كتبت عن ظاهرة الابتزاز التي تتعرض لها النساء والفتيات على وجه الخصوص أكثر من مرة وآخرها قبل ثلاثة أعوام، وأجدني اليوم أعيد قراءتها لأجد أن الوضع على ماكان عليه ولاتحسن يذكر في مواجهة هذه الظاهرة من قبل الأجهزة المسؤولة فلا يكفي أن يسهم جهاز هيئة الأمر بالمعروف القبض على الشاب الذي يبتز الفتاة في كمين كي ينقذها منه بعد أن تمكن من اغتصابها وتهديدها بالصور أو تسجيلات المكالمات بينهما. نعم مهمة لكنها ليست الحل. بل لابد من حملة إعلامية كبيرة توضح خطورة إقامة علاقات محرمة بين الجنسين، وأن تقوم مؤسسات التعليم العالي بعقد ندوات يشارك في حضورها والمشاركة في إدارتها الشباب من الجنسين. فالحديث عنهما مهم لكن الأهم أيضًا هو أن يتحدثوا هم عن أنفسهم وما يواجهونه من عقبات أو تهديدات يتعرضون لها. الفتيات لسن دائمًا بريئات فكم من حادثة تم النشر عنها في بعض الدراسات نجد أن بعض الفتيات أو بعض النساء هم من يبتزون الشباب. وخصوصًا إذا كانت هناك فرض كبيرة للاختلاط بينهم سواء في مواقع العمل أو المنتديات أو اللقاءات التي انتشرت الآن بدعوى دورات تدريبية للجنسين وبعضها يعقد في مواقع ترفيهية سواء داخل أو خارج المملكة !! إذا تهيئة المناخ لنشوء علاقات غير شرعية هو السبب الأول وبالطبع وهذا مهم ضعف الوازع الديني. والاستهانة بهذا النوع من العلاقات من العلاقات غير الشرعية، وضعف الرقابة الأسرية للجنسين فلا توجيه ولا نصائح للحفاظ على طهارة البدن كما هو الحرص على طهارة الثوب والملبس. الفتيات عاطفيات وبشدة وتندفع الواحدة منهن في التعبير عن عاطفتها بشدة وتتنازل عن الكثير كي ترضي الطرف الآخر الذي قد لايكون يبادلها المشاعر نفسها ولكنه يستثمر هذا الاندفاع العاطفي لتلبية رغبات جسده بطرق محرمة، ويستفيد من كل ما تقدمه هذه الفتاة وبالتالي يسهل عليه ابتزازها كما نقرأ في الصحف. ويتوقف الخبر عند إنقاذ هذه الفتاة التي أسهمت بجهلها وبلاهتها وتعديها حدود الله في هذه العلاقة المحرمة مع هذا الشاب أو ذاك. ولا نعرف لاحقًا ماذا تم وكيف كانت عقوبة هذا الشاب ومحاسبة هذه الفتاة التي هي طرفًا في هذه العلاقة !! لست ضد أن تنقذ فتياتنا من براثن الذئاب البشرية الذين يجدون من يرحب بوجودهم في مجتمع مسلم تمهيدًا لعدم محاربة تشريع الاختلاط !! ولست ضد النشر عن هذه الجرائم ولكن أردت أن يكون هناك موضوعية في النشر وأيضًا محاسبة لمن يهون من هذه الجرائم أو من يتساهل في حماية بناته ومتابعتهن خصوصًا منهن اللاتي يغادرن أسرهن ويقمن في مدن بعيدة للدراسة، كما نشر عن الفتاة التي تقطن مع زميلتها في عمارة فيها شباب يقطنون في العمارة نفسها وتمت العلاقة بين إحدى الفتيات وأحد هؤلاء الشباب، وتطورت إلى علاقات غير شرعية بينهما في شقته !! ثم بقية القصة المعروفة حصوله على صور لها وتهديدها بنشرها إذا لم تتجاوب معه وتمكين أصدقائه من نفسها !! إن بناء شخصية أبنائنا لم يعد بالسهولة التي كان عليها في السابق أي منذ سنوات قليلة فقط، حيث كان الترابط الأسري الجيد أو المتوسط كفيلاً بأن يدعم شخصية الابن ويوجهها، حيث يشعر العم بأنه مسؤول عن ابن أخيه في غياب الأب، والجدة والجد مسؤولان عن أحفادهما في بعض المواقف وهكذا، ولكن مع تحول المجتمع بطبيعة المدنية إلى الأسرة النووية التي أصبحت تسود المدن وها هي تكاد تنتشر في القرى أيضًا أصبحت ظاهرة التفكك الأسري تنتشر فلم يعد المسؤول عن الابن سوى أبويه فقط بل ربما في بعض الأحيان يقتصر الوضع على أحد الأبوين فقط لأي ظروف أو أسباب ومن هنا أصبح البناء الإيجابي في شخصيات الأبناء يصعب يومًا بعد يوم. والابتزاز لايقتصر على هذا النوع بل يمتد إلى مختلف الأنواع كابتزاز من بيده سلطة أو مكانة أو منصب، فيستغله للانتقام من البعض أو يسعى لتحقيق مطالب معينة في العمل أو في المشاريع أو في المناقصات والخ. ولكن ابتزاز النساء بشكل عام أصبح يشكل ظاهرة لاتتناقص وللأسف الحلول إلى الآن نظرية والفتيات إلى الآن يكررون الأخطاء نفسها هداهن الله والشباب كذلك والآن أصبحت الظاهرة تمتد إلى ما يقال إنها شركات للتوظيف فيتم استغلال المعلومات التي تقدمها الفتيات الراغبات في التوظيف للبدء في الابتزاز وأحيانًا تتدخل نسوة سيئات في هذه العملية فتيسر للذكور في هذه الشركات بعض هذه المعاصي إذا تجاوبت بعض الفتيات مع هذه الرغبات والكبائر. وكم من فتاة اتصلت بي لتطلب المشورة بعد أن تورطت في علاقة غرامية – كما تتصورها – ومنها فتاة كانت مطلقة رغم صغر سنها وتعرفت على هذا الشخص الذي كان يجري المقابلات الشخصية وأصر أن تكشف وجهها لأن العمل الذي سيوفره لها يتطلب أن تكشف وجهها !! وسهل الإنترنت وشبكات التواصل بينهما إلى مزيد من التقارب ولم يوغر لها أي وظيفة!!، واستمرت العلاقة بالهاتف وعن طريق الفيسبوك !! لم يحدث بينهما أي علاقة غير شرعية ولله الحمد ولكنها كانت تعيش حالة عاطفية شديدة خصوصًا أنه غير سعودي، ومطلق ولديه أبناء يعيشون مع والدتهم، ولاتعلم أن كان أهلها سيوافقون عليه أم لا . وعندما سألتها: هل عرض عليك الزواج ؟ قالت : لا !! قلت لها: إذا كنت مصرة إسأليه أن يتقدم إلى والدك وستعرفين من إجابته إن كان يتسلى بك أو أنه فعلاً يحمل لك مشاعر نقية وأنه يسعى لأن يكون لك زوجًا. وعندما سألته تهرب وماطل !! ونصحتها أن تقطع علاقتها به فهذا ( ذئب بشري ) حقيقي في شركات التوظيف التي أصبحت ملاذًا لأمثاله من الفاسدين المتلاعبين بالأعراض. ** إذن نحن لازلنا أمام جرائم ابتزاز يدنس فيها شرف الفتيات ويرتكب الذكور فيها جرائم الاغتصاب والزنا، ولن يحلها أي تشريع لمنع التحرش بل الحل هو الوقاية من الوقوع فيها بمنع أسبابها وفق حملة إعلامية وأسرية ومؤسساتية للذب عن حرمات الأعراض ومنع الظلم للطرفين. أكاديمية وكاتبة [email protected]