إذا كانت المقولة "شر البلية ما يضحك"، فإن البلية تظهر أكثر ما تظهر في تصريحات الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز عشية رحلته إلى الولاياتالمتحدة التي امتدح فيها الثوار السوريين معربًا عن أمله في أن ينتصروا، وتعبيره عن الأسى لمشهد الأطفال السوريين الذي يقضون في مذابح النظام وفق ما نشرته صحيفة الإنديبندنت البريطانية أمس، ثم قوله بأن إسرائيل لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء تلك المذابح في إشارة واضحة إلى إمكانية التدخل العسكري. طبعًا لسنا هنا بصدد التعليق على المفارقة فيما ذكره بيريز حول مذابح الأسد، لسبب واحد بسيط وهو أن الأسد تلميذ مجتهد ليس فقط لبيريز بطل مذبحة قانا التي قضى فيها عشرات الأطفال اللبنانيين، وإنما أيضًا لأنه تلميذ نجيب لكافة سفاحي إسرائيل بدءًا من جابوتنسكي ومناحيم بيجن وإسحاق شامير وحتى إيهود باراك وشارون وموفاز. ما هو أكثر أهمية في تصريحات بيريز يكمن في التلويح بالتدخل العسكري تحت حجة الدوافع الإنسانية، وهو ما يسعى إليه النظام السوري بما يوفره له ذلك من فرصة للهروب إلى الأمام. لكن هذا السيناريو الذي يظل محتملاً يجب التنبيه إلى خطورته، مع التفكير بالسيناريوهات الواقعية التي تتبناها الأممالمتحدة والجامعة العربية، بما في ذلك النظر في عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لحماية المدنيين السوريين وفق الفصل السابع بعد المذابح الأخيرة التي شهدتها العديد من المدن السورية، على أن يكون أي تدخل عسكري لوقف تلك الانتهاكات تحت مظلة الأممالمتحدة على نسق التدخل في البوسنة والهرسك لإنقاذ الأهالي من مذابح الصرب (1992-1995). وإذا كانت موسكو وبكين وحتى بعض عواصم الغرب لا تزال ترفض فكرة التدخل العسكري في سوريا، حيث يظل الفيتو الروسي والصيني يشكلان عائقًا أمام هذه الفكرة، فإنه لا أقل من أن يحظى الثوار بدعم دولي أكبر لما يمكن أن يحققه هذا الدعم من تثبيت شرعية المعارضة والحفاظ على وحدة سوريا، وأن يجري تشديد العقوبات المفروضة على النظام، والعمل على عزله دوليًا وإقليميًا، كما أن الثوار ينبغي أن يدركوا أهمية أن يوحدوا صفوفهم وجهودهم وكلمتهم في مواجهة هذا النظام الإرهابي.