حال الأغنية السعودية يمر هذه الأيام بمراحل غير مقبولة، فعندما نسمع مغنيًا سعوديًا يغني «قروشتني»، ثم يظهر مغن آخر يصرخ في وسائل الإعلام ويقول: هذه الأغنية مسروقة مني.. فيا ترى ما هي القيمة الفنية التي تحملها هذه الأغنية ليأتي من يدّعي بأنها له!.. وآخر يغني «باعني وحب غيري بسبّة بلاك بيري»!.. وبعدما كانت الأغنية السعودية تستحوذ على المراكز الأولى في الوطن العربي، أصبح الآن من النادر سماع أغنية تحمل قيمة فنية تثري ذائقة المتلقي، لتظهر «بابا نزل معاشه»، و»بنيتي الأمورة»، في ظل وجود المنتج السعودي والذي سخر إمكانياته لخدمة الصوت «المستورد» وإهمال الأصوات السعودية. الابتعاد عن التراث حول ذلك يقول الفنان عابدالبلادي: من أهم الأسباب في ظهور هذه النوعية من الأغنيات هو الابتعاد عن تراثنا السعودي وتسابق أنصاف المطربين على تقديم أعمال بعيدة كل البعد عن موروثنا وفننا السعودي الكبير وعدم الحرص على تقديم المفردة الجيدة والقوية، وكذلك الإعلام الذي يلعب الدور الرئيسي في تدني مستوى الأغنية، فقد غيّب فنانين سعوديين عمالقة وأصوات شابة جميلة، ليفرض أسماء محددة ويخدمهم، ولو نظرنا لدول الخليج فعلى سبيل المثال الإمارات أو قطر فنجدهم يهتمون بتراثهم ويتمسكون به ويدعمون فنانينهم ويحاولون إبراز أعمالهم وهذا ما يفتقده وسطنا الفني السعودي. ضاعت هوية أغنيتنا وقال الفنان علي عبدالكريم: السبب الأول في إفساد ذائقة المتلقي هو الإعلام المرئي والمسموع والذي فرض أصواتًا ضعيفة وذلك من خلال إعطاءهم الفرص وتكرار أعمالهم بشكل مستمر، وبالمقابل فإنه غيّب الأصوات التي تستحق الحضور والتواجد، وكذلك شركات الإنتاج التي ساهمت بشكل في تلويث أذن المستمع والفرض على الفنان الذي يريد التمسك بأصالة الأغنية بأن يقدم أعمالًا ضعيفة وفي حالة رفضة لذلك وتمسكة بتقديم الجيد يكون مصيرة الإهمال والنسيان، فالفنان أصبح محصورًا بين خيارين، إما بتقديم هذا الفن الهابط أو النسيان والإبعاد، وهذا الأمر محزن، فلونظرنا في السابق نجد بأن الأغنية السعودية كانت مهيمنة بالوطن العربي، وأما الآن فضاعت هوية الأغنية السعودية واصبحت بلا هوية حقيقية، ولذلك فلا بد لإعلامنا من المحافظة على الرقي بأغنيتنا السعودية وأتمنى بأن يحذو حذو الإذاعة السعودية وبالذات البرنامج الثاني فهو الوحيد الذي مازال يقدم الفن الراقي وتحاول خدمة الفن السعودي ويشكرون على ذلك. غير صحيح ولمعرفة وجهة نظر الشركات الفنية تحدث ل «المدينة» مدير المبيعات والتسويق بشركة روتانا هادي حجار فقال: في السنوات الأخيرة زادت رقعة انتشار القنوات الفضائية والإذاعات وكذلك المواقع الإلكترونية وهذا سبب بعض التشتيت للمستمع ولكن أنا باعتقادي أن الأغنية السعودية لازالت هيبتها موجودة وأما القول بأن السبب هي الشركة المنتجة فهذا غير صحيح فالشركة تحاول أن تقدم عملًا يحقق لها المبتغى ولذلك تبذل كل ما بوسعها لإنجاح ذلك العمل والفنانين السعوديين معروفين بحرصهم على أعمالهم ومتابعتهم الشديدة لكل كبيرة وصغيرة وكل ذلك من أجل تقديم الشي المتميز ونحن بالشركة دائمًا نساند الفنان في كل مراحل العمل ولذلك من يقول أن السبب هوالشركة المنتجة فكلامه غير صحيح. المتلقي مسؤول ولمدير شركة الأوتار الذهبية المنتج علي سعد فكان رأي أخر، حيث قال: المسؤول الأول والأخير هو المتلقي نفسه الذي شجع الفنان والشركة على تقديم الأعمال الهابطة، فعلى سبيل المثال عندما تقدم أغنية لا تحمل أي قيمة فنية تذكر وتجد من قدمها بين عشية وضحاها أصبح نجمًا ويُطلب بصورة كبيرة، وفي المقابل نجد الفنانين الذين يقدمون أعمالًا جميلة ومتمسكين بأصالة وجوهر الأغنية منسيين، ولنا مثال بالفنان الكبير عبادي الجوهر فهو فنان له تاريخ ويقدم أعمالًا رائعة ويصر على تقديم أعمال مميزة فتجده مهملًا وهذا حتمًا يعود للمتلقي، وكذلك لا ننسى دور الإعلام المسموع أوالمرئي الذي ساهم في فرض أعمالًا معينو وذلك بتكرارها وإهمال الأعمال التي تستحق الظهور، ومن المفترض أن من يسهم في نفي هذه الأعمال الهابطة هي لجنة المصنفات الفنية بوزارة الإعلام وذلك بعدم فسح مثل تلك الأعمال، وبصفة عامة نستطيع أن نقول أن الأسباب في تدني المستوى هم: المتلقي والفنان والإعلام والشركة ولكن بنسب متفاوته وكما ذكرت يبقى المتلقي هوالمسؤول الأول.