أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025م    الذهب يرتفع بعد تهديدات الرسوم الجمركية الأميركية.. وارتفاع الدولار    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الرياض الجميلة الصديقة    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو سليمان: الناطقون باسم الإسلام يتحدثون للمسلمين بخطاب «الجبار المنتقم» ويتناسون «الغفور الرحيم»!!
في حواره ل «الرسالة» يكاشف المسلمين بما صنعته أيديهم.. والأمة التي صنعت التاريخ أخرجت نفسها عمدًا من عباءته

عدم تحقق النهضة الإسلامية له تفسير مغاير لدى الدكتور عبد الحميد أبو سليمان رئيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن إذ يؤكد أن غياب الجودة في المجال التعليمي هو أهم الأسباب التي حولت المسلمين إلى أمة غثاء كغثاء السيل مشيرًا إلى أن الغرب عندما أضعف المسلمين لم يكن يعي أن غياب المسلمين عن الإسهام الحضاري سيؤدي إلى إضعاف الحضارة الإنسانية كلها ولهذا فالغرب يصنع المستحيل اليوم لإقالة البشرية من عثرتها.
من هنا بدأ حوار «الرسالة» مع الدكتور أبو سلمان وسألناه..
كيف تنظر إلى واقع الأمة الإسلامية في الوقت الحالي؟
الأمة الإسلامية اليوم تمر بأسوأ حالاتها ورغم ثورات الربيع العربي التي ظننا جميعا أنها ستساهم في إيقاظ المسلمين من سباتهم إلا أن الواقع كذب ذلك للأسف الشديد مما يعني أن ثقافة الأمة المعاصرة بها خلل يحتاج إلى إعادة نظر بحيث تصبح بالفعل خير أمة أخرجت للناس، فالإسلام والقرآن الكريم هو رسالة للإنسانية جمعاء وليس لأقوام بعينهم، ومن هذا المنطلق علينا أن نعرف كيف كان يعيش المسلمون الأوائل في صدر الإسلام بإمكانيات محدودة ومع ذلك استطاعوا نشر الإسلام في العالم بالحكمة والموعظة الحسنة، وكيف أصبحت الأمة اليوم بكل مواردها وإمكاناتها على هامش التاريخ وأخرجت نفسها عمدًا من عباءة التاريخ، فالأمة كانت بالماضي صانعة للتاريخ أما اليوم فقد خرجت للأسف الشديد من عباءته بسبب انسلاخها من منهجها الصحيح ألا وهو منهج الدعوة الفكرية.
لسنا بحاجة للاستغفار اللفظى
وماذا تحتاج الأمة حتى تستيقظ من سباتها مثلما تقولون؟
إن الأمة في حاجة إلى «الاستغفار الحضاري» بدلًا من «الاستغفار اللفظي» الذي غرقت فيه الأمة الآن وتناقضت الأقوال مع الأفعال فاليوم كل مسلم يظن أنه باستغفاره الدائم على مسبحته يغفر الله له ذنوبه كلها ولكن الحقيقة أن الأمة في حاجة للعمل ثم العمل حتى يغفر الله لها إهمالها في حق الدين الخاتم مما جعلها سبة في جبين الإنسانية بعد أن اقام أجدادنا أعظم حضارة في تاريخ الإنسانية ولهذا فعلينا أولا بإصلاح التعليم ولابد أن تعتمد خطتنا لإصلاح التعليم على الدين الإسلامي بحيث نستمد منه القيم التي نادى باتباعها ولا بد أن ندرك أن ابتعادنا عن الدين هو الذي ساهم في غربتنا الحضارية التي نعيشها اليوم ولنا في المواطن الغربي العبرة والعظة في ذلك فالإنسان الغربي شرس متعصب للونه وقوميته رغم ما حققه ما تقدم مادي وحارب الدين بعد أن أصبح أسيرا للماديات فحقق فيها النجاح الا انه فشل في الحفاظ علي كرامة البشر من غير أجناسهم او قومياتهم علي عكس الإسلام الذي حارب كل أشكال التمييز والتفرقة بين البشر بسبب الجنس أو اللون او اللغة ولا بد من الاعتزاز بديننا ولغتنا وهويتنا مثلما يفعل الصهاينة بدلا من وصف من يتصف بها بالرجعية والتخلف ولهذا لا بد من تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تعاني منها الأمة الآن حتي أصبحت الأمة التي يأمرها دينها بالعمل ويبلغ عددها أكثر من مليار وربع المليار وغنية بالثروات الطبيعية ومع هذا فإن إنتاج اليابان التي اهتمت ببناء البشر رغم فقرها في الموارد يزيد 11 ضعف عن إنتاج كل الأمة المسلمة.
خطابنا الدعوي قائم على الجحود
ولكن الأمة الإسلامية لم تتخل عن دينها مثلما تقولون والدليل أن هناك من يؤكدون وجود صحوة دينية واضحة في ربوع الامة؟
نعم هناك صحوة إسلامية ولكنها صحوة عبادات فحسب ولم تخرج إلى حيز التطبيق فالمواطن المسلم يدخل إلى المسجد خمس مرات في اليوم ولكنه يخرج من المسجد دون أن يستفيد شيئا وسأصدمك وأقول لك أن الأمة الإسلامية اليوم لا تحب الله بل تخاف منه وذلك لأنها خوطبت بخطاب دعوي قائم على الجحود لا على الحب فنحن مثلا نقول للطفل أنت لا بد أن تحب الله فيسأل الطفل من هو الله وبالطبع لأنه لا يراه لا يشغل نفسه بالتفكير ولكن لو قلنا له ان الله يحبه فالطفل في ذلك الحال سيفرح أن هناك من يحبه ويبدأ يعمل عقله في التفكير وهكذا لا بد أن يتغير خطابنا التربوي والدعوي إذا كننا نهدف إلى بناء حضارة حقيقية ولا بد أن نعي أيضا أن ضعفنا لم يضر أمتنا فحسب بل أضر بالحضارة الإنسانية كلها.
نحن آثمون
تؤكدون أن ضعف المسلمين لم يضرهم فقط وإنما أضر بالإنسانية كلها كيف هذا والغرب تورط بشكل مباشر او غير مباشر في إضعافنا؟
نعم كلامك حقيقي ومنطقي والغرب بالفعل سعي لإضعافنا بشكل او بأخر ولكن من حاول إضعافنا لم يدر أنه يضر نفسه أيضا وانا أرى أن أضرار تخلف الأمة الإسلامية وضعفها وتمزقها وعجزها وقصور أدائها لم يقتصر علي أبناء الأمة الإسلامية وحدهم ولكن الأثر السلبي لذلك امتد إلي حجب نور رسالة الإسلام العالمية وهدايته الكلية الروحية الأخلاقية ولهذا فنحن آثمون ليس لتقصيرنا في تطبيق الإسلام فقط بل ولحرمان البشرية من فوائد تطبيقه ولنقارن بين أجدادنا الذين جاهدوا في الفتوحات الإسلامية لنشر نور الإسلام في العالم وأقاموا أعظم حضارة وأوسع إمبراطورية في تاريخ البشرية لأنهم كانوا يشعرون أنهم أصحاب رسالة.
نحن مسؤولون
معني هذا أننا مسؤولون أمام الله عن المآسي التي تمر بها الإنسانية الآن وخاصة في الغرب الذي تعايشون حضارته؟
نعم لأن ما أصاب الإنسانية بسبب استعلاء الرؤية الكونية المادية الجاهلية العنصرية ومن عالمية الحروب والصراعات والتظالم ومآسي الاستعمار سيكون أشد حدة وأكثر ظلما وقسوة وستتعاظم هذه المظالم بتعاظم وسائل القوي وأدواته في عالم تسيطر عليه نفسية التمايز وجشع المادة وقسوة المنافسة واستكبار الأقوياء ولنا أن نتخيل عظم جريمتنا في حق الإنسانية في ظل جشع الأقوياء ومضاعفة أعداد الضعفاء والبؤساء من ملايين الثكلي والجياع والعراة والمرضي من المعدمين البسطاء من النساء والشيوخ والشباب البائس وأشلاء الأطفال والرضع الذين لا يجدون ما يبل عطشهم ويسكت آلام جوعهم وجوع أمهاتهم في ظل تدافع قبضات الأقوياء من تعديات الطغيان وقسوة الاستبداد وما أحدثه من الإفساد والدمار حيث لا رادع له في ظل الضعف والعبودية والذل الذي يعيش فيه المسلمون أصحاب الرسالة وورثة حضارة عظمي ويصبحون الآن فريسة للفقر والجهل والمرض والقهر والمظالم.
شعوذة وأكاذيب
هل يعني هذا أنك تؤمن أن خلاص البشرية من أمراضها يكمن في تحرك المسلمين؟
بالتأكيد لأن استيقاظ ونهضة العالم الإسلامي ليس استنقاذًا لخمس البشرية فقط لكنه استنقاذ لمستقبل الإنسان ولحضارة الإنسانية التي تتهددها وحشية الغاب ونتن العنصرية وتعاظم طاقات الخراب والدمار وهذا الاستيقاظ والاستنقاذ ليس قضية مشاعر ورغبات بل يتطلب عمل وجهد علمي منهجي منضبط منظم يؤدي إلي تنقية الإسلام مما شاب فهمه وثقافته علي مدي تاريخ شعوبنا من موروثات ثقافاتهم الغابرة وتقاليدهم البالية وانحراف ممارساتهم وظلامات تعدياتهم وما ألحقوا به من خرافات آبائهم وشعوذات كهانهم وأكاذيب أصحاب الأغراض الدنيئة منهم وافتراءاتهم.
البداية.. خطيب جمعة
كيف تنظر إلى الخطاب الإسلامي الحالي وكيف تنظر إلى من يحاول اختزال الإسلام في نظام العقوبات والحدود خاصة في الفترة التي أعقبت ثورات الربيع العربي؟
أولا لا بد أن نفهم مفاهيم القرآن في نظام الحكم فكلها تدور حول إقرار مبادئ العدل، وكذلك أسماء الله الحسنى فيها «الغفور الرحيم الودود» إلى آخره وفيها «القهار المنتقم الجبار»، وإن خطأ الخطاب الإسلامي الحالي هو تسلط كثير من الناطقين باسم الدين تبعًا للإرادة السياسية، وأخذوا يتحدثون مع المسلمين بخطاب الوعيد والترهيب مقتصرين على اتجاه «الجبار المنتقم القهار» فقط وهذا أمر مرفوض، ولكن المؤمن الذي يريد أن يكون صالحًا فهذا يعصي ربه ويعود إليه يقول تعالى «والذين أمنوا أشد حبًا لله» فعلاقة المسلم بربه علاقة محبة واتجاه إلى أسمائه عز وجل «الغفور الرحيم الودود» فالمسلم يخاف من غضب ربه خوف غضب المحب وهو خوف إيجابي، ومن هنا الخطاب الإسلامي يجب أن يفرق بين الكافر والجاحد وبين المؤمن ومن يحاول أن يكون صالحًا، ويجب أن يقوم الخطاب الإسلامي على التربية الصحيحة ومواجهة ثقافة الكذب التي تستشري في أبناء الأمة الإسلامية للأسف الشديد فهذا السياسي يكذب على شعبه وذاك الوالد يكذب على ولده وإذا كذب الولد يعاقبه والده بالضرب الشديد دون أن يفهمه الخطأ الذي وقع فيه وتكون النتيجة أن الطفل سيكرر الخطأ ولكن سيقوم بعمل آلية تحميه من عقاب والده فيتحول إلى كاذب، ولكن لو أن خطيب الجمعة شرح للوالدين كيف يربون أبناءهم بالطريقة الإسلامية الصحيحة لانتفت ظاهرة الكذب بين الأبناء الذين سيحملون مستقبل الأمة على عاتقهم، ولذلك فإنني أعتبر أن خطيب الجمعة الذي لا يحمل دبلوم تربوي فهو مذنب ولا يؤدي دوره التربوي الإسلامي الصحيح، وهذا هو بداية التغيير الصحيح للخطاب الإسلامي لأنه إذا استطاع الخطيب أن يصل إلى الأسرة المسلمة وتوعيتها بشكل صحيح سنصل إلى تشكيل أمة مختلفة تمامًا لأن صلاح الأسرة فيه صلاح الأمة ومستقبلها، والمطلوب الآن هو القيام بإصلاح عقيدي فكري لأبناء الأمة والتربية الصحيحة لهم
فلسفة السلام الوحيدة
وكيف تنظر إلى حالة الصراع والحروب التي يعيشها العالم شرقًا وغربًا وما هو الفارق في ذلك بين الغربي والمسلم؟
فلسفة السلام الوحيدة هي فلسفة الإسلام فلسفة الغرب هي فلسفة الصراع، والإنسان تداخلت فيه الروح والطين وبدأ الله عز وجل خلق الإنسان من طين ثم سواه ونفخ فيه من روحه، فالإنسان يشترك مع الحيوان في الطين وفي الحياة ولا يشترك معه في الروح، ومرحلة الطين عند الحيوانات العليا كان الإنسان فيها حيوان شرس وسيء «قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك» ولذلك فالمسلم يسمو بروحه عند تمسكه بدينه، ولكن الغرب عندما تخلى عن الدين كان لا بد أن يرتد إلى طبيعته المادية الطينية فتحول إلى حيوان مفترس شرس، ومعروف في العلوم السياسية أن قيام النظام الدولي على أساس قومي ظاهرة أوربية حديثة وهذا هو تكاتف السلالة ضد الآخر وهو ما أدى إلى وجود حروب دامية فيما بينهم من ناحية، واشتياقهم الدائم إلى سفك دماء الآخرين ونهب ثرواتهم من ناحية أخرى، وهذا ما نراه جليًا في العالم اليوم، وفي المقابل نجد المبادئ الإسلامية الراسخة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وترسخ للتعددية والاختلاف والتراحم والتعاطف والسلام وهذا ما يفقده الغرب فالإسلام للإنسان ونحن حرمنا منه بإرادتنا ولا بد أن نستعيده حتى يمكننا صناعة السلام للمسلمين.
جامعة الشرق
قمتم في التسعينيات بتأسيس الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا وتعملون اليوم على تأسيس جامعة الشرق فما هي الملامح الأساسية لهذه الجامعة الجديدة؟
بالفعل قمنا بتأسيس الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا وهي الآن تتفوق على كثير من الجامعات العالمية، والآن جامعة الشرق والتي سيكون مقرها بشمال لبنان بمنطقة طرابلس هي عملية تطوير ونسمي مقرراتها بالمقرر الجذعي، وينقسم للقسمين قسم يتعلق بالقيم والمبادئ والأهداف الإنسانية الإسلامية والقسم الثاني دراسة الحضارة الإسلامية، وبعد ذلك يتم التنوع والتخصص فمن يريد دراسة القانون سيتاح له دراسة الفقه والقانون الإسلامي إلى آخره ومن يحب دراسة العقيدة وعلم الكلام فسيتاح له دراسة الفلسفة الإسلامية وهكذا على مستوى التاريخ والسيرة وعلم الاجتماع وعلم النفس إلى آخره وجميعها تنطلق من القيم والمبادئ الإسلامية وليس القيم الغربية، وسيدور البحث العلمي في الجامعة على أساس الفصل بين التراث عن قيم ومفاهيم الوحي لأن التراث فيه الجيد وفيه الردئ وأيضًا الاستفادة من العلوم الغربية المجردة وتوجيهها إلى الرؤية الكونية الإنسانية الحضارية الإسلامية التي تساوي بين كل البشر.
تحرر العقل المسلم
بالمناسبة ماذا يعنى مفهوم إسلامية المعرفة وهل طبق فعلا؟
«إسلامية المعرفة» تعني تحرر العقل المسلم من آفات الخرافات والأوهام والتناقضات ليتحلى بالعلم والمعرفة؛ طلبًا للإصلاح والإتقان والإبداع؛ فيستطيع مجابهة التحديات، وحل المعضلات، وبلوغ الغايات، وتحقيق المقاصد.
وتحقيقها يكون بالجمع بين معارف الثقافة والتاريخ الإسلامي من ناحية وبين الثقافة والعلوم المعاصرة من ناحية أخرى، ولقد كان هذا المنهج الأساس الذي قامت عليه حضارة الإسلام في عصور ازدهارها وأخذت عنها الأمم اللاحقة حضارتها، وحققت به منجزاتها، كما عرفوا فضل قيم الإسلام التي بوَّأت الأمة في سالف عهدها مكانها المرموق في تاريخ الإنسانية.
اما عن تطبيقها فقد تصدت لهذه المهمة كتابات عديدة منها كتاب «نظرية الإسلام الاقتصادية: الفلسفة والوسائل المعاصرة» 1960م، وكذلك جهود فريق إنشاء جمعيةٍ ثقافيةٍ إسلامية كبرى هي «اتحاد الطلبة المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية 1963م، والتي تطورت لتصبح نواة لمؤسسات إسلامية مهمة وأساسية لحركة إسلامية المعرفة، وأهمها فكريًا جمعية علماء الاجتماعيات المسلمين في الولايات الأمريكية وكندا 1972م، والمعهد العالمي للفكر الإسلامي 1981م، وأخيرًا مؤسسة تنمية الطفل 1999م.
ويعتبر «المعهد العالمي للفكر الإسلامي» أن مهمته الأساسية تكمن في توعية المثقفين والمفكرين والمربين على اختلاف اختصاصاتهم وتوجهاتهم بوجوه الإصلاح التربوي، وتجلية الرؤية أمامهم ليحملوا بدورهم مسؤولياتهم في إصلاح الثقافة، وتنميتها، وإصلاح مناهج التربية وترشيدها، وتحريك كوامن الطاقة في كيان الأمة، حتى ترشد مسيرة حركتها.
العقلية القبلية
بصراحة ما أزمة العقل المسلم؟
أزمة العقل المسلم هي التنحي العقلية العلمية القائمة على قيم ومفاهيم إسلامية لصالح العقلية القبلية القائمة على الصراعات والنزاعات، والتي تعج بالخرافات والخزعبلات، التي كانت بداية انهيار الحضارة الإسلامية، فبالنظر إلى ما فعله سيدنا عمر في إبقاء ارض العراق دون توزيع على الفاتحين وإنما أبقاها تزرع ليستفيد كل الناس من ريعها حتى الأجيال التالية فهذه عقلية علمية حققت العدل في أروع صوره، واستمر الوضع هكذا إلى ان حدثت الفتنة الكبرى والنزاع الذي نشب بين سيدنا علي وسيدنا معاوية وبدأ عهد الاستبداد في الحكم وانحصر الإسلام في الأحوال الشخصية وبدأت الأمة الإسلامية عهود من التدهور ومزيد من الانهيار.
أوجه الاستفادة
بصفتك كنت رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا ما أوجه الاستفادة منها؟
التعليم أهم أوجه الاستفادة من التجربة الماليزية وتعتبر الجامعة الإسلامية العالمية تتويج للسياسة التعليمية الهادفة والتي عنيت بالدرجة الأولى بالجمع بين علوم الدراسات الإسلامية والإنسانية كافة إلى جانب علوم العمارة والهندسة والطب، وتم وضع المناهج اللازمة لبناء تفكير الطالب الإبداعي والقيادي وتأهيله لتحمل المسؤولية في المستقبل، وكانت المناظرات احد أهم النشاطات بالجامعة والتي قصد منها تدريب الطالب كيف يفكر في الآخر - ما نقاط ضعفه ونقاط قوته وكيف يمكن التغلب عليها - وهذا يعطي للطالب القدرة على التواصل، وخاصة ان الجامعة كانت تضم حوالي 15% طلبه أجانب، أكثر من مائة جنسية وهذا الاختلاط يعطي الطالب الفرصة للاحتكاك بثقافات ومفاهيم وشعوب أخرى تثرى معارفه وتجعل له رؤية كونية، وبالتالي تخرجت أجيال متميزة في كل شئ فمعظم طلبة هذه الجامعة تخرجوا وزراء وسفراء وقيادات ورجال اعمال.
وقد تبني فكرة هذه الجامعة عدد كبير من الجامعات منها اندونيسيا وتايلاند وكمبوديا وفيتنام، حاليا تقام في لبنان جامعة الشرق على نفس نمط الجامعة الإسلامية، وتتولى ضمن مهامها التركيز على التنقيب في التراث والذي يشمل علوم القرآن والسنة وغيرهما بالشكل الذي يخرج تراثا حقيقيا خاليا من الغث وأجيال متميزة تتحمل المسؤولية ونرجو ان نستفيد من هذه التجربة في مصر.
التوظيف الصحيح للعلم
كيف يمكن الاستفادة من الحضارة الغربية مع الاحتفاظ بالهوية الإسلامية؟
نستفيد من الجهد العلمي ونعزله عن توظيفه في الأهداف الخطأ التي استخدمها فيه الغرب، وتوظيفها في الغايات السليمة التي تخدم البشرية، فنحن لا نختلف مع الغرب في أهمية الحقائق العلمية ولكن نختلف في استخداماتها، فالسكين تستخدم في الأشياء الضرورية مثل تقطيع الطعام والفاكهة ومن الممكن توظيفها في القتل، والمهم هو القدرة على التوظيف الصحيح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.