لاشك أن مشروع تطوير العشوائيات يُعد من أهم المشاريع التنموية في منطقة مكةالمكرمة ، التي نمت فيها العشوائيات بشكل منقطع النظير مقارنة بالمناطق الأخرى في المملكة ، . و لائحة تطوير المناطق العشوائية في منطقة مكةالمكرمة التي صدرت 1429ه قسّمت المناطق العشوائية إلى أربعة أقسام هي: أ-مناطق عشوائية لها مقومات استثمارية لتشجيع مشاركة القطاع الخاص على تطويرها. ب- مناطق عشوائية ليس لها مقومات استثمارية ولا تشجع مشاركة القطاع الخاص على تطويرها. ت- مناطق عشوائية لها إمكانية ذاتية للتحسن والتطوير . ث- مناطق عشوائية بحاجة إلى معالجة جزئية عاجلة. و ربطت التطوير في الأقسام الثلاثة الأولى بالقطاع الخاص ، و قننت تكييف الأنظمة بما يعزز الجدوى الاقتصادية للقطاع الخاص بما في ذلك تعديل أنظمة البناء ، و توسعة مساحات مناطق التطوير. و ربط معظم التطوير بالقطاع الخاص له محاذير عديدة ، أولها رهن تنمية المدن بمحددات عمل القطاع الخاص التي تخضع للربحية و لمصادر التمويل و التي هي أيضاً مرهونة بالأوضاع الاقتصادية و المالية العالمية ، وهو ما سوف يؤدي إلى تأخر التطوير لعدة عقود من الزمن إن لم يوقفه ، و الشواهد على هذا المحذور عديدة ، منها تعثر مشروع قصر خزام الذي أصدر سمو أمير المنطقة آخر تحذيراته للشركة المطورة الأسبوع الماضي ، و تكرار تعثر تمويل مشروعات تطويرية عقارية كبرى في مكةالمكرمة بسبب الأزمة المالية العالمية منذ 2008م . و أما محدد الربحية في القطاع الخاص فهي من وراء توسعة مساحات نزع الملكية في مشروعيْ الرويس و الطريق الموازي على سبيل المثال ، و هي سبب في جعْل تقديرات تعويضات النزع عند حدودها الدنيا. المحذور الثاني هو الوقت ، وهو ناتج عن محددات القطاع الخاص إذ لن يتمكن القطاع الخاص من توفير التمويل اللازم لمشاريعه بالسرعة التي يتم توفيره بها عندما تكون الحكومة هي صاحبة المشروع وهي المموّل ، و لذلك تظل مشاريع مثل خزام و الطريق الموازي تراوح مكانها لعدة سنوات. وبذلك فنحن نعطل التنمية لعقود قادمة و نرهنها لإمكانيات و محددات القطاع الخاص ، وفي هذا إضرار كبير بالمجتمع الذي بات يعاني من إفرازات العشوائيات الأمنية و الاجتماعية و الاقتصادية بسبب تأخر معالجتها على مدى عقود مضت. ناهيك عن محاذير أخرى نقع فيها تحت وطأة الاندفاع نحو القطاع الخاص مثل التوسع في نزع ملكيات مواطنين مصونة بأحكام الشرع و تمليكها لآخرين -بمن فيهم الشركات الحكومية- من أجل تحقيق جدوى اقتصادية لمشاريع التطوير ، و التسبب في خلق عشوائيات جديدة بسبب إخلاء مساحات كبيرة من المدن يقطنها مئات الآلاف دون أن نتمكن من توفير البديل في الأحياء غير العشوائية ، خصوصاً و أن اللائحة لم تلزم المطورين و إنما استثنت عند الحديث عن توفير المسكن البديل بتكرار عبارة (إن أمكن). ولذلك فإن اعتماد منهجية بديلة تؤدي إلى: · تسريع وتيرة إنجاز مشاريع التطوير. و · تقليص العقارات المنزوعة و إبقائها في نطاق النزع للمصلحة العامة فقط. و · تقليص حجم مشكلة توفير المساكن و المحلات التجارية البديلة. هو الأَوْلى ، وهذه المنهجية هي المعتمدة لتطوير القسم الرابع من العشوائيات (و هي مناطق عشوائية بحاجة إلى معالجة جزئية عاجلة) ، وهي تتضمن توسعة بعض الشوارع ، و السفلتة و الرصف ، و الإنارة ، و التشجير ، و أعمال النظافة و حماية البيئة ، و توفير بنية تحتية و خدمات ، و إزالة المباني المهجورة و الآيلة للسقوط. و هذه المنهجية سوف تحقق الأهداف الأساسية لتطوير المناطق العشوائية بشكل عاجل ، و تؤسس لمرحلة تالية من التطوير يقوم بها الأهالي و القطاع الخاص خصوصاً في ظل محفزات تقدّمها الجهات الحكومية لهم. و الله ولي التوفيق.