أكد مستشار ملك البحرين للشؤون الدبلوماسية ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة الدكتور محمد عبدالغفار أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد جاءت لتجسد تحولاً في الفكر الإستراتيجي لدول المجلس بما يتناسب مع متطلبات الأمن الوطني والأمن الإقليمي لهذه المنظمة الإقليمية المهمة. وقال في كلمة أمام مؤتمر «أمن الخليج العربي: الحقائق الإقليمية والاهتمامات الدولية عبر الأقاليم» إن انتقال دول مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون إلى الاتحاد تمثل توجهاً إستراتيجياً لدى قيادات دول مجلس التعاون بدعم من شعوبها التي تطمح إلى تحقيق التلاحم في مواجهة تحديات مشتركة جديدة لم تألفها المنطقة من قبل، فضلاً عن أن تلك الدعوة تعد إدراكاً واعياً بعمق التحولات الراهنة لهذه الدول التي يجمعها هدف ومصير واحد ، مشدداً على ضرورة التعامل مع التحولات التي يشهدها العالم العربي ومناطق أخرى من العالم باستراتيجيات مستحدثة تتواءم وحجم تلك التحولات، خاصة وأن بعض تفاعلاتها أصبحت تؤثر على الأمن الداخلي والأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون. وأضاف عبدالغفار أن المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة لا تقل أهمية عن التطورات السياسية؛ مما يحتم على دول المجلس أن تبادر إلى تطوير برامج التنمية البشرية وتبني الإصلاح الاقتصادي الشامل، والاهتمام بقطاعات الثقافة والتعليم؛ إذ إن دولنا أحوج ما تكون إلى نهضة فكرية تسهم في وضع أسس جديدة لحراك مجتمعي قادر على الانعتاق من الموروثات السلبية المؤثرة على تماسك المجتمع، وطرح معطيات جديدة تتناسب مع مستوى التحولات التي تمر بها المنطقة.من جانبه، أكد وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد آل خليفة أن أمن منطقة الخليج اكتسب أبعادًا جديدة بسبب تعدد مصادر التهديد الأمني، فيما تشهد الأوضاع الإقليمية عدم استقرار في بعض الأنظمة وتغيرات تمثلت في صعود تيارات وقوى وتعثر تيارات وقوى أخرى، حيث شجع الوضع المرتبك إيران على التمدد إقليمياً عسكرياً وسياسياً وإعلامياً. وقال في كلمته أمام المؤتمر ذاته إن أكبر المخاطر الداخلية التي تهدد الأمن الخليجي أساسها التطرف المذهبي، وهو الأمر الذي تعمل إيران على تغذيته، وكلها سياسات تصب في جانب التفرقة والتفتيت. وأضاف إننا نراقب بكل عناية ما يمكن أن يترتب على الأمن الخليجي من تنامي ظاهرة التطرف الديني الذي قام على تديين السياسة والحياة العامة ومحاولات استغلال الدين وتفسيراته لأغراض سياسية، وهذه الظاهرة أساءت إلى الصورة الذهنية للإسلام والمسلمين، مما يباعد بين المجتمعات الإسلامية وإقامة الدولة العصرية ، دولة التسامح و التعايش السلمي بين مختلف الأطياف والأديان.وبين الشيخ راشد أن الإحساس بخطورة الوضع والمصير المشترك دفع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية للاستجابة إلى طلب البحرين باستدعاء قوات درع الجزيرة تحسبا لأي تهديد خارجي،ووضعت أمام المجلس مسؤولية تاريخية لا تتحقق بغير وحدة أعضائه في وقت أصبح النظام الإقليمي العربي يفتقر إلى الوحدة و التماسك، وبات الكيان العروبي مهددًا بالذوبان في نظام إقليمي مغاير.ونوه إلى أن المشاكل الحدودية العالقة بين دول المنطقة تشكل على الدوام قلقًا مستمرًا وحالة قد تفضي إلى مزيد من التوتر والنزاع إذا لم تُحل بالطرق السلمية, فمشكلة الجزر الإماراتية الثلاث لم تعد قضية حدود وإنما هي قضية أرض عربية محتلة, ونقف جميعًا إلى جانب الإمارات من أجل استعادتها بالوسائل المتاحة في إطار القانون الدولي. وأشار إلى إنه لم يعد خافيًا على أحد أن هناك جزءًا من الآلة الإعلامية الإقليمية والدولية بدأ يستهدف دول مجلس التعاون من خلال حملات إعلامية تبثها بعض أجهزة الإعلام التي تقدم تقارير منحازة مغايرة للحقيقة ، وتستقي معلوماتها من مصادر تحرص على تقديم رؤيتها البعيدة عن الموضوعية مما يجعل الحاجة ماسة لوقف التطرف الإعلامي الذي يشجع على الفوضى والانفلات الأمني، وبث الأفكار الهدامة ، موضحا أن ذلك يتطلب تبني موقف جماعي لا يقتصر فقط على رد الاتهامات، بل ويقدم رسالة إعلامية شاملة قادرة على التأثير لإظهار الحقيقة ومراعاة وسائل الإعلام العربية لانتمائها القومي وتوخي الحرص فيما تقدمه من رسالة إعلامية قد تضر بأمن دول المنطقة وبالأمن القومي العربي عمومًا.