أمر الله تعالى بترتيل القرآن حتى يتمكن الخاطر من التأمل في الآيات ودقائقها فقال تعالى: ((ورتل القرآن ترتيلا)) المزمل: 4، والترتيل مأخوذ من اتّساق الشيء وانتظامه على استقامة، وهو: إرسال الكلمة من الفم بسهولة واستقامة. والترتيل في القراءة هو: التأني فيها والتمهل، وتبيين وإظهار الحروف والحركات، تشبيها بالثغر المرتل الذي ليس بين ثناياه افتراق كبير، فيقرأه على تمهل؛ فذلك عون على فهم القرآن وتدبره، وهو المطلوب من قراءة القرآن، ويكون بالتعلم والدرس. ومن ثمار ترتيل القرآن الكريم حصول التدبر والتفكر، وتحريك القلوب به، والتعبد بآياته قال الله تعالى: ((كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب)): 29، وفهم المعاني، وإفهام الغير، وإذا قرأها بسرعة لم يفهم ولم يفهم، فلذا الترتيل أولى. وبالترتيل يحصل عند ذكر اللّه استشعار عظمته وجلالته، وعند الوعد والوعيد يحصل الرجاء والخوف، وحينئذ يستنير القلب ويحصل المقصود. وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ بترتيل امتثالًا لأمر الله تعالى، فعَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا. رواه مسلم. وسُئِلَ أَنَسٌ رضي الله عنه كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: كَانَتْ مَدًّا، ثُمَّ قَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، يَمُدُّ بِبِسْمِ اللهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ. رواه البخاري. تفسير د. عبدالله بافرج