في هذا الجزء من الحوار يطرح الدكتور أحمد عاشور رأيه في خريجي المعاهد الصحية ومدى كفاءتهم، كما يشير إلى تأخر تطبيق البطاقة الصحية الإلكترونية، والتي قال إنه طرحها وطبقها أثناء إدارته لمستشفى الملك فهد قبل نحو 28 عامًا.. وأوضح أنه لم يكن يخالف اللوائح والتعليمات حبًا في المخالفة، وإنما طموحًا في الأفضل، مشيرًا إلى أن بعض الأنظمة والتعليمات في وزارة الصحة غير قابلة للتطبيق. ونافيا اتهامه بأن علاقاته الوثيقة بالمسؤولين هي ما سندته في تلك التجاوزات، قائلًا إنه جرأته نابعة من صواب تصرفه.. وفيما يلي نستكمل الحوار: بالانتقال إلى الحاضر.. ما هو برأيك السبب خلف مشكلة توظيف حملة الدبلومات الصحية؟ - عدد الخريجين الذين لا يجدون وظيفة ليس 28 ألفًا كما تثير وسائل الإعلام إنما كحد أقصي 16 ألفًا، لكن هناك طلاب ما زالوا يدرسون ولم يتخرجوا، ووزارة الصحة امتصت من هذه المعاهد 9 آلاف خريج، وللأسف أن الكثير من المعاهد الصحية أنشئت بطريقة ارتجالية وكانت مناهجها ضعيفة وغير متخصصة أو مؤهلة وعانت من عشوائية في الإشراف فأحيانا كان يشرف عليها التعليم المهني وأحيانا التعليم العالي وأحيانا وزارة الصحة، ونتيجة لكل لذلك خرجت مجموعة من الطلاب والطالبات مستواها العلمي وقدراتها مهلهلة، ولا يستطيع أحد لوم القطاع الخاص أو حتى الحكومي إن لم يوظفهم فحياة البشر ليست لعبة أو حقل تجارب، فإن لم يكونوا مؤهلين تأهيلا جيدا كيف يجبر القطاع الخاص على توظيفهم، هل نتسبب في تخرجهم بمستوى رديء ونعطيهم شهادة ثم نطالب القطاع الخاص بتوظيفهم، ولنفترض أن أحدهم أخطأ خطأ جسيما خلال عمله في القطاع الخاص فمن يتحمل المسؤولية؟ قد تغلق المنشأة وتتدهور سمعتها وأري أن القطاع الحكومي هو من يستطيع حل هذه المشكلة. لكن طلاب الدبلوم لا يوافقونك الرأي ويردون على التشكيك في مستواهم العلمي بالقول أنهم حاصلون على شهادة التخصصات الطبية الصعبة - ما رأيك؟ - القطاع الخاص والحكومي يبحث عن الأفضل والأجود لتوظيفه ولا يمكن أن يأخذ عناصر تبقي عالة ولو كانت معتمدة من التخصصات الطبية، وحسب معرفتي واطلاعي أنه يوجد بعض خريجي المعاهد الصحية لا يستطيعون فهم جملتين على بعض بالإنجليزية ويعملون في القطاع الحكومي ويعتبرون عالة عليه وعلي زملائهم، ولو كان مستواهم غير ضعيف فلماذا أوقفوا هذه المعاهد وأغلقوها. كيف كان يمكن تجنب هذه المشكلة؟ - المناهج الدراسية في المعاهد الصحية كانت لا ترقى لتخريج فني رغم أنها كانت تخرج اختصاصيين، ولتجنب هذا الضعف كان يجب تجنب الارتجالية ووضع نظام من البداية وتحديد المناهج الواجب تدريسها والتدريبات التي على الطلاب تلقيها، وأن تكون هناك لجان متخصصة تختبر الخريجين، فيجب أن تكون هناك مواصفات ومقاييس للعمل. البطاقة الإلكترونية الوزارة تسعى الآن لتطبيق البطاقة الصحية الإلكترونية؟ - تأخر تنفيذها كثيرا لكن أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تصل، ولو نفذت البطاقة الإلكترونية في السابق على مستوى المملكة لوفرت أموالا كثيرة للدولة، والعالم كله الآن يطبق هذه التقنية. لقد وضعت مشروع البطاقة الإلكترونية خلال عملي بمستشفى الولادة العام 1405ه تقريبا وكانت فكرتها مقتبسة من بعض دول الخارج التي زرتها، وكان هدفي توفير المساحات الكبيرة التي تستغرقها الملفات الطبية، وهذه البطاقة الإلكترونية سهلة الحفظ ومن الممكن إرسال المعلومات المسجلة عليها بواسطة الإنترنت، وبالمناسبة وبما أن الشيء بالشيء يذكر فنحن أول من أدخلنا خدمة الإنترنت في مستشفى الولادة، وجمعية الانترنت تأسست عندنا مع الدكتور محيى الدين معروف في العام 1406ه، وكانت البطاقة الإلكترونية مثل بطاقة الائتمان يسجل عليها معلومات المريض كاملة بما فيها صور الأشعة والتحاليل والتقارير إلي درجة تسجيل صوت ضربات القلب. وقد تم تطبيق ذلك في بعض أقسام مستشفى الولادة، لكنه ظل مقتصرا عليها ولم يتعداها إلى غيرها من المستشفىات، لأن القارئ كان غير موجود في المستشفىات الأخرى ولذلك لم يستفد منه المريض في أماكن أخرى، وبعد ذلك حاولت تطبيقه في مركز الكلي بمستشفى الملك فهد. هل اقترحت على وزارة الصحة تطبيق هذا النظام؟ - نعم لكنهم كانوا يرون أن احمد عاشور شخص مشاكس ويبحث عن اختراعات تزعجهم، وقد كتبت في هذا الصدد مقالا يوضح أن مستشفى الملك فهد كانت تسبق الوزارة في التطور بعشرين سنة. تجاوزت كثيرا تعليمات ولوائح الوزارة ومن ذلك قصة عملية زراعة الرحم والمشكلات التي لحقت بها؟ - كنت أرى أن بعض الأنظمة والتعليمات في وزارة الصحة غير قابلة للتطبيق، ولذلك لم تكن مخالفتي للتعليمات حبا في المخالفة بل لاختيار الأفضل، وكما يقول الشاعر: «ألقاه في اليم مكتوف الأيدي.. وقال إياك إياك أن تبتل بالماء»، وكمثال لهذه التعليمات عدم الكشف على مريض إلا بوجود الممرض أو الممرضة، فماذا يحدث في حالة كان عدد الممرضات قليلا مقارنة بعدد العيادات فكيف يمكن الالتزام بهذه التعليمات، وبالتالي «إذا أنت كلفتني ما لم أطق.. فقد سرني ما أساءك من خلق»، ولا خلاف بيني وبين الوزارة ولكنه اختلاف على طريقة ونظام العمل والدليل أنني كنت أقابل وأتناقش مع المسؤولين بالصحة، وفي عقيدتي أن اتخاذ القرار النهائي يجب أن يتخذه المسؤول المباشر والذي سيتحمل عواقبه، فمن بموقع إدارة العمل والتنفيذ أكثر دراية بما هو في صالح العمل وهذا هو المنهج الصحيح، فمدير المنشأة أدرى فيها وبظروفها من المسؤول الذي يجلس في الإدارة بالصحة بعيدًا. البعض يعزو تمردك إلى علاقاتك الشخصية القوية وبأنك كنت مسنودا؟ - للأسف هذا الكلام غير منطقي وغير مقبول، أنا لا أنكر ان لي علاقات قوية مع المسؤولين لكنها لم تأت نتيجة لصداقات بل جاءت نتيجة لجرأتي الكافية، فأنا عندما أرى خطأ ومسؤولو الصحة لا ينفذون الأمر الصحيح، أتوجه لشخص أكبر في المسؤولية ولديه الصلاحية الأولى، فالأنظمة وضعها بشر وتحتمل الصواب والخطأ وهناك نظام أكبر من نظام الصحة وهو نظام المصلحة العامة، ومثال ذلك انه جاءت مرحلة كانت لدينا تعليمات مشددة بعدم شراء أي شيء ولو حبة إسبرين إلا عندما يكون المبلغ محجوزا ومعتمدا وتوجد ميزانيته، بينما في فترة سابقة كان هناك مبلغ 100 ألف أو مائتين ألف تدخل ضمن صلاحيات مدير المستشفى للتصرف فيها حسب ما تقتضيه المصلحة، لشراء دواء أو جهاز ناقص، فهل لو كان لدى مدير المستشفى مريض يموت في الطوارئ وهناك نقص في مذيب الجلطات هل ينتظر حتى يموت كي تعتمد الميزانية، والله لو كانت كل الأنظمة تقول هذا الكلام لن أطبقه فالمصلحة للمريض أهم، والسبب في تمردي هو سوء النظام. وأزيد بالقول أن وزارة الصحة وأنظمتها وإدارتها للمستشفىات خاطئ مائة في المائة وعقيمة جدا وفيها هدر كبير جدا لأموال الدولة. ويكفيني استشهادا في هذا الصدد أن الشيخ محمد النويصر رئيس الديوان الملكي كان في مكتبه وزير البلديات خلال إحدى زياراتي له فقال له هذا الدكتور عاشور له 10 سنوات يحضر إلي ولم يطلب خلالها شيئا خاصا، وكثيرا ما طردت من مكاتب وزراء من أجل صالح المستشفى، حتى ان وزيرا ما طردني فذهبت للديوان الملكي ودمعتي في عيني. تطوير الخدمات ما الحل في رأيك لتطوير الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة؟ - لو افترضنا أن ميزانية وزارة الصحة تم تقسيمها على المواطنين فسيصبح لكل منهم تأمين صحي ورعاية طبية ستكون الأفضل في العالم، أما الآن فالأموال تصرف في غير مكانها. وأنا أرى أن هناك واجبات أساسية لوزارة الصحة عليها القيام فيها كالرعاية الصحية الأولية في القرى والطب الوقائي وتوفير اللقاحات والأوبئة والكوارث وهذا دورها الرئيسي. وزارة الصحة تحاول حاليا حل مشكلة نقص الأسرة عن طريق شراء الخدمة من القطاع الخاص بأن تشتري أسرة عناية مركزة، لكن كيف ينجح ذلك والمستشفىات الخاصة ذاتها لديها عجز في الأسرة. ميزانية الصحة في عهد الوزير الحجيلان كانت سبعة مليارات والآن وصلت إلى سبعين مليارا خلال الخمسة عشر عامًا الماضية، لكن هل تطورت الخدمة المقدمة إلى المواطن مقابل هذه الزيادة، أستطيع القول بأن ذلك لم يحدث، بالرغم من قوائم وزارة الصحة التي تعدد إنجازاتها، فإن أردنا تقييما أمينا للخدمات الطبية فلنسأل المريض. ما رأيك بمراكز الرعاية الصحية الأولية؟ - هي مراكز لتحويل المرضى للمستشفىات، وربما ما ذكره الدكتور زهير سباعي في أحد كتبه يعطي فكرة عما يحدث في هذه المراكز، فالدكتور يحكي بأنه دخل أحدها في المدينةالمنورة وكشف عن صدره وقال للطبيب بأنه يعاني من الكحة فسأله هل تعاني من ارتفاع في الحرارة فأجابه بلا فوصف له الطبيب ثلاث حبات مضاد حيوي فقط وشراب دون أن يكلف نفسه الكشف عليه ولو بالسماعة، ورغم ذلك فهذا الطبيب معذور فهو يضطر للكشف على خمسين مريضا يوميا في ثماني ساعات مدة دوامه فأني له إعطاء كل مريض حقه من العناية والاهتمام، ولذلك يضطر المريض للعودة للطبيب أكثر من مرة أو البحث عن مستشفى آخر، وقد اعترفت احدى المسؤولات في الشؤون الصحية بان مراكز الرعاية الصحية هي للتوقيع والتحويل للمستشفىات فقط وهذا الكلام منشور قبل 20 يوما في إحدى الجرائد. **أجريت العام الماضي عملية زراعة رحم لامرأة في تركيا ذكرت التقارير أنها الأولى على مستوى العالم.. ماذا عن موضوع زراعة الرحم بمستشفى الملك فهد العام 2002م؟ - عملية زراعة الرحم التي أجريت في مستشفى الملك فهد صحيحة وعلمية وناجحة بنسبة 100%، والدليل اعتراف الجامعات والهيئات والمراكز الطبية العالمية فيها، وقد أجريت بعدها ثلاث عمليات أخرى على مستوى العالم، ويكفينا فخرا أن يكتب في المراجع الطبية أن أول عملية زراعة رحم ناجحة أجريت في المملكة العربية السعودية وبمستشفى الملك فهد بجدة تحديدا. لكنكم اضطررتم لإزالة الرحم المزروع بعد ثلاثة أشهر؟ - نعم لكن ذلك ليس نتيجة خطأ في الجراحة بل بسبب التهابات عادية، لكن بعض أعداء النجاح في الشؤون الصحية غاظهم أن مستشفى الملك فهد تجاوزهم وأصبح ذات شهرة عالمية، فأثاروا ضجة حول العملية وصلت أخبارها إلى الملك فهد رحمه الله، الذي لم يتخذ قرارا مباشرا بل شكل لجنة لبحث الموضوع والنظر فيما إذا كانت هذه العملية هي الأولى من نوعها فعلا على مستوى العالم، وهل تمت بنجاح أم لا، وبعد الدراسة اتخذ الملك فهد قرارا بإجازة العملية ولام وزير الصحة د. أسامة الشبكشي على وقوفه ضدنا، ونقل الإشراف على العملية من وزارة الصحة إلى وزارة التعليم العالي، وتم الإعلان عن العملية من المستشفى فيما تم الاحتفال فيها بجامعة الملك عبدالعزيز بحضور أمير المنطقة ووزير التعليم العالي ووزير الصحة وتم تكريم الفريق الطبي الذي قام بزيارة الملك فهد والملك عبدالله الذي كان حينها وليا للعهد والأمير سلطان رحمه الله، وتم الاعتراف فيها دوليا ونشر عن تفاصيلها في كل الصحف العالمية. زرع الرحم ما قصة المرأة التي زرع رحمها؟ - القصة هي أن هذه المرأة أجريت لها عملية استئصال رحم خلال الولادة بسبب حدوث نزيف، أما المتبرعة فكان عندها ستة أطفال وأزيل رحمها أيضا بسبب أورام، وقد حاول وزير الصحة حينها د. الشبكشي حمل المتبرعة على إنكار قيامها بالإذن بالتبرع برحمها رغم أنها كانت موقعة على تعهد بذلك، وللأسف أن إثارة الوزير وبعض معاونيه لهذا الموضوع كان نتيجة الغيرة والرغبة في قتل المواهب ولم يكن مبنيا على أساس، وأنا لدي من الشجاعة الأدبية ما يخولني الاعتراف بعدم نجاح العملية لو كان ذلك صحيحا لكنها كانت ناجحة كما قلت سابقا بكل المقاييس. هناك أقاويل بأنك كنت متحاملا على بعض منسوبي مستشفى الملك وانك فصلت البعض منهم ظلما وإجحافا؟ - أنا لم افصل خلال حياتي المهنية أي شخص لا طبيب ولا غيره إطلاقا، فأنا لي أسلوبي الخاص في العقاب، إذ كنت لا أسمح حتى للوزارة بالتدخل في عقاب أي من الموظفين في منشأتي، وهناك قصة معروفة بمستشفى الولادة في هذا الصدد، حيث جاءت مريضة لطبيب معروف في الساعة الثانية ليلا وبطنها مفتوح نتيجة لعملية أجريت لها قبل يومين، فقال لها كان من المفروض أن تأتي صباحا للطبيب الذي قام بالعملية ليراك، ثم صرف لها العلاج المناسب، إلا أن أهلها لم يرق لهم الطبيب وقاموا بالشكوى لإدارة الشؤون الصحية والصحف، فتم تشكيل لجنة للتحقيق من الوزارة وصدر من الوزير قرار بمعاقبة هذا الطبيب بخصم شهر من راتبه ونقله إلى مستشفى بالليث، لكني لم أقتنع بقرار اللجنة التي جاءت من الرياض، لمعرفتي بالطبيب وقدراته ولاطلاعي على تفاصيل القضية أكثر من غيري، فيما الآخرون بالمقابل يريدون إرضاء الرأي العام بعد أخذ القضية زخما بسبب نشرها في الصحافة، فاعترضت على القرار لدى د. عدنان جمجموم مدير الشؤون الصحية حينها فرد علي بأنه لا يستطيع الاعتراض على قرار صادر من وزير الصحة، حتى انه رفض إرسال اعتراضي للوزير نيابة عني فأرسلته أنا مباشرة إليه وشرحت له فيه أبعاد القضية وأنني وحدي القادر على الحكم بأمانة عليها لقربي من الأحداث وأخبرته بأن من واجبي تنبيهه لذلك واقترحت بأنه إن كان ولا بد من العقاب فإن خصم أسبوع كاف وزيادة، وختمت بالقول بأني أترك لك الخيار وتحمل المسؤولية أمام الله فقد أخليت ضميري، ورد على الوزير بالتالي: «الابن احمد بارك الله فيك لا مانع فيما رأيته». ما رأيك في وتيرة إنشاء المستشفىات بجدة؟ - منذ العام 1403 لم تنشأ وزارة الصحة أي مستشفى جديد بجدة فقط تطلق الوعود، وخلال هذه المدة تطور البلد عشرين ضعفا، وتضاعف عدد السكان، فكيف يظن أي أحد بأن نفس الخدمات في الماضي ستقدم الآن بنفس عدد المستشفىات، وهذا البطء في الإنشاء نتيجة النظام الارتجالي والفساد والجهل في الإدارة ووضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب، فهل من المعقول أن يستغرق بناء أحد المستشفىات ثماني سنوات. بماذا تميز كل وزير ممن عاصرت؟ - لقد عاصرت ستة وزراء أولهم د. حسين جزايري وكان عاشقا للطب وأكثر الانجازات حدثت في عهده وكان أكثر الوزراء تفهما ويتصف بكونه مخططا جيدا، وما زال يعطي وينتج إلى الآن في إدارة الصحة العالمية بدول الشرق الأوسط، من بعده جاء الدكتور غازي القصيبي رحمه الله، والذي اعتبره «بلدوزر»، فقد كان اندفاعيا ومتحمسا لكنه لم يستمر وربما لو استمر لظهرت إنجازاته، أما حسن آل الشيخ فبقي لفترة قصيرة جدا فلا أستطيع الحكم عليه، ومن بعده جاء الحجيلان الذي كان دبلوماسيا وخلوقا وتعامله راقٍ جدا ولكنه أجبر على الوظيفة ولم يصادف أن يلقى الأشخاص المناسبين لمساعدته في الشؤون الطبية، وأستطيع القول أن د. الحجيلان من الناس الذين أفخر بالتعامل معهم وتعلمت منه الكثير في فن التعامل مع الناس، ومن بعده جاء د. أسامة شبكشي وكان قياديا جيدا لكنه حاول إدارة الوزارة بطريقة مركزية وكان غير متعاون مع الناس من حوله ولم يكن هناك علاقة ود تربطه معهم بل اتسمت العلاقة بالتوتر والشد، أما حمد المانع فأستطيع القول بأنه كما دخل الوزارة خرج منها. إقالة من الصحة ما قصة خروجك من العمل في الصحة.. ذكرت أن قرار إقالتك كان بعد مكالمة هاتفية مع الوزير المانع بيوم؟ - أتمنى أن تسأل الوزير المانع عن ذلك، أما ما عرفته أنا فإنه بعد اتصالي فيه هاتفيا لتهنئته بالمنصب، وإخباره لي بمعرفته بالتوتر في العلاقة بيني وبين د. الشبكشي وعدني بفتح صفحة جديدة وإعطائي كل الصلاحيات والدعم لأبدع وأعمل وأنجز، ووعدني بزيارة خاصة خلال زيارته لجدة ثاني يوم، لكنه جاء وسافر دون زيارتي وصدر قرار إعفائي من منصبي وتعييني مستشارا بوزارة الصحة ثاني يوم من عودته للرياض، وقد كان هذا القرار بإيحاء من الآخرين. من تقصد بالآخرين؟ أقصد د. أسامة البار بالاشتراك مع آخرين، وفي الحقيقة أنا لم أمارس عملي كمستشار إذ طلبت إجازة وعملت بعدها مباشرة في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وحدث بعد بداية عملي فيها بأشهر قلائل وفي افتتاحية أحد المراكز بالرياض أن التقيت الوزير المانع بمعية الرئيس العام لرئاسة الأرصاد وحماية البيئة سمو الأمير تركي بن ناصر، وقال له المانع: لقد فرطنا في الدكتور أحمد وليته يعود للعمل معنا مرة أخرى. عملت لخمس سنوات في البيئة.. كيف تقيم الدور الذي تقوم فيه بجدة ووضع التلوث فيها؟ جدة أسوأ مدن المملكة في التلوث، لكن وضع البيئة ككل في المملكة سيء جدا، وقد حاولت خلال عملي لمدة خمس سنوات فعل شيء من لا شيء، فأنا مهتم بالبيئة قبل أن أصبح وكيلا للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، فقد أنشئت جمعية البيئة السعودية خلال عهد الأمير ماجد رحمه الله وبقيت مسؤولا عنها لثماني سنوات وذلك حبا بالبيئة التي لها الدور الأكبر في صلاح الصحة، فنسبة 90% من الأمراض سببها البيئة من تلوث الهواء والتسمم والمواد الكيماوية ورمي المخلفات في البحر التي تأكلها الأسماك ويعود الإنسان لأكلها، فجميع التلوث البيئي مرده في آخر الأمر على صحة الإنسان. ما أبرز المواقف التي مررت فيها خلال عملك بالرئاسة العامة للأرصاد والبيئة؟ كارثة سيول جدة فقد كان الكثير من المسؤولين القياديين لديهم معلومات عن وشوك حدوث كارثة السيول بالدليل الموثق القاطع، وقد اجتمعت مع عدد كبير منهم واطلعتهم على ما توصلنا إليه في الرئاسة العامة للأرصاد والبيئة من خلال الدراسات إلى وجود أخطاء ومخالفات كثيرة، فكانوا على علم باستغلال الوادي وأخطاء التصريف ومخالفات وأخطاء البناء، وهل تعلم أن هناك منافذ لتصريف السيول في المنطقة المنكوبة إلى البحر لم يتم استعمالها، فقد قاموا بعملها وربما نسوها، وأنا شخصيا كنت متوقعا أن تكون الكارثة أكبر، لكن الله سلم.