الحَديث عَن النُّكتَة حَديثٌ يَطول، لأنَّه يَأخذ في التَّمرُّد بكُلِّ الاتّجاهَات، السّياسيّة والاجتماعيّة والثَّقافيّة والاقتصاديّة..! ولَن نَتحدَّث عَن النُّكتَة بمَفهومها الوَاسِع، لَكن سأتنَاول النُّكَت التي بَدأت تُجهَّز وتُطبخ وتُستهلك في البيئَة السّعوديّة..! حَقًّا.. لقد كُنَّا إلى عَهدٍ قَريب نَستورد النُّكَت والطَّرائِف، وكَانت تَأتينا عَبر الكَفيل المَصري، أو المُهاجر السّوري، أو المُقيم اليَمني، ولَكن مَع الوَقت ومَع انتشَار وسَائل التّقنية، أخذ السّعوديّون يَصنعون نُكَتِهم؛ ويَطبخون طَرائفهم التي تَنبع مِن بِيئتهم، وكَما قِيل: إنَّ الإصلَاح يَنبع مِن الدَّاخِل، فكَذلك النُّكَت يَجب أن تَنبع مِن الدَّاخل، لتَتلاءَم مَع بِيئتها، وتَكون نُكَتاً تَرتدي شِماغاً وعقَالاً، ولَيس قَميصاً وبنطَالاً..! إنَّ النُّكَت المُتداولة في البيئَة السّعوديّة؛ الآن تُعالج كثيراً مِن المشَاكل التي تَطرح نَفسها عَلى سَطح المُجتمع، ومِن أبرَز هَذه المَعارك مَعركة النِّساء ضِدّ الرِّجََال، والتي تُسمَّى "غَزوة أبوسروَال وفَانيلة" مِن جَانب، ومِن جَانب آخَر مَعركة الرِّجَال مَع النِّساء، وتُسمَّى "غَزوة أم الرُّكَب السّود".. حقًّا إنَّ كَثيراً مِن النُّكَت التي يَتراشق بهَا الطَّرفان تَصبُّ في بَاب الإصلَاح بالنُّكتَة، والمَعالجة بالطُّرفة، كَما أنَّ نُكَتاً كَثيرة يَتم تَداولها تُعالج قضَايا الفَساد، وبَعض القضَايا السّياسيّة، وحِزمَة مِن التَّداعيات الاقتصاديّة، وطَائِفة مِن المشَاكل الاجتماعيّة والثّقافيّة..! ومِن طَريف مَا يُروى عَن البُخلاء: * بخيل طاح من السطح، وهو طايح شاف زوجته في المطبخ قالها: لا تسوين العشا. * امرأة بخيلة قالت لابنها: يا محمد روح اشتري ثلاث حبات خبز، واحد لي وواحد لوالدك، وواحد لك، وبعد ما راح الولد لشراء الخبز؛ طلعت الأم من الشباك وقالت: يا محمد رجّع الرغيف الثالث أبوك مات. * سألوا واحد بخيل: تعمل إيه لو الدنيا برد؟ قال: أروح جنب الدفاية. قالوا: ولو الدنيا بردت أكثر؟ قال: أقرب من الدفاية. قالوا: ولو بردت أكثر؟ قال: ألزق في الدفاية. قالوا: طب ولو نزل ثلج؟ قال: أشغل الدفاية وأمري لله. وممَّا يُروى أيضاً عَن المُتزوّجين: * واحدة بتقول لزوجها: يا ريتني جريدة عشان أكون في إيدك كل يوم، قال لها: يا ريتك نتيجة أغيّرك كل سنة. * واحدة بتقول لزوجها عمرك ما قلتلي كلمة تحسّسني إن أنا مراتك؟ قالها إنتي طالق. حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: شُكراً لوَسائل التَّقنية الحَديثة، التي كَشفت أنَّنا شَعب يُحبّ النُّكتَة ويُنتجها، ولَديه القُدرة والشَّجاعة عَلى أن يَصنع عَلى نَفسه النُّكَت، ويَضحك مِن تَصرّفاته ويَنتقدها؛ مِن خِلال عَجلات النُّكْتَة وقطَارات الطُّرفَة..!!!.