د. عبدالحميد أبو سليمان مفكر إسلامي بارز همه الأول أن يكون لبنة في بناء خارطة طريق لإصلاح أوضاع الأمة الإسلامية بشكل صحيح واستعادتها لمكانتها الغائبة بسبب سياسات أبنائها التي حولتها إلى أمة غثاء كغثاء السيل، وينصب اهتمامه على الإصلاح التعليمي فهو مؤسس الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا التي أصبحت تتفوق اليوم على كثير من الجامعات العالمية، ويسعى اليوم لتأسيس جامعة الشرق بشمال لبنان على نفس المنهج الذي يقوم على الرؤية الكونية الإنسانية الحضارية الإسلامية، وهو مؤسس المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن ومركز الدراسات المعرفية بالقاهرة «الرسالة» التقت د. أبو سليمان، وخاضت في جوانب فكره ورؤيته لأوضاع الأمة، وكيفية وضع خارطة الطريق الإصلاحية لأمة الإسلام، وذلك في سياق الحوار التالي: ثقافة الأمة * كيف تنظر إلى واقع الأمة الإسلامية في الوقت الحالي؟ الأمة الإسلامية اليوم تمر بأسوأ حالاتها، وهي أمة لا تنقصها موارد ولا تاريخ ورغم ذلك هي تعيش هذه الحالة الغريبة، مما يعني أن ثقافة الأمة المعاصرة بها خلل يحتاج إلى إعادة نظر بحيث تصبح بالفعل خير أمة أخرجت للناس، فالإسلام والقرآن الكريم هو رسالة للإنسانية جمعاء وليس لأقوام بعينهم، ومن هذا المنطلق علينا أن نعرف كيف كان يعيش المسلمون الأوائل في صدر الإسلام بإمكانيات محدودة ومع ذلك استطاعوا نشر الإسلام في العالم بالحكمة والموعظة الحسنة، وكيف أصبحت الأمة اليوم بكل مواردها وإمكاناتها على هامش التاريخ، وأخرجت نفسها عمدًا من عباءة التاريخ، وأنا على صعيدي الشخصي والفكري الذي أنتهجه وهو منهج الدعوة الفكرية أبحث في هذه الإشكالية الخطيرة لماذا خرجت الأمة من التاريخ، وحاولت أن أكون لبنة صغيرة في منهج إصلاح الأمة الإسلامية، فكان أول كتاب لي بعنوان «نظرية الإسلام الاقتصادية.. الفلسفة والوسائل المعاصرة»، وقد تبينت أن عنصر الزمان والمكان وعلاقته بالمفاهيم، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أقام مجتمعًا في واقع معين، واتخذ العديد من السياسات العبقرية التي من خلالها قام ببناء الدولة الإسلامية المدنية على أسس إسلامية، واستبدل الرسول -صلى الله عليه وسلم- المجتمع العيني بالمجتمع النقدي وألغى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ربا الفضل وربا النسيئة وجعل بيع الذهب والفضة وزن بوزن إلى أخره، ولذلك فإنه يجب على الأمة أن تأخذ من القرآن الكريم جوهره ومفاهيمه بحيث يعاد تطبيق المفاهيم القرآنية كلما تقادم الزمن أو الواقع المتغير، وبالتالي يجب التجديد وإعادة التطبيق الصحيح، على سبيل المثال الشورى الإسلامية تطبق اليوم بظروف مختلفة وللأسف يتم تطبيقها في المجتمعات الغربية تحت مسمى الديمقراطية، ولكنها مغيبة في العالم العربي والإسلامي، وحل محلها الفساد والاستبداد رغم أن الإسلام جوهره العدل للجميع مسلمين وغير مسلمين ولكن واقع الأنظمة منذ أيام الأمويين استبداد وفساد فكيف حدث ذلك، وقد تنبأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكل هذه الفتن التي تحيق بالأمة في هذا الزمان الدولة الإسلامية * من وجهة نظرك كمفكر إسلامي ما هي الأسس الإسلامية التي قامت عليها الدولة الإسلامية وما الذي نحتاجه في هذه الأيام؟ الدولة الإسلامية منذ العهد النبوي قامت على أسس ثلاثة وهي التبليغ وهذا حدث بالفعل بنزول القرآن وتبليغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- لرسالته قال تعالى: «ما فرطنا في الكتاب من شيء»، والثاني الدعوة والدعوة هي تبصير بالحسنى وبالقناعة ولا إكراه في الدين، والثالث الدولة أو الحكم وهنا يجب إعلاء القانون الذي هو مستمد من النصوص وهي «الأموال والدماء والحقوق» وهنا يأتي استخدام السلطة فإذا قام صاحب السلطة بالاستيلاء على الدعوة وأصبح يتكلم باسم المقدس وأصبح يرى أنه لا يمكن أن يخطئ ولا يمكن أن يتغير ودائمًا على حق، وفي هذه الحالة سوف يوظف الدين لمصلحته الخاصة ولمصلحة من حوله وهذا بالتأكيد هو الاستبداد والفساد باحتكار السلطة والثروة، ومن المفترض أن السلطة لا علاقة لها بالدعوة فصاحب الدعوة واجباته الدعوية معروفة، ورجل السلطة تكون مهمته تكوين السلطة المدنية الإسلامية، وهناك فرق بين الدعوة والعمل السياسي فالدعوة تقوم على المبادئ والأهداف والقيم والتعاليم الإسلامية، أما العمل السياسي فيتكون من جزئين: جزء قيم وجزء تقدير للمصالح والأولويات وهذه يختلف فيها الناس، وفي هذه الحالة الأحزاب تقدم برامجها والأمة تنظر في هذه البرامج وتختار ما يناسبها، فالحياة السياسية طبقتين طبقة عامة لكل الناس مسلم وغير مسلم وطبقة خاصة تخص كل صاحب عقيدة في شؤونه الخاصة، والطبقة العليا أو العامة هي طبقة إنسانية فطرية مكونة من العدل والنزاهة والإتقان للعمل إلى أخره والجميع يتفق فيها مسلم وغير مسلم، وهنا عمل الدولة يكمن في تطبيق هذه المبادئ الدستورية التي تقوم على الحياة العامة التي يتفق عليها الجميع، والفرق بين السلم وغير المسلم أنها بالنسبة للمسلم هي عقيدة والتزام وأخلاق أما غير المسلم فقد تكون مصلحة. الخروج من عباءة التاريخ * هل العالم العربي والإسلامي يعيش مرحلة احتكار السلطة، وكيف يمكن تخلص المسلمين من هذه الإشكالية، وهل الثورات العربية الحالية قادرة على ذلك من وجهة نظرك؟ الأمة بالفعل تعيش في أزمة وتعيش عصر احتكار السلطة وقد قامت محاولات كثيرة لإخراجها من أزمتها خلال العقود الماضية على يد كثير من رجالها، ولكنها بقيت محاولات أفراد وأكثرها ردود أفعال، ومن هنا فما يحدث الآن نتيجة لهذه التفاعلات ونتيجة أيضًا للمآسي التي تحدث سواء من الداخل أو من الخارج، ولكن في ظل الظروف الحالية التي تمر بها الأمة العربية نقول إن محاولة التغيير بالعنف خطأ شديد وذلك لأن استخدام القوة المفرط يؤدي إلى عدم استقرار سياسي، وفي الغرب على سبيل المثال العنف ليس طريق الوصول السياسي وإنما الطريق هو صندوق الاقتراع، ولا بد أن نفهم الإسلام كدين متكامل لأنه لو تحولت القضية إلى طوائف وقبائل كما يحدث في ليبيا على سبيل المثال فهذا هو الخطر الشديد والقرآن الكريم يقول: «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» وكان من المفترض على الدول العربية والإسلامية أن تتدخل في القضية الليبية وتمنع استخدام السلاح ضد الشعب الليبي ولكنها تركتهم لحلف الناتو ولم يتدخلوا، ومن هنا فما يجري يمكن أن نسميه «القشة التي قسمت ظهر البعير»، ولذلك فعلى العقلاء أن يغيروا سياساتهم لإصلاح حال الأمة، وهناك مفهومان يجب التعامل معها في الإصلاح وهما تفاوت القدرات وتساوي الكرامات والذي يحتم التكافل، فتفاوت القدرات شيء أساسي في قيام الحياة أما الكرامات فتكمن في قوله تعالى: «ولقد كرمنا بني أدم» لفظ قرآني مطلق وليس القوي ولا الذكي إلى أخره وإنما العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فالكرامة مرتبطة بالتكافل وبالتعامل السياسي أيضًا بين المواطن والحاكم، ويبين ذلك سؤال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر عندما جاءه بكل ماله فسأله «بما تصدقت يا أبا بكر؟ قال بكل مالي قال: «فماذا تركت لأبنائك»؟ قال: الله ورسوله. وقد فسرها الكثيرون على أن ما قام به أبو بكر يدل على عظم إيمانه وهذا أمر لا يقبل الجدل ولكن مقولة أبي بكر تحمل معنى سياسيًا أغفله الجميع، وهو أنني تركت لهم الله وأنت يا رسول الله بصفتك الحاكم ورئيس الدولة الإسلامية فهو تعبير سياسي واجتماعي، والشيء الأخر عندما ذهب المهاجرون إلى المدينة تقاسموا الأموال مع الأنصار وكان هناك أهل الصفة ولكنهم كانوا يتعففون، لأنهم كانوا يعلمون أن من يمد يده لا كرامة له فالمسلم الحقيقي لا يمد يده ولا يتسول حتى لو كان عاجزًا لأن ذلك إهدار لكرامته، ولا يوجد كريم يستطيع العمل ويمد يده أو يجد من يحتاج العون ولا يعينه أو يضع نفسه موضع الدناءة، فقد كانوا بضعة آلاف هزوا العالم وغيروا التاريخ أما الأمة اليوم يصل عددها مليار ونصف ولا قيمة لها فالأمة كانت بالماضي صانعة للتاريخ أما اليوم فهي تعيش على هامشه بل خرجت من عباءته بسبب انسلاخها من منهجها الصحيح، وأصبحت لا تهتم بأحوال أبنائها الذين يموتون ويقتلون اليوم في كل مكان ولا وجود لها فأين هذه الأمة لا وجود لها في الوقت الحالي. خارطة طريق * على صعيدك الشخصي قمت بمحاولات فكرية لوضع خارطة طريق لإصلاح الأمة واستعادتها لمكانتها فكيف كان ذلك من خلال مشروعك الفكري؟ بالفعل لقد عشت حياتي أحاول أن أفهم وكان ذلك هو همي الأول ومن خلال ذلك كتبت ثلاثة كتب حاولت من خلالها رسم الطريق الصحيح أحدها «أزمة العقل المسلم» وحاولت أفهم ما الذي حدث للأمة وأوصلها إلى هذه الحالة المتردية رغم ما تملكه من قيم وإمكانات وإن المرض الحقيقي الذي يستشري في الأمة أن أبناءها يعرفون ما يجب فعله من صحيح الأمور ولا يقومون به ويعلمون الخطأ ويفعلونه، وعندنا قائمة طويلة مما يجب ويجب الوحدة وخلافه ولا شيء نقوم به، وذلك لأن التربية والوجدان لا تسير مع العقل في خط واحد وتنقصنا الإرادة، وهناك حديث للرسول -صلى الله عليه وسلم- يوضح هذه الإشكالية في قوله «خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا»، ومن هنا يجب أن نؤكد أن الجانب التربوي في غاية الأهمية وقد وضعت كتابًا مفصلًا في هذا الإطار التربوي الإسلامي الصحيح بعنوان «أزمة الإرادة والوجدان المسلم»، والكتاب الثالث وهو ما سميته «الرؤية الكونية الحضارية القرآنية» فالمسلم إذا لم يصبح لديه غاية وهدف جاد يستحق بذل الحياة من أجلها فلا قيمة له، والأمة الإسلامية بوضعها الحالي ليس لها غاية وتعيش كالسائمة تأكل وتنام وتنتظر الموت، وهذا الكتاب اعتبرته بمثابة خارطة طريق للأمة، وهناك أمر آخر فعندما كنت في المرحلة الثانوية سألت نفسي لماذا أنا مسلم وقرأت كثيرًا في كل الأديان وحبست نفسي فكريًا بطريقة عقلية محضة لأصل لقناعة لا يمكن أن تهتز أن هذا الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- مرسل وأنا على ثقة أن القرآن الكريم والإسلام لابد أن يكون تصوره هو الأمثل وهذا التفكير هو ما جعلني قادرًا على المحاججة بالعقل والمنطق مع كل من يحاولون إثارة الشبهات حول هذا الدين الحنيف، ومن خلال تحكيم العقل بشكل صحيح استطعت أن أبني تصورات فكرية في كل قضية تصديت لها، وعلى سبيل المثال في عام 1999 كنت قد انتهيت من تأسيس الجامعة الإسلامية بماليزيا وسافرت إلى واشنطن فوجدت هناك ضجة هائلة تحركها منظمات حقوق الإنسان حول إشكالية «ضرب الزوجة في الإسلام»، فقمت بتحليل الموقف والآية القرآنية ووصلت إلى نتيجة أن كلمة «اضربوهن» هي استخدام مجازي بمعنى «فارقوهن» ووضعت هذه الرؤية الفكرية في كتاب بعنوان «إشكالية ضرب المرأة»، وكل قضية واجهتني أردها إلى الإسلام وإلى القرآن والسنة وأصل فيها إلى نتائج الخطاب الإسلامي * كيف تنظر إلى الخطاب الإسلامي الحالي، وكيف تنظر إلى من يحاول اختزال الإسلام في نظام العقوبات والحدود فما تعليقك على ذلك؟ أولًا لا بد أن نفهم مفاهيم القرآن في نظام الحكم فكلها تدور حول إقرار مبادئ العدل، وكذلك أسماء الله الحسنى فيها «الغفور الرحيم الودود» إلى أخره وفيها «القهار المنتقم الجبار»، وإن خطأ الخطاب الإسلامي الحالي هو تسلط كثير من الناطقين باسم الدين تبعًا للإرادة السياسية، وأخذوا يتحدثون مع المسلمين بخطاب الوعيد والترهيب مقتصرين على اتجاه «الجبار المنتقم القهار» فقط وهذا أمر مرفوض، ولكن المؤمن الذي يريد أن يكون صالحًا فهذا يعصي ربه ويعود إليه يقول تعالى «والذين أمنوا أشد حبًا لله» فعلاقة المسلم بربه علاقة محبة واتجاه إلى أسمائه عز وجل «الغفور الرحيم الودود» فالمسلم يخاف من غضب ربه خوف غضب المحب وهو خوف إيجابي، ومن هنا الخطاب الإسلامي يجب أن يفرق بين الكافر والجاحد وبين المؤمن ومن يحاول أن يكون صالحًا، ويجب أن يقوم الخطاب الإسلامي على التربية الصحيحة ومواجهة ثقافة الكذب التي تستشري في أبناء الأمة الإسلامية للأسف الشديد فهذا السياسي يكذب على شعبه وذاك الوالد يكذب على ولده وإذا كذب الولد يعاقبه بالضرب الشديد دون أن يفهمه الخطأ الذي وقع فيه وتكون النتيجة أن الطفل سيكرر الخطأ ولكن سيقوم بعمل آلية تحميه من عقاب والده فيتحول إلى كاذب، ولكن لو أن خطيب الجمعة شرح للوالدين كيف يربون أبناءهم بالطريقة الإسلامية الصحيحة لانتفت ظاهرة الكذب بين الأبناء الذين سيحملون مستقبل الأمة على عاتقهم، ولذلك فإنني أعتبر أن خطيب الجمعة الذي لا يحمل دبلومًا تربويًا فهو مذنب ولا يؤدي دوره التربوي الإسلامي الصحيح، وهذا هو بداية التغيير الصحيح للخطاب الإسلامي لأنه إذا استطاع الخطيب أن يصل إلى الأسرة المسلمة وتوعيتها بشكل صحيح سنصل إلى تشكيل أمة مختلفة تمامًا لأن صلاح الأسرة فيه صلاح الأمة ومستقبلها، والمطلوب الآن هو القيام بإصلاح عقيدي فكري لأبناء الأمة والتربية الصحيحة لهم فلسفة الإسلام * كيف تنظر إلى حالة الصراع والحروب التي يعيشها العالم شرقًا وغربًا، وما هو الفارق في ذلك بين الغربي والمسلمين؟ فلسفة السلام الوحيدة هي فلسفة الإسلام وأن فلسفة الغرب هي فلسفة الصراع، والإنسان تداخل فيه الروح والطين فالطين منحط بدأ الله عز وجل خلق الإنسان من طين ثم سواه ونفخ فيه من روحه، فالإنسان يشترك مع الحيوان في الطين وفي الحياة ولا يشترك معه في الروح، وإن مرحلة الطين عند الحيوانات العليا كان الإنسان فيها حيوانًا شرسًا وسيئًا « قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك» ولذلك فالمسلم يسمو بروحه عند تمسكه بدينه، ولكن الغرب عندما تخلى عن الدين كان لا بد أن يرتد إلى طبيعته المادية الطينية فتحول إلى حيوان مفترس شرس، ومعروف في العلوم السياسية أن قيام النظام الدولي على أساس قومي ظاهرة أوربية حديثة وهذا هو تكاتف السلالة ضد الأخر وهو ما أدى إلى وجود حروب دامية فيما بينهم من ناحية واشتياقهم الدائم إلى سفك دماء الآخرين ونهب ثرواتهم وهذا ما نراه جليًا في العالم اليوم، وفي المقابل نجد المبادئ الإسلامية الراسخة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وترسخ للتعددية والاختلاف والتراحم والتعاطف والسلام وهذا ما يفقده الغرب فالإسلام سلام للإنسان ونحن حرمنا منه بإرادتنا ولا بد أن نستعيده حتى يمكننا صناعة السلام للمسلمين. تحكم الصهيونية * هل المسلمون اليوم يحتاجون تطبيق مبادئ الاقتصاد الإسلامي؛ لإنقاذهم من براثن الاقتصاديات المادية الحالية؟ هذا صحيح بالفعل فالمصارف وسوق المال اليوم يسمح بأن يكون المال دولة بين الأغنياء والإسلام يحرم ذلك، ويمنع احتكار الثروات الحادث اليوم في أسواق المال، وإن الدورات الاقتصادية الحالية في العالم مرتبة وليست عشوائية ولو عدنا إلى ترتيبها لو جدنا نشأت في نهاية القرن التاسع عشر مع نشوء الحركة الصهيونية وما يحدث في هذه الدورات هو نهب الثروات واختزالها في أيدي الأشخاص من خلال المصارف، ومن هنا أصبح تحكم الصهيونية في المصارف العالمية أعطاهم حق السيطرة على السياسة العالمية، ولذلك يجب العودة إلى فلسفة الإسلام الاقتصادية فلا يكون المال دولة ولا أحد يستولي على ما خلق الله للناس في كل المجالات جامعة الشرق * أخيرًا قمتم في التسعينيات بتأسيس الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا وتعملون اليوم على تأسيس جامعة الشرق، فما هي الملامح الأساسية لهذه الجامعة الجديدة؟ بالفعل قمنا بتأسيس الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، وهي الآن تتفوق على كثير من الجامعات العالمية، والآن جامعة الشرق والتي سيكون مقرها بشمال لبنان بمنطقة طرابلس هي عملية تطوير، ونسمي مقرراتها بالمقرر الجذعي، وينقسم لقسمين: قسم يتعلق بالقيم والمبادئ والأهداف الإنسانية الإسلامية، والقسم الثاني دراسة على الحضارة الإسلامية، وبعد ذلك يتم التنوع والتخصص، فمن يريد دراسة القانون سيتاح له دراسة الفقه والقانون الإسلامي إلى أخره، ومن يحب دراسة العقيدة وعلم الكلام فسيتاح له دراسة الفلسفة الإسلامية، وهكذا على مستوى التاريخ والسيرة وعلم الاجتماع وعلم النفس إلى أخره، وجميعها تنطلق من القيم والمبادئ الإسلامية وليس القيم الغربية، وسيدور البحث العلمي في الجامعة على أساس الفصل بين التراث عن قيم ومفاهيم الوحي؛ لأن التراث فيه الجيد وفيه الردئ، وأيضًا الاستفادة من العلوم الغربية المجردة، وتوجيهها إلى الرؤية الكونية الإنسانية الحضارية الإسلامية التي تساوي بين كل البشر.