يقول ابن القيم: «روى الترمذي في جامعه وابن ماجة عن عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب؛ فإن الله عز وجل يطعمهم ويسقيهم"، قال بعض فضلاء الأطباء: ما أغزر فوائد هذه الكلمة النبوية المشتملة على حكم إلهية لاسيما للأطباء ولمن يعالج المرضى، وذلك أن المريض إذا عاف الطعام أو الشراب فذلك لاشتغال الطبيعة بمجاهدة المرض، أو لسقوط شهوته أو نقصانها لضعف الحرارة الغريزية أو خمودها، وكيفما كان فلا يجوز حينئذ إعطاء الغذاء في هذه الحالة. ويعلق الباحث عادل الصعدن على أن الحديث يكشف الحكمة من هذا النهي فقد ثبت في الطبِّ الحديث أنَّ معظم الأمراض ترافق بنقص الشهية إلى الطعام والرغبة فيه، وهذا متعلق بعمل الجهاز الهضمي وقدرته في حالة المرض، وإنَّ إجبار المريض على الطعام يعني: عدم استفادة المريض من الطعام من جهةٍ ثانية. فذلك يسبب عسرة هضم لدى المريض، وهذه تزيد الحالة سوءًا، وتزيد المريض أضرارًا بالجسم، أما قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن الله يطعمهم ويسقيهم" ليس معناه: أن الله ينزل على المرضى الطعام والشراب كي يتناولونه، وإنما هو إشارة إلى سر طبيَّ ظل مجهولا قرونا كثيرة، وتكشف للعلم الحديث، إن الطب الحديث يقول: إن المريض يكسب الطاقة من مصادر داخلية، وهذه المصادر هي: استقلاب الغليكوجين المدَّخر في الكبد والعضلات، واستحداث السكر، على أنه متى عاد المريض إلى رغبته في الطعام قبل المرض يعود الجسم فيدَّخر الغذاء على شكل شحوم وبروتينات، فيكتنز ما تحت الجلد بالشحوم، وتنمو العضلات. ويقول د. عادل الأزهري: «معظم الأمراض يصحبها عدم رغبة المريض في الطعام، وإطعام المريض قصدا في هذه الحالة يعود عليه بالضرر؛ لعدم قيام جهازه الهضمي بعمله كما يجب، مما يتبعه عسر هضم مع سوء حالة المريض، وكل مريض له غذاء معين له، ويجب أن يكون سهل الهضم قليل العناء، وإن من دلائل الشفاء عودة المريض إلى سابق رغبته في الطعام".