الإصلاحات الثقافية والاجتماعية خلال السنوات الأولى لحكومة الميجي: حقق انتشار العلم تقدما كبيرا ولاسيما بين الإناث، ففي الفترة الممتدة بين عامي1868-1875 ارتفعت نسبة الإناث المتعلمات من 10% الى 19%، أما بين الذكور فقد ارتفعت هذه النسبة من 43% إلى 45%، كما أوفدت حكومة الميجي الطلبة المتفوقين دراسيا وعلميا في بعثات خارجية إلى الغرب لاكتساب المهارات والخبرات العلمية والتقنية المتقدمة، وكان من بين المساعدات التي قدمت لليابان دون مقابل المنح المختلفة من جانب البعثات التبشيرية البروتستانتية، ومعظمها من الولاياتالمتحدة والتي أسهمت بالنصيب الأوفر في مجال تعليم اللغة الانكليزية وإتقانها، بوصفها لغة اتصال مع الغرب الصناعي المتطور. الإصلاحات الاجتماعية تمثلت في إلغاء نظام التقسيمات الاجتماعية التقليدي، ونتيجة لذلك أصبح المجتمع الياباني يتكون من طبقتين رئيستين هما الطبقة الارستقراطية، وطبقة العامة، مع الحرص على ضمان المساواة للجميع أمام القانون. خريجو الجامعات، وأهمها جامعة طوكيو الحكومية من المؤهلين تولوا المناصب الحكومية العليا، وقد أسهم ذلك في تشكيل النخبة اليابانية المثقفة، والمتأثرة بالغرب، ومن هنا يمكن القول إن أهم مظاهر النهضة اليابانية الحديثة، ولاسيما على الصعيدين الثقافي والاجتماعي، قد تجلت فيما يلي- 1-أن الانتماء الطبقي اصبح قائما على درجة التعليم ومستوى التأهيل المهني وما ينجزه المواطن الياباني من أعمال. 2- أن انتقال المناصب الحكومية يتم تبعا للمؤهلات العلمية، والنجاح في الاختبارات الطويلة وهذا يشكل نقلة نوعية بالنسبة للطبقة اليابانيةالجديدة التي تتكون من الطبقة المثقفة والمؤهلة علميا، وفنيا، وإفساح المجال لها لتسلم زمام الأمور في اليابان. 3- أن حركة التوسع في مجال التعليم وما نتج عنها من تحولات, قد أدت إلى استثارة ديناميكية الأمة، وتفعيل نشاطها الخلاق من خلال تأهيل المواطنين المهرة علميا وفنيا، واستخدامهم استخداما فعالا. 4- لقد أدت عملية تصنيع اليابان إلى ظهور طبقة جديدة من كبار رجال الأعمال، ونواة طبقة عاملة صناعية متقدمة على الصعيد التقني، مما أدى بالتالي إلى انتقال اليابان إلى مرحلة الرأسمالية الصناعية المتطورة. إن جميع الإصلاحات المشار إليها فيما تقدم، وبمظاهرها وأشكالها، ومستوياتها كافة قد مهدت الطريق لتطور اليابان اللاحق في المجالات الاقتصادية، والسياسية المختلفة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.