يود المرء أن ينقل دوما ما يريد للآخرين وفقا لإرادته ونواياه غير أنه ما يلبث أن يقع في محاذير القول بغير القصد والمعنى الذي أراده بالضبط فكلماته الكثيرة قد تجاوزت الأفكار التي أراد التعبير عنها إلى المعاني التي غلّفها شكل الكلمات التي نطق بها لسانه إلى من يتحدث إليهم وسطرتها أنامله لمن كتب لهم ..وإن أساليب الإنسان في الحديث والتواصل مع الآخرين هي حصيلة طبعه وتكوينه الثقافي والمعرفى والتربوي فإذا لم يحمل رصيدا من ذلك خانته العبارات فأساء الاتصال وهو قد لا يشعر قط بأي مشكلة فيما يريد أن يوصله إلى الآخرين بشكل واضح لأنه يحكم على ما يدور في خلده وتعتقده نفسه ولا يعبأ بما شعر به الآخر أو كيف تفاعل معه !! وتلك هي المشكلة التي تواجه الدارس لعلم الاتصال الحديث إذ أن تحليل المواقف والدوافع وأساليب الاتصال ونقل المعلومات والبيانات والأفكار للآخرين محفوفة بكثير من المحاذير والعيوب والمشكلات التي تؤدي إلى نتيجة (سوء أو ضعف أو تشويش الاتصال)سواء في الحياة العامة العملية والاجتماعية أو الحياة الأسرية الخاصة فشعورنا وتفاعلنا بالآخر ومعه من حولنا يعتمد بشكل كبير على الانطباع التراكمي للمعاملات والاتصالات اليومية التي تتكون خلاله وأي توتر أو ضعف أو تشويش للاتصال فيما بيننا وبينه سوف يؤثر سلباً على علاقتنا معه ونجاحنا في التواصل معه ..، ونحن نرسل دوماً في اتصالنا بالآخرين إشارات تظهر من خلال أساليبنا في الحديث (سرعة الكلام / ارتفاع نبرة الصوت/اختيار الكلمات..تبادل النظرات )وهي عناصر مهمة في نجاح الاتصال وتحقيق أهدافه أو فشله مهما كانت محصلة النوايا الحسنة في نفوسنا .فسوء الفهم يربك ويعقّد ويوّتر اتصالنا بالآخرين.. فالصراحة على سبيل المثال- أكثر من اللازم مع من لم يعتد المواجهة توتر العلاقة معه ونحن لا ننتقد الصراحة كأسلوب مندوب إليه ولكننا ندعو إلى تغليف كلماتها ( بسولوفان ) التهذيب والدبلوماسية التي تحملها بكل الحب والقبول للآخر دون إساءة فتحقق هدفنا منها..، ولذلك ركز خبراء الاتصال على أهمية الأساليب لتطوير الأنماط التقليدية في الحوار..، فالكلام / الاتصال هو السبيل الرئيس لإقامة العلاقات مع الآخرين والمحافظة عليها فضلاً عن أهمية نبرة الصوت ولغة الجسد في تأثير الرسالة الاتصالية وفهمها عند الأخر ونجاح استقباله لها بكل الوضوح والقبول والفهم لتحقيق هدف اتصالنا به..، إذن فأسلوبنا في الحديث والاتصال بالآخرين لابد أن يخضع للعديد من الدراسة والتحليل والتدريب في سبيل الوصول إلى أفضل الأنماط الحوارية التي تحقق أهدافنا في الحياة العامة منها والخاصة وهي أدوات ومهارات من السهل اكتسابها وتعلمها والتدريب عليها وعدم المكابرة بإدعاء الفهم والقدرة والمهارات الفطرية التي نملكها ونستمر عليها على مدار سنوات عمرنا..، وهناك العديد من التوصيات والنصائح التي تساهم في تحقيق التغيير الايجابي في وسائل وأساليب اتصالنا ولعل من المهم في هذا الصدد إلى جانب التركيز بالطبع على لغة الجسد ونبرة ومستوى الصوت الذي يصاحب تفاعلنا واتصالنا بالأخر . * أن نهتم بما قلّ ودلّ وحقق وصول الرسالة الاتصالية دون إسهاب واستطراد يوقعنا في الخطأ و يوقع الآخر في دائرة التشويش وضعف الاتصال.. أن نقول الحقيقة وكما سبق مغلّفة بالتهذيب ونذكر ما له صلة بالموضوع فحسب ولا نكثر التفريع أن نسلك الوضوح مع الأخذ في الاعتبار اختلاف المعايير فيما هو ضروري من عدمه بين إنسان وأخر. وبمعنى آخر دراسة ومعرفة أنماط الشخصيات التي نتعامل أو نتواصل معها.. لابد من قواعد تحدّد دوافع الأدب في الحديث لتعديل وتهذيب ما نقول ألا نتطفل على الآخرين فنحافظ على مسافة بيننا وبين الآخر مع أهمية إعطاء الخيارات له لمنحه فرصة للرأي واحترام ذلك الرأي. أن نحافظ على الود والاحترام حتى نشبع حاجات الآخرين في الاتصال بنا... لا نكثر اللوم والانتقاد لمن حولنا حتى لا نفقد لغة الحوار معهم. دوحة الشعر... جاوزت في اللوّم حدّا ليس مرتقبا وعندك الذنب لا ينسى ويغتفر [email protected]