أعطى كفار قريش الشاعر حسان بن ثابت مبلغا من المال وذلك قبل إسلامه -ليهجو النبي صلى الله عليه وسلم، فوقف حسان على ربوة ينتظرُ مجيء رسول اللّه لينظر إلى صفة من صفاته فيهجوه بها.. ومرّالحبيب المصطفى، فلمّا رآه حسّان رجع إلى قريش فرّدَ لهم المال وقال: هذا مالكم ليس لي فيه حاجة، وأمّا هذا الذي أردتم أن أهجوه..الّلهم إني أشهدك أني أشهد أنه رسول اللّه.. فقالوا: ما دهاك؟ ما لهذا أرسلناك!! فأجابهم شعرا: لَمَّا نَظَرْتُ إلَى أنْوَارِهِ سَطَعَتْ وَضَعْتُ مِنْ خِيفَةٍ كَفِّي عَلَى بَصَرِي خَوْفًا عَلَى بَصَرِي مِنْ حُسْنِ صُورَتِهِ فَلَسْتُ أنْظُرُهُ إلا عَلَى قَدَرِي هذا هوالمصطفى صلى الله عليه وسلم..الهادي الأمين..الرحمة المهداة.. هذا من اختاره الله لهداية الناس، ودعوتهم للخير، فلن يكون إلا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم، ذاك الرجل الذي أطلقت عليه قريش الصادق الأمين، وكانت تحتكم إليه في شؤونها، وتجله وتوقره، من قبل الرسالة والوحي.. بل حتى كفار قريش لم يستثنوا من هذا الحب والانبهار بشخصه الكريم، فهذا الوليد بن المغيرة عندما أرسلته قريش ليحاورالرسول صلى الله عليه وسلم في الرجوع عن دعوته، عاد إليهم مبهورا مشدوها، فلم يستطع أن يحاوره أو يقنعه، بل أعجب به وبقوله، ومدحه أشد المدح حتى ظنت قريش بأنه قد آمن بمحمد، لكن خوف الوليد منهم ومن بطشهم جعله يتراجع ويقول ما لا يؤمن به وقال عنه ساحر.. هكذا كانت نظرة من عاصرالرسول الأعظم، وعايشه فترة من الزمن، ونظر إليه وجالسه وحاوره، فلم يكن منهم من يستطيع أن ينتقص منه ومن أخلاقه وصفاته.. وظهر ذلك جليا بعد فتح مكة عندما آمنت قريش على بكرة أبيها، رغم عنجهية بعض الطغاة والمكابرين.