الشبه كبير بين المتهم بإصابة تستدعي دخوله غرفة العمليات والمعتل بجريمة ما تقتضي احتجازه على ذمة التحقيق ، فمن أساليب الضغط التي تمارسها بعض الدول على المتهم لينهار ويعترف بجريمته حبسه في سجن ضيق و صب الماء على رأسه كل نصف ساعة لئلا يستطيع النوم، تمهيدا لحضور المحققين في الصباح ليقف أمامهم و قد (استوى ) فلا يجد في أعصابه ما يدعم صموده و التزامه الصمت أو الإنكار لأن كل ما يتمناه أرض جافة للنوم قليلا، أما المعتل الذي ساقه المرض للمستشفيات و قد (استوى) هو الآخر على نار البحث عن سرير سنوات طوالا. وحين وضع على السرير يتحسسه ولا يكاد يصدق (أخيراااااا سرير أخيرااااااا ) ومنذ أول ليلة يجرب فيها النوم على سرير المستشفى و يضع رأسه فإذا بالوسادة تتزحلق و تنزلق باتجاه قدميه ليبدأ مفاوضتها و محاولة إقناعها بأن عملها هو تحت الرأس فيداهمه النوم قاطعا نقاشه البيزنطي مع الوسادة وما أن تنتظم أنفاسه إلا و يدفع الباب المحقق الأول ( الممرضة ) تضيء الإضاءة الرئيسة قائلة : «يالله يالله قوم أنا أشوف هرارة وضغط «، و تدفع العربة لتصطدم بالسرير فيفزع المسكين و يرتفع الضغط ، فتهزئه الممرضة على سماحه للضغط بالارتفاع وتهدده بسحب السرير و تأجيل العملية إن بقي ضغطه مرتفعا ، تجر عربتها خارجة و تغلق الباب ، فيعاود البحث عن النوم تحت الوسادة فتتدحرج ثانية باتجاه قدميه ، وبعد عناء تنتظم الأنفاس و تنطلق أولى همسات الشخير ، ليدفع محقق النظافة الباب ثانية بعنف و يشعل الإضاءة ، فيمسح الأرض و يزيل آثار النعاس ، يغادر و تبدأ محاولات النوم ثالثة و بعد عناء طويل يخر كالمغشي عليه و يشخر بغضب و حنق ، فيفتح الباب و يصطدم بالحائط ، يصحو المتهم مرعوبا و إذا بمحققين أمام الباب و يجران عربة البياضات و اللحف ، فيأمرانه بمغادرة السرير: « اش هزا نوم نوم امشي شوية ووك ووك « فيغبنه البهتان و يرمي جسده المنهك و ضغطه المتصاعد على الكرسي الوحيد في الغرفة ، لحين انتهائهما من تغيير الفرش ، يغادران فيجري نحو النافذة لإقناع النوم بعدم رمي نفسه ، يمسك به :» أرجوك تعال ، كنت أنام و أحلم بالسرير و حين حضر السرير تغادرني أنت ، لا تذهب ما فائدة السرير تعال نصف ساعة فقط أرجوك :» و يتمنع النوم و يتدلل قبل أن يصطحبه للسرير متثاقلا، ليختبئ ثانية فيبدأ البحث عنه تحت المرتبة و فوق اللحاف و بين ريش الوسادة ، و الضغط يتصاعد لقمة الجبل ، فيتعاطف النوم معه و يتصدق عليه بشخرة ( على الطاير ) ما أن يقترفها إلا و يطرق الباب محقق التغذية حاملا صينية الإفطار إليه ( يارب لا أظن ثمة دلال أكبر من هذا ) فيشعر بشيء يدفعه ليرمي الصينية بالممر صارخا : لا أريد عملية لا أريد سريرا ، دعوني أنااااااااااااام فقط! و هكذا يلقنك المحققون درسا لا تنساه إن فكرت بالمطالبة بسرير في مستشفى أو حلمت به ، اعلم إن هذا مآلك ولا تقدم على هذه الجريمة البشعة إلا و أنت متحمل لكل تبعاتها . [email protected]