تبرز مدينة تيماء بوصفها إحدى المدن التاريخية في المملكة العربية السعودية بما تضمه بين جنباته من ثراء تراثي للعديد من الحقب التاريخية التي تعاقبت عليها.. فعلى على المدينة ثمة آثار تعود تاريخها إلى ما قبل عصور الإسلام. تقع مدينة تيماء إلى الجنوب الشرقي من مدينة تبوك، وهي من الواحات القديمة حيث عثر فيها على آثار ونقوش ترجع إلى القرن الثامن قبل الميلاد، وآثار أخرى يعود تاريخها إلى الفترة الإسلامية المبكرة. كما أن تيماء تمتاز بخصوبة أرضها وموقعها الاستراتيجي بالمنطقة، وتكمن أهميتها في كونها مركزًا تجاريًا وزراعيًا وإداريًا. وتعتبر تيماء من أقدم المدن تاريخًا، ومن المعالم الرئيسة فيها: سور المدينة الأثري والمباني الأثرية وبئر هداج. وكانت مدينة تيماء مصيفًا للقوافل في عصر الحضارة البابلية قبل نحو 4000 سنة، واتخذها أحد ملوك بابل مصيفًا له، ويحيط بها سور عظيم من كل الجهات ما عدا الجهة الشمالية حيث المرتفعات، وتوجد معظم الآثار القديمة داخل هذا السور. تأهيل تيماء وضعت الهيئة العامة للسياحة إطارًا عامًا لتأهيل وسط مدينة تيماء التاريخي، وقد تضمن هذا الإطار رؤية للمشروع تتمثل في تأهيل وسط مدينة تيماء كمركز تاريخي بشكل يتكامل مع مكانتها التاريخية والطبيعية المتميزة، ويجعله موردًا اقتصاديًا للمجتمع المحلي ومصدرًا لفرص العمل؛ وذلك لما يحويه وسط مدينة تيماء من معالم تاريخية، من أبرزها بئر هداج أشهر بئر عرفها العالم القديم، والتي يعود تاريخها إلى منتصف القرن السادس من الألف الأول قبل الميلاد، وقد تم حفرها وشيدت جدرانها أثناء الاحتلال البابلي لتيماء في القرن السادس قبل الميلاد. وأعدت أمانة منطقة تبوك دراسة تطويرية لوسط مدينة تيماء، كما قامت الهيئة العامة للسياحة والآثار بمراجعة تلك الدراسة؛ للتأكد من أن هذه الدراسة تتماشى مع التوجه العام لتطوير وسط مدينة تيماء كمركز تاريخي. ويتميز مركز مدينة تيماء التاريخي بوجود الكثير من عناصر التراث العمراني، من أهمها: السور الكبير (سور تيماء الأثري): يحيط بمدينة تيماء القديمة من الجهات الغربية والجنوبية والشرقية عدا الجهة الشمالية التي تشغلها الأرض الملحية المعروفة باسم (السبخة)، ويمتد السور أكثر من من 10 كيلومترات، وهو مشيد من الحجارة واللبن والطين، ويبلغ ارتفاعه حاليًا في بعض الأجزاء أكثر من عشرة أمتار، ويقل ارتفاعه في بعض الأجزاء؛ حتى يصل إلى المتر الواحد تقريبًا، وعرض جداره يتراوح بين متر ومترين، ويعود تاريخ بنائه إلى القرن السادس قبل الميلاد. قصر الحمراء يقع القصر في الجهة الشمالية من تيماء، ويعد من أهم المواقع بل إنه الموقع الوحيد الذي يظهر تاريخه بشكل واضح بعد أن تم الكشف عنه كاملاً، وهو مشيد من الحجارة، ويقسم إلى ثلاثة أقسام أحدها استخدم للإمارة، والآخران لخدمة سكان القصر، ويعود تاريخ بنائه إلى منتصف القرن السادس قبل الميلاد. قصر الرضم هو مربع الشكل تقريبًا، وفي وسطه بئر وجدرانه مشيدة من الحجارة المصقولة، وله دعائم من الخارج، ويعود تاريخه إلى الألف الأول قبل الميلاد. بئر هداج تعتبر من أعظم آبار الجزيرة العربية بل أشهرها ويعتقد أن تاريخ حفر وبناء جدران هذه البئر يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد، ويقال إن هذه البئر تعرضت للطمر حينما أصيبت تيماء بكارثة الفيضان، وبقيت مطمورة عدة قرون حتى أتى إلى تيماء رجل يدعى سليمان بن غنيم وحفر البئر، ولا يزال الكثيرون من أهالي تيماء ينتسبون إلى هذا الرجل. قصر الأبلق لم يكشف عن القصر حتى الآن، ولا يزال مطمورًا تحت الأنقاض عدا بعض أجزائه العلوية التي توضح أن جدران القصر شيدت من الحجارة، وذكر هذا الحصن في عدد من المصادر العربية القديمة، كما جاء في الكثير من القصائد التي تحدثت عن روعته وشكله وأسلوب بنائه. قصر البجيدي تم الكشف عن هذا القصر عام 1412 ه، وهو مربع الشكل تقريبًا، وفي أركانه أبراج دائرية، وكُشف خلال عمليات التنقيب فيه عن نقوش إسلامية مبكرة تشير إلى أن الموقع يعود إلى العصر الإسلامي المبكر. تل الحديقة يقع وسط المدينة السكنية الحديثة، ويعود تاريخه إلى القرن الثاني قبل الميلاد تقريبًا، وقد تم الكشف عن بعض أجزائه، وعثر فيه على كمية كبيرة من الفخار تشير إلى الكثافة السكنية وازدهار صناعة هذه المادة المهمة. الأهمية الاستراتيجية لمركز مدينة تيماء التاريخي أوضحت الدراسات التي أعدتها الهيئة العامة للسياحة والآثار الأهمية الاقتصادية لمركز مدينة تيماء التاريخي بوصفه نموذجًا لمراكز المدن التاريخية بالمملكة، وصنفته في قمة المواقع المحتملة للجذب السياحي، وتم اختياره كأحد المشاريع الوطنية التجريبية ليتم تنفيذه وفق المعايير العالمية لإحياء مركز المدينة التاريخي، ولحماية المواقع التراثية وإعادة تأهيلها. رؤية المشروع على الرغم من الأهمية التاريخية والدور الحيوي لمركز مدينة تيماء التاريخي، إلا أن منطقة وسط المدينة المتمثلة في بئر هداج والمواقع المحيطة بها لم يتم التعامل معها معماريًا وعمرانيًا بالشكل الذي يلائم أهميتها، على الرغم من كل الأعمال السابقة من التطوير وإعادة التأهيل للبنى التحتية وغيرها، وخصوصًا على المستوى المعماري. ويهدف هذا المشروع بشكل أساسي إلى إعداد دراسة لتطوير وإعادة تأهيل منطقة بئر هداج والمواقع المحيطة بها في مركز مدينة تيماء التاريخي، وذلك ضمن دراسات متخصصة تضع في الحسبان الأبعاد التراثية والتاريخية والثقافية، إضافة إلى إنعاش الحركة التجارية للسوق. ويهدف المشروع كذلك إلى إعداد مخطط عمراني ومعماري لتطوير وإعادة تأهيل المنطقة المحيطة ببئر هداج التاريخية من خلال وضع البدائل الملائمة لتأهيل المباني المحيطة بها. وإعداد مخطط تنظيمي للمنطقة المحيطة ببئر هداج بما يتناسب مع المحافظة على المعالم التراثية الموجودة وفي المحيط العمراني وتهيئة المباني القائمة حاليًا بصورة تراثية؛ لتتماشى مع طبيعة المنطقة التاريخية. وكذلك تطوير وتحسين بيئة المنطقة المحيطة ببئر هداج من الناحيتين المعمارية والعمرانية، وتحسين الممرات وخطوط شبكة المرافق. مع الربط الفراغي والحركي لمحيط البئر مع المنطقة المحيطة. ودعم الجانب السياحي والترفيهي في مدينة تيماء بما يعود بالفائدة على المستثمرين والزوار. وإعادة تأهيل مركز مدينة تيماء التاريخي وتنميته اقتصاديًا واجتماعيًا وسياحيًا. واستعادة الشخصية العمرانية التي يتميز بها وسط المدينة القديم، وإعادة تأهيله؛ ليصبح مركزًا تاريخيًا للمدينة، مع توظيف التراث الثقافي به. وتقديم مركز المدينة التاريخي بعد تأهيله كنموذج ولتأهيل مواقع التراث العمراني سياحيًا، والاقتداء به وفي المواقع المماثلة. وتحويل وسط المدينة بمحيطه البيئي إلى منطقة جذب سياحي، وتسويقه كمنتج سياحي مميز محليًا وعالميًا. وكذلك إحياء الحرف والصناعات التقليدية والتراث وتوظيفها اقتصاديًا. وتشجيع المستثمرين على الاستثمار ضمن المركز التاريخي. وإشراك الأهالي في إعادة تأهيل وسط المدينة القديم، وتنميته بما يعود عليهم بالمنفعة. ورفع مستوى الخدمات المقدمة والمرافق التحتية لضمان استمرارية الاستيطان. وإعادة استخدام المباني المهجورة بخصوص المحافظة على التوازن الاجتماعي والاقتصادي. دور الهيئة في المشروع تم التنسيق مع أمانة منطقة تبوك وبلدية محافظة تيماء وأعضاء مجلس التنمية السياحية بمنطقة تبوك؛ لوضع مخطط لحماية وتطوير وسط المدينة التاريخي، إضافة إلى وضع خطة لتنمية سياحية ثقافية مستديمة؛ للمساهمة في إعادة تأهيل التراث العمراني. كما أعدت أمانة منطقة تبوك دراسة تطويرية لوسط مدينة تيماء، وقامت الهيئة العامة للسياحة والآثار بمراجعة تلك الدراسة؛ للتأكد من أن هذه الدراسة تتماشى مع التوجه العام لتطوير وسط مدينة تيماء كمركز تاريخي. كما تم القيام بمسح ميداني، بالتعاون مع أمانة منطقة تبوك وبلدية محافظة تيماء؛ للتعرف على الوضع القائم للمركز بكل عناصره والمناطق المحيطة. ويتم التنسيق مع أمانة المنطقة وبلدية محافظة تيماء لتطوير ساحة الاحتفالات العامة ليتم تفعيلها في تنظيم الفعاليات الشعبية والمهرجانات، مع إعادة تأهيل ممرات المشاة القائمة والأثرية ضمن المركز وخارجه، وتأهيلها، إضافة إلى المحافظة على هويتها التراثية. كما ان هناك جهات شاركت في المشروع ومنها وزارة الشؤون البلدية والقروية والهيئة العامة للسياحة والآثار وأمانة منطقة تبوك وبلدية محافظة تيماء.