في ظل المتغيرات العالمية ونتيجة لعولمة النشاط المصرفي وتحرير الخدمات المالية والمصرفية برزت تحديات تنافسية كبيرة للمصارف الإسلامية؛ وذلك للعمل على التكيف مع هذه المتغيرات ومواجهة آثارها السلبية والاستفادة من المكاسب التي تحققها، وأصبح تطوير الخدمات المصرفية ومواكبة التطورات التكنولوجية المتلاحقة وتحقيق رغبات العملاء أحد المداخل الرئيسة لزيادة وتطوير القدرة التنافسية للبنوك الإسلامية، ومع ذلك فإن هناك انتقادات كثيرة توجه إلى عديد من المؤسسات المالية الإسلامية والمؤسسات الفكرية أيضا المهتمة بالاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية من حيث جودة الخدمات التي تقدمها، فالبنوك يقاس دورها ليس بالخدمات والمضامين التسويقية التي تقدمها والتي يحصل عليها من تلك الخدمة، وإنما لما تتصف به تلك المضامين من قيم رمزية تفاعلية وتواصلية ومهنية يبحث عنها العميل وتشكل له جودة أفضل من وجهة نظره، وفي ضمن هذا السياق يبرز مفهوم الجودة في الخدمات المصرفية الإسلامية، حيث يعد قياس أداء المصارف الإسلامية وفاعليتها واختبار جودة خدماتها إحدى الوسائل للتطوير والنهوض بهذا القطاع. إن التنافس بالجودة في البنك - تحت مظلة إدارة الجودة الشاملة TQM- يتطلب مقومات عدة، أهمها استلهام حاجات العملاء وتوقعاتهم كأساس لتصميم الخدمات ووظائف ونظم البنك كافة، وجعل الجودة على رأس أولويات الإدارة العليا في البنك، وزرع وتنمية ثقافة الجودة لدى كل العاملين بالبنك، واختبار وتدريب وحفز العاملين لتقديم أداء متميز قائم على الابتكار المصرفي فنيا وتسويقيا، وتبني فلسفة تأكيد الجودة المنسجمة مع مبدأ الجودة من المنبع والأداء السليم من المرة الأولي بدلا من تبني فلسفة مراقبة الجودة، وتبني مفهوم التحسين المستمر تحت مظلة إدارة الجودة الشاملة، إضافة إلى استخدام التكنولوجيا المتقدمة للمعلومات في تصميم وتقديم الخدمات المصرفية. ومن المزايا التي تجنيها البنوك الإسلامية جراء تقديم خدمات مصرفية بجودة عالية، حيث تحقق ميزة تنافسية فريدة عن بقية البنوك التقليدية وبالتالي القدرة على مواجهة الضغوط التنافسية، وتحمل تكاليف أقل بسبب قلة الأخطاء والتحكم في أداء العمليات المصرفية، وتتيح الفرصة للبنك الإسلامي إمكانية رفع الأسعار والعمولات وتحقيق أرباح أكبر، وتمكن البنك الإسلامي كذلك من الاحتفاظ بالزبائن الحاليين وجذب زبائن جدد، إضافة إلى أن الخدمة المتميزة تجعل من زبائن البنك الإسلامي كمندوبي بيع في توجيه وإقناع زبائن جدد من الأصدقاء والزملاء. إن معايير القدرة التنافسية للبنك الإسلامي التي يمكن اعتبارها من زاوية أخرى أحد مؤشرات جودة الإدارة والتحكم في التسيير. ومن المعايير مدى تبني مفهوم وأسلوب إدارة الجودة الشاملة، ومدى الاهتمام بالتدريب المستمر للعاملين وحجم المخصصات التي ترصد لذلك، ومدى الاهتمام ببحوث التطوير المصرفي، ومدى وجود توجه تسويقي أي استلهام حاجات ورغبات العملاء كأساس لتصميم الأهداف والاستراتيجيات، والسعي المستمر للاستجابة لحاجات ورغبات العملاء والتكيف مع متغيراتها، ومدى زرع وتنمية روح الفريق الواحد على مختلف مستويات البنك الإسلامي، وكذلك مدى توافر العمالة المصرفية المؤهلة، ومدى استخدام أحدث تكنولوجيا الصناعة المصرفية، والحصة السوقية للبنك ونسبتها إلى إجمال الحصة السوقية للجهاز المصرفي، إضافة إلى القدرة على التعامل مع المتغيرات البيئية المحلية والعالمية كما أن العولمة أدت إلى زيادة المخاطر التنافسية ومن ثم الحاجة إلى تبني إدارة الجودة الشاملة كمدخل لتعزيز وزيادة القدرة التنافسية، حيث يكمن معظم أدوات التنافس في إدارة الجودة الشاملة. إن مقومات وسبل تهيئة وتنمية القدرة التنافسية للبنك تنشأ من تحليل البيئة الديموغرافية من حيث هيكل وخصائص الزبائن بما يساعد في دراسة وتحليل اتجاهاتهم ورغباتهم ومعرفة الخدمات التي يرغبونها، وكذلك تحليل اتجاهات المنافسة المصرفية التكنولوجية وتسويقها، وذلك بدراسة وتقييم المنافسة في السوق المصرفية والتعرف على الخدمات المقدمة من طرف البنوك الإسلامية والمؤسسات المالية الأخرى، والتعرف على الاستراتيجيات التسويقية التي يتبناها المنافسون، وتصميم أو تبني استراتيجيات تنافسية مثل إستراتيجية الجودة، والتميز والتركيز والتحالف الإستراتيجي وغيرها، وتبني مدخل إدارة الجودة الشاملة كخيار استراتيجي، وكذلك اعتماد مبدأ جودة الخدمة والتحسين المستمر وتطوير الخدمة في هيكل الخدمات المقدمة كضرورة أساسية من ضرورات الأداء المصرفي، إضافة إلى اعتبار الزبون كحجر الزاوية في تصميم الخدمة المصرفية وقياس جودتها وتطويرها، واستخدام تكنولوجيا المعلومات كسلاح تنافسي، مع مراعاة تناسب مدى استيعاب التكنولوجيا المصرفية المستعملة من طرف الزبائن.