مع بدء العد التنازلي لشهر رمضان المبارك.. تثور التساؤلات الموسمية حول كيفية استغلال شهر رمضان المبارك، وتحويله إلى أيام للعبادة والتقرب إلى الله تعالى بالطيبات، والبُعد عن المنكرات.. فكيف نجعله شهرًا للمكرمات والفضائل، شهرًا للطاعة والأنس بالله، شهرًا للذكريات الجميلة والساعات العذبة واللحظات الباسمة الباسقة بعيدًا عن الملهيات وكافة ما يشغل عن الذكر؟ بداية أوضح الداعية المعروف الدكتور محمد الدويش أن هناك أمورًا يفترض على الوالد حث أهله عليها كالحرص على قراءة القرآن ومساعدة الفقراء والمساكين، وعدم إهدار الوقت في المسلسلات الرمضانية أو السهر خارج المنزل، وأشار إلى أن على أئمة المساجد حث الأهل على قراءة القرآن ومحاولة ختمه والتدبر في قراءته، إضافة قراءة السيرة النبوية، مع تعريفهم ببعض المواقع الإسلامية ومشاهدة بعض أفلام الفيديو الهادفة، والتي يتم يمكن شرائها من خلال التسجيلات الإسلامية، مع سماع الأشرطة المفيدة والمواظبة على الدروس والمحاضرات الإسلامية. ليست حكرًا ونوه الدويش على المشاركة في بعض الأعمال الدعوية النسائية القائمة لخدمة الإسلام باعتبارها ليست حكرًا على الرجال، كالقيام بزيارة الجمعيات الخيرية النسائية والمستشفيات والمساهمة في أنشطتهما أمكن وصلة الرحم، وقراءة كتاب مناسب مع الأهل أو تفسير آية قرآنية، أو سرد القصص المسلية والمفيدة للأطفال. وطالب الدويش بضرورة تفعيل دور المسابقات الرمضانية في المساجد وإقامة مسابقات حائطية يومية مع التجديد والابتكار فيها سواءً في أسلوب عرضها أو إلقائها ورصد جوائز لها والسحب عليها يوميًّا بعد صلاة المغرب مثلًا، عن طريق أحد الأطفال كما هو مشاهد ومعروف في كثير من المسابقات. من جانبه أوضحت التربوية الداعية إبتسام أكبر أهمية استغلال شهر القرآن لعظمته والذي قال فيه الله تعالى:(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). وأشارت إلى انه لم يبق سوى أيام معدودات على شهر الرحمة والغفران والطاعة والفوز بالجنان، فبقدوم هذا الشهر المبارك تفرح القلوب، وتدمع الأعين لرؤية شهر انتظره المؤمنون شهورًا لعمل الخيرات وترك المنكرات والسلوكيات الخاطئة كالسفور والتبرج والسب والشتم والغيبة والنميمة، وعدم مساعدة الفقراء، والنوم طوال اليوم حتى موعد الإفطار. تنظيم الجدول ونصحت ابتسام الصائمين باستغلال الشهر الكريم في العطف على الفقراء والتراحم والتكافل والتقرب إلى الله تعالى بالعبادات، وعدم إضاعة الشهر في المسلسلات البالية، والمشي في الأسواق باعتبار انه شهر طاعة وعبادة ومحبة وإخاء. وأضافت: «نظم جدولك في رمضان واستغل وقتك بما يفيدك ويفيد مجتمعك.. كن أنت سببًا لتغير ذاتك ثم غير بعدها من أردت.. كن بصمة تحول وتغير في حياة غيرك أصنع من نفسك قدوة أمام أبنائك، لا تفسد جو السكينة والإيمان بعد الإفطار بالسب، أو النميمة، أو الشتائم، أو بمتابعة المسلسلات التي لا تجلب النفع، أو بالخروج إلى الأسواق. وأشارت إلى أن الحياة قصيرة، وهناك من قبض الله أرواحهم ولم يهنأوا برمضان فهم يتمنون تحت التراب لو أن يعودوا ولو قليلاً للحياة، وعلى من قدر لهم شهادة هذا الشهر الكريم حمد الله تعالى على النعمة المبادرة في طاعته، ويجعل شعاره في رمضان (أني اتخذ رمضان نقطة للتغير). حلاوة الإيمان من جانبه أوضح الدكتور محمد عبدالهادي بأن حلاوة الإيمان في شهر رمضان لا يحسها، ولا يدرك نكهتها إلاّ مَن ذاقها وعرفها، وكما قيل: «مَن ذاق عرف»، وهي حلاوة يغترف منها العقل والجَنان، ويعترف بها اللسان والأركان، حيث قال تعالى: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّه)، وعنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا». وضرب مثلا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يَكْرَهَ الْعَبْدُ أَنْ يَرْجِعَ عَنِ الإِسْلاَمِ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ، وَأَنْ يُحِبَّ الْعَبْدُ الْعَبْدَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ، عَزَّ وَجَلَّ). واسترسل عبدالهادي بقصة زوج كان غاضبًا على زوجته، فقال لها متوعدًا: والله لأشُقِينَّك.. فقالت الزوجة: إنك لا تستطيع أن تشقيني، كما أنك لا تملك أن تسعدني.. فقال لها: وكيف لا أستطيع؟ فقالت: لو كانت السعادة في مال لقطعته عني، أو في زينة أو حلي لأخذته مني، ولكنها في شيءٍ لا تملكه أنت، ولا الناس أجمعون.. فقال لها في دهشة: وما هو؟ فقالت: إني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان له عليه غير ربي».