عندما جمع القائد المؤسس والباني الموحد الملك عبدالعزيز- يرحمه الله- الشتات ولمّ الشمل ووحد القلوب والتراب على هذه الأرض الطيبة من خلال الالتزام بالمنهج والتقيد بالنهج الذي قوامه القرآن والسنة، فإنه إنما وضع الأسس والثوابت والمبادئ التي أقام عليها هذا الصرح الشامخ بعون الله وتوفيقه قبل أكثر من سبعة عقود والتي كان على رأسها إرساء الأمن في أركان هذا الكيان وحماية وخدمة الحرمين الشريفين والحجيج والمعتمرين والزائرين لبيت الله الحرام، والانطلاق بالمسيرة السعودية التي تنشد التقدم والتطوير للوطن والرفاهية والرخاء للمواطن نحو أهدافها السامية، فكانت التجربة الرائدة بهذه المواصفات وتلك الخصائص حالة متفردة في منطقة كانت الكثير من بلدانها تعصف بها الثورات والاضطرابات والانقلابات العسكرية وترفع فيها الشعارات الفارغة والأيدلوجيات المستوردة الخالية من أية مضامين تعبر عن أماني شعوب المنطقة وتطلعاتها. لذا كان من الطبيعي أن تكتسب المملكة تلك المناعة العقدية التي وفرت لها مجتمع الأمن والأمان والاستقرار بحيث ظلت توصف بشهادة العديد من الزعماء والمفكرين والمؤرخين منذ بداية عصر التكوين بأنها واحة للأمن والاستقرار ونموذج لبيئة الوسطية والتسامح والاعتدال ومثال للدولة التي تسعى إلى تحقيق التطور والرقي والرخاء لمجتمعها وتنشد الأمن والسلام لمنطقتها والعالم، وهو وضع يشعر به المواطن والمقيم والزائر والمراقب. لذا فإن ما صرح به المصدر الأمني تعقيبًا على ما جاء في خطبة الجمعة لأحد مشايخ محافظة القطيف التي تطرق فيها لما يحصل من أحداث ومواجهات متفرقة بين رجال الأمن وقلة مغرر بها من سكان المحافظة يصطدم بالحقيقة ويكشف عن مغالطات عديدة كون هذه الأحداث تختلف كليا عما تشهده بعض البلدان العربية كونها نتيجة لتحريضات من قوى خارجية تحاول العبث بأمن الوطن واستقراره، بما يضعها في نفس مرتبة الأحداث الإرهابية التي واجهتها المملكة بكل حزم وحكمة دون تمييز مناطقي أو طائفي. التصدي بيد من حديد لهذا الإرهاب الجديد بأجندته الخارجية ونواياه الخبيثة لا يعتبر فقط حقًا مشروعًا للدولة، وإنما أيضًا واجب على كافة أبناء الشعب السعودي الحريص على الحفاظ على وحدته وأمنه ومكتسباته والذي يخوض معركة التنمية والتقدم متسلحًا بسلاح الإيمان والعلم متطلعًا إلى المستقبل ليظل الوطن دائمًا في أيدٍ أمينة مكينًا وآمنًا وعزيزًا.