ما ذكرته صحيفة "الجارديان" البريطانية أمس استنادًا إلى مصادر إخبارية بأن بريطانيا والولايات المتحدة على استعداد لتقديم عفو للرئيس السوري، بشار الأسد، وذلك في أعقاب ما تردد عن موافقة موسكو على مشروع اقتراح يحث الأسد على التنحي من خلال عقد مؤتمر دولي برعاية الأممالمتحدة لبحث التحول السياسي في سوريا من أجل إفساح الطريق لحكومة وحدة وطنية، ما ذكر بهذا الشأن ينطوي على قدر كبير من الأهمية. فسواءً أكانت تلك المبادرة محاولة لإنعاش خطة عنان الخاصة بحل الأزمة السورية التي أجمعت كافة الأطراف الدولية على فشلها وحيث يعتبر دخول البلاد مرحلة الحرب الأهلية بالرغم من تواجد بعثة المراقبين الدوليين في سوريا منذ بضعة أسابيع الدليل الدامغ على فشلها، أو كانت لأي أسباب أخرى، فإن هنالك ما يدعو إلى التخوف من أن يكون حل الأزمة السورية على هذا النسق ضمن صفقة ثلاثية بين واشنطن ولندن وموسكو لا تستند في عناصرها على البعد الإنساني الذي يشكل البعد الأساس في الأزمة في ظل الحقيقة الماثلة التي لمسها العالم كله ووقف على مشاهدها الدموية من خلال مذابح النظام ضد شعبه، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن المبادرة الجديدة لم تأتِ من فراغ، وإنما بعد أن تلقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون التشجيع من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في محادثات ثنائية منفصلة على هامش قمة G20 التي عقدت مؤخرًا في المكسيك على عقد المؤتمر الذي تقرر عقده فعليًا غدًا (السبت). إنّ سعيَ المجتمع الدولي لإنهاء العنف ووقف نزيف الدم السوري هو بلا شك هدف نبيل ولا يمكن أن يختلف حوله اثنان، لكن هذا الهدف لا ينبغي أن يتم من خلال صفقات تتخذ طابعًا استثماريًا للأزمة، لأن مجردَ الحديث عن إمكانية منح الدول الكبرى عفوًا لسفاح سوريا يعتبر بمثابة جريمة أخرى في حق الشعب السوري، كما أنه يخل بأسس القانون الدولي، إلى جانب مما هو معروف بأنّ جرائم الإبادة الجماعية غير قابلة للعفو ولا تسقط بالتقادم، وأن الشعب السوري وحده هو الذي يملك حق العفو أو القصاص من السفاح الذي أهدر دمه.