أشعل نسيم البحر في جازان، وجزر فرسان عقول أهلها شعرًا وأدبًا وأخلاقًا، إضافة إلى سحر وديانها وجبالها ووهادها، حيث وُلدت كلمات أدبية رفيعة حتى أنك تعتقد وأنت تَتَبَّع تاريخ جازان الغالية أنها: منبع الأدب (شعرًا ونثرًا)، فالشاعرُ من جازان، والقاصُّ من جازان، والصحفيُّ (نسبة إلى الصُحُف) من جازان، والإبداع من جازان، بل والحب من جازان!! وكذا تبهرك عند تتبّع المعالم التاريخية وتنوّعها، كما تُعدُّ جازان من أفضل المناطق في المملكة سياحيًّا في ما لو هُيّئت الوسائل المناسبة لتوظيف مناطق سياحية بها، ولاسيما المناطق الجبلية، والجزر اللافتة للنظر، سواء جزيرة فرسان، أو عشرات جزر حولها. وتتناثر على أرضها مجموعة كبيرة من المدن والقرى الكبيرة، إضافة إلى عشرات القرى الصغيرة التي توجد في السهل الساحلي، والسهول الزراعية، وعلى قمم الجبال في المنطقة، وتشتهر منطقة جازان بوفرة أسماكها وأنواعها، كما تشتهر بزراعة الذرة، والخضار، والفواكه، ومنها المانجو، والتين. وجازان هو النطق الصحيح لهذه المدينة، ولكنّ الناس تعارفوا على نطقه جيزان، مع أن الاسمين هما لمسمّى واحد، ولقد ورد ذكر جازان في حديث شريف صحيح أورده يحيى بن آدم في كتابه "الخراج" فقال: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني أحب الجهاد والهجرة، وأنا في حال لا يصلحه غيري، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يألَتَكَ الله (أي: لن ينقصك الله) من عملك شيئًا ولو كنت بضمد وجازان". ويعتبر تاريخ جازان موغلاً في القدم، إذ وجدت دلائل استيطان تعود إلى فترة العصر الحجري القديم. وقد عرفت منطقة جازان قديمًا باسم "المخلاف السليماني" نسبة إلى أحد أمرائها وهو سليمان بن طرف الحكمي من أهل النصف الثاني للقرن الرابع الهجري. ومعنى المخلاف هو المنطقة أو المقاطعة، وقد كان لموقع جازان كممر للقوافل من جهة، وكميناء على البحر الأحمر من جهة أخرى أثره في تفاعلها مع الأحداث التاريخية التي مرت بها قبل الإسلام وبعده. وتعتبر جازان همزة الوصل بين الحجاز شمالاً، واليمن جنوبًا، وكانت قريش تسلك هذا الطريق في رحلة الشتاء إلى اليمن والحبشة. وتقع منطقة جازان في أقصى الجنوب الغربي من المملكة العربية السعودية بين بلاد اليمن والحجاز، جعل منها معبرًا لطرق التجارة، ثم الحج في العصر الإسلامي، وحاليًّا تحدها منطقة عسير من الشمال والشمال الشرقي، كما يحدّها من الشرق والجنوب الجمهورية اليمنية، ويحدها من الغرب البحر الأحمر. وتتكون جازان من مجموعة من المحافظات وهي: صبيا، وأبو عريش، وصامطة، والحرث، وضمد، والريث، وبيش، وفرسان، والدائر، وأحد المسارحة، والعيدابي، والعارضة، والقياس، والطوال، فيفا، هروب، وكل محافظة من المحافظات يتبعها عدد من المراكز الإدارية. إن جازان قطعة نفيسة من الوطن الغالي، ورمز للأدب والحب والشعر.. ومستقبل السياحة في الوطن الحبيب.