مرارًا كثيرةُ أجدُ أحدَهم قد سبقني إليها، هذا لا يعني أنني لا أسبقُ آخرين إليها، أو إلى غيرها في بعض الأحيان، تمامًا، ومثلما كنتُ سأقدمها، أجدُ أنَّ الكاتبَ، أو الشاعرَ قد وقف عند فكرة طالما خطرت في بالي، وربما فكّرتُ فيها بعمق، أو لا زلت أفكرُ فيها بطريقة ما، ولكنّ الذي حدث أنني أقرأ كلامًا كنتُ سأكتبه، كلامًا كأنّه لي، كلامًا أنا على يقين من أنه لي، أو أنني لو كتبتُ عن تلك الفكرة لن أكتب سواه. حقًّا إنها حالة غريبة، تلك التي تعرض لبعضنا حين يجد نصًّا معيّنًا يجد ذاته فيه، ويقول: يا إلهي! هذا ما كنتُ سأكتبه، يا إلهي! لماذا تأخّرتُ حتى كتبه غيري. إن الأفكار بوصفها ومضات خاطفة وسريعة، تمر علينا، ثم لا نأسرها بالكتابة والتسجيل، ولكن الكتابة الإبداعية للأفكار، ومن زوايا معيّنة من شأنها أن تمنح خصوصية الفكرة، وارتباطها بالكاتب والحفاظ على العلامة الفارقة للمنتج، غير أن الروح الحقيقية للفكرة، وهي تنتقل مجتمعة من هنا وهناك من شأنها أن تحط على أحدهم، وتحمل ثمار الألفاظ المتشابهة والصياغات المتماثلة لنجد أنفسنا في الآخرين من خلال كلامنا الذي قالوه أو كتبوه، كأنما فعلوا ذلك نيابة عنا. وبعيدًا عن قولهم لولا أن الكلام يُعاد لنفد، أو أن المعاني مطروحة في الطريق فإن ثمة أفكارًا جديدةً ودقيقةً ليست ممّا يقع عليه كل أحد، ولهذا فإن حجم الدهشة يكون كبيرًا حين أجد غيري قد نظر إلى الموضوع من نفس الزاوية التي كنتُ أنظر إليه من خلالها، واستشعر لذة التفرّد بذلك دون أن يقع في وهمي أن أحدًا سوف ينظر إليها من خلالها، يقول الشاعر الأمريكي بيلي كولنز: أيُّها القارئ أتساءل: كيف ستشعر عندما تكتشف أنني كتبت هذا بدلاً منك وأنه أنا مَن كتب هذا وليس أنت