تمر الذاكرة عبر مسار طويل من الأحداث والمواقف دون أن تتوقف، حتى يجد الإنسان نفسه أمام حدث يستدعي أن تتداعى الذكريات عنده ومعه. ولعل أكثر هذه الأحداث إيلامًا وحسرةً وحزنا هو حدث الوفاة لإنسان ما. دارت هذه الخواطر بنفسي وأنا أسمع نبأ وفاة الأستاذ محمد عبدالله عراقي ليمرّ على الذاكرة شريط إنساني عن مواقف هذا الرجل وخدماته لغيره من الناس طيلة فترة عمله بوزارة الحج لسنوات طويلة. هذا الرجل تميّز بحرصه الشديد على أن يقدم خدمة أو يسدي معروفًا لمن يعرف ومن لا يعرف، فهو كان "خدومًا" بمعنى الكلمة حتى لو واجه في سبيل ذلك العنت والجحود. عاصرت معه جزءًا من مسيرته في الوزارة، فعرفت فيه الشهامة والنبل والوفاء والتضحية، وكنت أشفق عليه عندما أرى أثر التعب على قسمات وجهه وهو يؤدي خدمة أو يقوم بعمل لإسعاد الآخر دون أن يشكو أو يتضجر. عرفت بوفاته فحزنت لغيابه ودعوت له الله أن يشمله برحمته وأن ينزل عليه غفرانه.. فالله وحده الكفيل بأن يُجزل له العطاء ويشمله برحمته وأن يبارك في نسله وأن يبروه بعد وفاته بأعمال الخير كما كانوا بارين به في حياته. غفر الله له وأسكنه فسيح جناته. * وزير الحج الأسبق