سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سايكس بيكو جديدة يا مسلمون حين استنفد المشروع القومي أهدافه، بدأ المنظر الغربي يبحث صيغة سياسية جديدة تحكم منطقتنا، ترتكز على مفاهيم الدولة الطائفية والعرقية
في عام 1854م، وفي مؤتمر بطرس بيرج أطلق الأوروبيون على الدولة العثمانية لقب الرجل المريض، إيذانًا ببدء عمليات القضم لأراضيها، واحتلال العديد من المناطق العربية والإسلامية التابعة لها، وكانت فرنسا وبريطانيا قد سبقت المؤتمر باحتلال الجزائر سنة 1830م، وعدن سنة 1839م، ثم توالى الأمر فاحتلت فرنساتونس سنة 1880م، واحتلت بريطانيا مصر سنة 1882م، ناهيك عن سيطرة القيصرية الروسية على مناطق متعددة على البحر الأسود، وأوروبا الشرقية، واستمر الحال في التدهور حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى، وانتصار البريطانيين والفرنسيين بمساعدة أمريكية على الحلف الألماني العثماني، فعقد المنتصرون اجتماعهم في مؤتمر سان ريمو بفرنسا سنة 1918م، لتوثيق اتفاقية سايكس بيكو، وتصديق ما تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى بين ممثلي بريطانيا وفرنسا سنة 1916م، الذي تقاسم فيه الطرفان الأراضي العربية التابعة للعثمانيين، وبدأوا بتشكيل خريطة العرب السياسية المعروفة حاليًّا بتقسيماتها العرقية والطائفية. كان ذلك إيذانًا بنهاية حقبة الدولة القائمة على مفهوم الإخاء الديني، وبداية نمو الدولة القومية في منطقتنا العربية، التي احتشد لها بمباركة غربية، عديد من المنظرين والأدباء والشعراء والفنانين -بوعي وبغيره- لتشكيل ملامحها، وتدعيم كيانها خلال مجمل عقود القرن الماضي، حتى إذا استنفد المشروع كل أهدافه، وحقق مراميه الكاملة، بفصل العرب ثقافيًّا عن عمقهم الديني الإسلامي، ثم تفتيت الأمة العربية إلى وحدات متصارعة مأزومة، وفي مقابل ذلك توفير السلام والأمن للكيان الصهيوني المستفيد الأكبر من كل ذلك، حيث اقتصر الصراع معها على العرب دونًا عن المسلمين، ثم اقتصر الصراع على دول الطوق دونًَا عن البقية، ثم اقتصر الصراع على الفلسطينيين دونًا عن غيرهم، وصولاً إلى ما نعيشه من تشرذم غير مسبوق، حيث أصبح الصراع قاصرًا على فئات وأحزاب معينة من الفلسطينيين دونًا عن غيرهم، والأسوأ أنه قد بات من الطبيعي أن نشهد ونسمع بين ظهرانينا مَن يدافع عن حق الإسرائيليين في العيش، والتمدد، وحكم أرضهم التاريخية التوراتية، أعود وأقول: حين استنفد المشروع القومي كل أهدافه، بدأ المنظر الغربي في بحث صيغة سياسية جديدة تحكم منطقتنا، ترتكز على مفاهيم الدولة الطائفية والعرقية، وليس صعبًا عليهم الترويج لتحقيق ذلك سياسيًّا وإعلاميًّا واقتصاديًّا، وعسكريًّا لو اقتضى الأمر، لاسيما وأن أمتنا قد باتت مجهزة للقبول بحيثيات الخارطة الجديدة، جراء تهيئتهم بجرعة مكثفة طوال عقدين وافيين من الشحن الطائفي والعرقي البغيض. كل ذلك يجعلني متيقنًا أننا على مشارف خارطة سياسية جديدة، يتم التحضير لها خارج سلطتنا ووعينا، فهل من سبيل حقيقي لتفادي شر ما يخططه الغرب الصهيوني لنا؟!. [email protected] [email protected]