لعلك تتساءل عزيزي القارئ ما العلاقة بين دبي والمريخ و الزهرة ؟ وتساؤلك في محله و ستجد إجابته فيما سيرد في هذا المقال !! رحلتي الأسبوع الماضي إلى دبي جاءت في سياق مواصلة مشواري مع الإدارة ، الذي بدأ منذ عشر سنوات مع قناعتي بأن الإدارة هي أحد مفتاحين رئيسيين من مفاتيح التقدم لدول العالم الثالث وهما الأخلاق و الإدارة. و كانت الدورة مخصصة للتأهيل في مجال تنفيذ الاستراتيجية و بالتعاون مع جامعة جورج واشنطن. والحديث في مجال الإدارة الإستراتيجية غالباً ما يأتي على التفكير الإستراتيجي ، وأهمية النظرة المستقبلية طويلة الأمد (الرؤية) ، وعلى خصائص وتجارب المنظمات ذات الأداء المتميز ، على دور القيادة فيها ، و على الآليات و الأدوات المستخدمة في الإدارة الإستراتيجية ، وما تحققه من مواءمة للموارد البشرية و المالية المتاحة لأي منظمة و توجيهها نحو الوجهة النهائية ، و ما تنتجه من تضافر بين موارد و جهود وحداتها التنظيمية المختلفة ليكون الناتج الكلي للمنظمة أكبر من مجموع نواتج وحداتها و أقسامها. و قد كانت تجربة دبي في الإدارة حاضرة في معظم المحاضرات ، و كان من ضمن ملاحظات المحاضر -وهو فيما بدا مراقب دقيق لأوضاع و أداء دول المنطقة (بريطاني)- أن الفجوة بين دبي و المدن و الدول الأخرى في المنطقة تتسع برغم محاولات البعض اللحاق بها ، مثل تجارب أمارة أبو ظبي و دولة قطر و غيرها ، إذ إن قراءته تقول بأن تجربة دبي لا زالت تتقدم بمعدلات أعلى من معدلات تقدم تلك الدول ، ويبدو أن ذلك بسبب سبقها و تأسيسها لبنى تحتية و تنظيمية داعمة للتقدم المستدام. و المتأمل لتجربة دبي يجد فيها مثالا على صحة العديد من المفاهيم التي تقوم عليها الإدارة الإستراتيجية و الأدوات التي تستخدمها لتحقيق أهدافها ، يتأكد له دور القيادة و الإدارة في تحقيق النجاحات الباهرة. ففي دبي هناك قائد للمنظمة صاحب رؤية ، و هناك خطط وضعت لتحقيق الرؤية ، و هناك مشاريع نُفذت و تُنفذ لتحقيق الرؤية ، و هناك بنى تحتية و هياكل تنظيمية داعمة لتحقيق الرؤية ، وهناك إجراءات إدارية مبسطة وواضحة ، و بالتالي فساد أقل إعاقة للتقدم نحو تحقيق الرؤية. و من تردد على دبي خلال السنوات العشر الماضية يعرف كيف أن تطور المدينة مضى يتقدم بسلاسة ودون معوقات تُذكر. و أما (حقاً المريخ و الزهرة) فهو كتاب لمؤلف أمريكي اسمه د. جون جراي يقدم نصائح هامة و مفيدة للرجال والنساء ، ويوضح الاختلافات الجوهرية ما بين الرجل و المرأة بهدف أن تكون العشرة بين الأزواج أكثر سعادة. وقد حثتني زوجتي مراراً على قراءته ، وفي كل مرة أسوّف و أدعي عدم الحاجة لقراءته لخبرتي الطويلة كزوج ، فما كان منها أن دسّته في حقيبة ملابسي ، ووجدتني في مواجهته في غرفة الفندق في دبي ، فأصبح لا مناص من قراءته خصوصاً و أن لدي متسعاً من الوقت و أنه النسخة المختصرة من الكتاب الأصلي الذي عنوانه (الرجل من المريخ و المرأة من الزهرة). فقرأته و كنت أثناء قراءته أتأمل الاختلافات التي أشار إليها المؤلف بين الرجل و المرأة ، ونصائحه للتعاطي مع المواقف المختلفة ، وأقارنها بالعديد من المواقف التي مرت بنا أنا وزوجتي ، أو بأزواج آخرين ممن حولنا ، وكيف أخطأ الأزواج في تقدير بعض تلك المواقف نتيجة للفهم الخطأ لطبيعة كل منهما ، وكيف حاول كل طرف إسعاد الآخر وفقاً لطبيعته وفهمه هو و ليس وفقاً لطبيعة الطرف الآخر وفهمه وإدراكه للمواقف المختلفة ، و بالتالي عدم تحقق السعادة المنشودة. و كذلك كنت أتأمل أحاديث الرسول عليه الصلاة و السلام التي تحثنا على الاستيصاء بالنساء خيراً ، و على قبول المرأة كما هي و عدم محاولة تغييرها، و أن الإصرار على تغييرها سوف يؤدي إلى كسرها .. واكتشفت في النهاية سر إلحاح زوجتي علي بقراءته !! و أنا بدوري أنصح الأزواج و المقبلين على الزواج بقراءة الكتاب ففيه الكثير مما يفيدهم ويسعدهم و يطيّب حياتهم ، و أنصح أن يكون ضمن الحقائب التدريبية التي يتم إعدادها لدورات المقبلين على الزواج ففي رأيي أن محتويات الكتاب من المعارف و النصائح ستكون سبباً بإذن الله في انخفاض معدلات الطلاق المتزايدة بين الأزواج هذه الأيام. بقي أن أسأل: هل دبي من المريخ و الدول العربية الأخرى من الزهرة ؟؟ مجرد سؤال !!