قبل أيام قليلة مرت الذكرى السابعة على تولي الملك عبدالله بن عبد العزيز الحكم في المملكة. هي ذكرى عزيزة بلا شك، تذكرنا ببيعة في رقابنا، وحقوق علينا لبلادنا. وأبو متعب هو الملك السادس، وفي عهده نمت موارد الدولة على نحو غير مسبوق، وكأنما فُتحت له كنوز مدفونة وخيرات كامنة وبركات من السماء. وكلنا يعلم ضخامة الأرقام التي خُصصت لمسيرة التنمية والتحديث والتطوير، نسأل الله عز وجل أن يبارك فيها، وأن يضاعف من نتائجها المرجوة، وأن يقيها شرور الفاسدين والانتهازيين واللصوص. ولكل ملك ممن سبق مدرسة خاصة يمتاز بها ويُعرف بها. وهذا بيت القصيد من كليمة اليوم، فمدرسة مليكنا عبدالله بن عبد العزيز تغلب عليها عناوين الصفح والتسامح وجمع الكلمة. قراءتي الخاصة لسيرة أبي متعب حفظه الله تذكرني بموقف الخليفة الخامس الراشد عمر بن عبد العزيز حين كتب إليه واليه على خراسان الجراح بن عبد الله، يقول: (سلام عليك، أما بعد: فإن أهل خراسان قد ساءت رعيتهم، وإنه لا يصلحهم إلا السوط والسيف، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في ذلك فعلت). يريد الجراح أن يكون جباراً في الأرض، لكن بإذن الخليفة، وأن يسوم الرعية سوء العذاب، ولكن بسوط الخليفة، وأن يجعلهم أذلاء خانعين باسم الخليفة. لكن عمر الحصيف الأريب الذي جعل الآخرة نصب عينيه ليل نهار، أخرس واليه وعلّمه درساً في القيادة الحكيمة والإدارة الرحيمة، إذ كتب إليه زاجراً ومحذراً ومعلماً: (أما بعد فقد بلغني كتابك، تذكر فيه أن أهل خراسان قد ساءت رعيتهم، وأنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط، وتسألني أن آذن لك! فقد كذبت، بل يصلحهم العدل والحق). وأحسب أن مشكاة عبدالله بن عبد العزيز تستقي من مشكاة عمر بن عبد العزيز، فالعدل العدل، والحق الحق هما اللذان يصلحان الناس، وهما الكفيلان بحفظ الرضى والرخاء والاستقرار. وفي هذه الأزمنة المتقلبة لا تثبت إلا المبادئ الكبيرة والقيم العليا، وأساسها جميعا الحق والعدل، وما يندرج تحتهما كثير وعظيم. سر بنا يا أبا متعب قائداً حكيماً وملكاً جليلاً وأباً رحيماً.. حفظك الله ورعاك. [email protected]