يبدو من الواضح أن إسرائيل تقوم باستغلال الأزمة السورية واستمرار الانقسام الفلسطيني وانشغال الأمة العربية بتطورات «الربيع العربي» من أجل تحقيق أهدافها الخبيثة في الاستيطان والتهويد وكسر إرادة الشعب الفلسطيني وتكريس سياسات الاحتلال والاغتيال والعدوان والحصار، لا سيما في ظل انشغال العالم بتطورات الأحداث الدامية في سوريا التي لا تخفي إسرائيل تطلعها إلى استمرارها لأطول وقت ممكن. لذا لم يكن من المستغرب أن تشن تل أبيب عدوانًا جديدًا على قطاع غزة وتقوم بممارسة نهجها الإرهابي باغتيال المزيد من القيادات الفلسطينية وترويع الأهالي العزل الذين يعانون أصلاً من الحصار ومن انقطاع الكهرباء ونقص المياه الصالحة للشرب والأدوية والحاجات الأساسية. استهداف إسرائيل في غاراتها على القطاع لأحد الأسرى المحررين ضمن من استهدفتهم في تلك الغارات الوحشية لم يكن مستغربًا لأن تلك الجريمة جاءت تنفيذًا لتهديدات سابقة من قبل مسؤولين إسرائيليين كبار باغتيال الأسرى المحررين، وهو ما يتناقض مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، ويؤكد على استمرار النهج العدواني والإرهابي لدولة الاحتلال. يمكن النظر إلى أن العدوان الإسرائيلي الجديد القابل للتصعيد إلى مستويات خطيرة ويعتبر بمثابة بالون اختبار تسعى إسرائيل من خلاله إلى قياس ردود الأفعال العربية والدولية، لا سيما في الظروف الراهنة الحرجة التي تمر بها الأمة العربية، إلى جانب قياس ردود فعل القيادات الفلسطينية التي يفترض أن تكون على قدر تحمل أعباء المسؤولية التاريخية والوطنية في مواجهة التحديات الإسرائيلية المتصاعدة، بدءًا من إنجاز المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام وليس نهاية بتصعيد المقاومة الشعبية في كافة المناطق واستنهاضها ضد الاحتلال والاستيطان والجدار والحصار، باعتبار المقاومة الشعبية أحد أبرز الأشكال النضالية التي تنسجم مع معطيات المرحلة الراهنة ومتطلباتها، إلى جانب ضرورة تكثيف أساليب النضال السياسي والدبلوماسي من خلال مطالبة المجتمع الدولي والجهات الراعية لعملية السلام بالتزام إسرائيل بمرجعيات تلك العملية والإسراع في تحقيق رؤية حل الدولتين ونقلها إلى أرض الواقع باعتبارها الطريق الأقصر لحل النزاع، والعمل بشكل سريع لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني بما في ذلك تأمين الحماية لكافة الأسرى المحررين وإنهاء كافة الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.