أفهم أن يكون لعلماء الدين الكبار مريدون، وأتفهم أن يكون هناك أتباع لرجال الدين البارزين الذين أنجزوا من خلال اجتهاداتهم ومؤلفاتهم وبحوثهم، الشيء الكثير.. أما أن يكون للوعاظ الذين يطلقون على أنفسهم لقب (دعاة) جماهير ينظرون إليهم ويتعاملون معهم كما يتعامل جماهير الرياضة والفن مع نجومهم المفضلين، فهذا ما لا أفهمه ولا أتفهمه ولا يمكن أن أبلعه. لست أتحدث هنا عن صور بعض الوعاظ التي يتناقلها المعجبون أو تلك التي يضعونها على صدر صفحات ملفاتهم وحساباتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي كتويتر وفيس بوك.. كما أنني لا أتحدث عن مقاطع اليوتيوب التي يتفنن البعض في صنعها ويشاهدها ملايين الأشخاص من المعجبين بالواعظ الذي يظهر أحيانا وهو يلتقط صورة بالزي العسكري، أو أخرى وهو يتحدث في إحدى الندوات، أو ثالثة وهو مستلق على سرير العمليات بالمستشفى، أو رابعة وهو يصلي. أنا أتحدث اليوم عن ظاهرة التعصب للوعاظ والحديث عنهم كما لو كانوا معصومين ولا يقعون في الخطأ. وهو الشيء الذي يصطدم به أي كاتب أو صحفي أو صاحب رأي يتعرض بالنقد لأحد المقولات التي تصدر عن بعض هؤلاء الوعاظ. إن انتقاد الأشخاص أمر مشروع ومباح حسب كل الشرائع والقوانين طالما لم يدخل في نطاق الشتم والسب العلني. أما نقد الأفكار وعرضها للمناقشة ومعارضتها بما يختلف معها، فهو واجب يقع على عاتق كل ذي عقل سليم. النقد وكذلك الانتقاد طالما التزم بالحدود والآداب المرعية، هو حق لكل إنسان، وحرمان أي شخص منه بحجة أن فلان أعلم أو أدرى أو صاحب اختصاص، هو نوع من التحايل لمنح الحصانة والعصمة للأشخاص. في الإسلام ليس هناك ما هو مقدس سوى كلام الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أما الآخرون فيؤخذ منهم ويرد عليهم جميعا كما هو وارد في المقولة الشهيرة. الشيء الذي لا أجد له تفسيرا منطقيا أو مبررا مقنعا هو أن غيرة بعض جماهير الوعاظ على نجومهم تتجاوز أحيانا غيرتهم على المقدسات نفسها.. وإلا فما هو تفسيركم لحملة الدفاع التي أطلقها جمهور أحد الوعاظ عندما تورط نجمهم المفضل وقال ما معناه: إن رسول الهدى صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه قد يكون قد باع الخمر في الجاهلية؟! لا ولاء بالمطلق إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم. [email protected] [email protected]