سَرَى لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ هل هجرت الفصحى اليوم حقًا؟. وهل انت خائف عليها؟ - هجرت ولم تهجر وسأفسر ذلك.. هجرت من حيث أحاديثنا اليومية وبرامجنا الترفيهية ولم تهجر بعد في المطبوعات والمنشورات والنشرات الإخبارية وبعض البرامج الثقافية والمنتديات والحوارات، ولن أكون مغاليًا فأطالب الناس أن يتحدثوا بها في حياتهم اليومية لأنه كي تطاع فأطلب المستطاع، وأدرك أنه سيكون طلبًا مثل «عشم إبليس في الجنة»، لكن الحديث هنا عن المقامات التي يجب أن تُستخدم فيها الفصحى وهي التي ذكرتها آنفً، فلا يُعقل أن يسمي أحدهم نفسه شاعرًا أو روائيًا أو كاتبًا ويقترف الأخطاء التي يجب ألا يقع فيها، ولا أقول هنا إن كلا منهم يجب أن يكون سيبويه أو فقيها لغويًا، لكن هناك مستوى لغوي يجب أن لا يضمحل عنه من يشكل جزءا من نسيج هذه المقامات التي ذكرتها. وأما إن كنت خائفًا، نعم خائف وقلق، فحتى على مستوى «اليافطات» في الشوارع أرى أخطاء فادحة لا يقع فيها ابن الصف الابتدائي المجتهد، ولو لم أكن خائفًا لما فجّرتُ ربيعًا لغويًا عبر شبكات التواصل الاجتماعي. * متى نشأت فكرة حملة التحدث بالفصحى، وما الأسباب والدوافع؟ - الفكرة تراودني منذ ردح من الزمن، لكن الفعل جاء قبل أيام من تحديد موعد للتحدث بالفصحى والذي خصّصت له يوم الأول من أغسطس الذي صادف 13 رمضان، والأسباب والدوافع كثيرة ومنها ما ذكرته في سياق إجاباتي السالفة، لكن ما زاد من حمأتي هو ما أراه من خطايا لغوية وإملائية من قبل مستخدمي شبكات التواصل الإجتماعي العرب، فمنهم من لا يفرّق، مثلًا، بين النون والتنوين، وتخيّل أن عبارة «إن شاء الله» التي تكاد تكون أكثر العبارات ترديدًا على ألسننا يخطىء بها عرب ومسلمون كثر فيكتبونها «إنشاء الله».. هذه كارثة لغوية، وهناك من يكتب «يا رب» أو «إرحمني يا الله» بالأحرف اللاتينية وتكون الأحرف العربية متوفرة على لوحة مفاتيح الأحرف في جهازه، وأنا هنا أعفي من لا يملك الأحرف العربية من اللوم خصوصًا من يعيشون في الغرب، بل أحييهم إن كتبوا كلاما عربيًا وإن جاء بالأحرف اللاتينية فعلى الأقل أرادوا التحدث بالعربية بالإمكانات الموجودة، لكن اللوم على من يمتلك كل مقومات التحدث والكتابة باللغة العربية، ولذلك جاءت مبادرتي اللغوية. * بادرة رائعة ما قمت به، فهل أنت راض حتى الآن ولو بشكل نسبي عن التفاعل معها والصدى الذي حظيت به؟ - لا تتخيّل حجم التفاعل الذي لاقته مبادرتي والذي فاق كل توقعاتي وتوقعات الكثيرين، فقد حسبتها ستنتشر فقط بين من يصادقني على تويتر والفيسبوك، وإذ بها تتخطى ذلك لتصل الكثير من العرب في كل أصقاع العرب، والمفرح أنها لاقت صدى إعلاميًا فكتبت عنها بعض وسائل الإعلام كما فعلت جريدة «المدينة « من خلال هذا الحوار، ولذلك أنا راض بشكل يربو على النسبي وكلي غبطة على ما حظيت به هذه المبادرة من اهتمام. * ماذا بعد حملة الفصحى؟ - حملة بل حملات للفصحى أيضًا وسأواصل درب الكفاح اللغوي لإني اعتبر نفسي لاجئًا لغويًا. * وما جديدكم أدبيًا وإعلاميًا؟ - حاليًا لا جديد.. لكن قلتها عندما دخلت عقدي الخامس من العمر قبل 8 أشهر حيث صار عمري أربعين، قلت حينها إن عقدي الخامس سيكون عقدي الأدبي والفكري، لذلك أعدكم أن تكون لي مؤلفات متواضعة في المكتبات.