قال الضَمِير المُتَكَلّم : يقول أحد المدرسين الذين باشروا عملهم بداية هذا العام : كان نصيبي تعليم طلاب السنة الثالثة الابتدائي ، وكانت المفاجأة أن أغلبهم إنْ لم يكن كلهم لا يجيدون القراءة والكتابة ، وأضاف رغم أني خَصّصت بعض الوقت لمساعدتهم ؛ لكن كانت النتيجة سلبية !! أردت الهروب من هذا الجحيم ، وانتقلت بعد إلحاح لتدريس طلاب الصفّ السادس ؛ وهنا كانت الطامة ؛ فالكثير منهم لا يعرفون من القراءة إلا اسمها ، وزاد على ذلك سوء خلقهم وبَلْطَجَتِهِم ؛ فماذا أفعَل ؟! أخبرته الواقع يشهد ويَنْصَحُك : لا تتعب نفسك وتحرق أعصابك ، مع بعض الاستثناءات ؛ فهذا حَالُ تعليمنا : ( طلاب مهملون ، أُسَرٌ لا تَهْتَم ، وهناك معلمون يصلحون لأي شيء إلا للتدريس ،فقد أصبح وأمسى التعليم مهنة مَن لا مهنة أو صنعة له ، ثم هناك نظام التقييم في المرحلة الابتدائية الذي يساعد ويدعو لفشل التعليم ؛ فما أسهل أن يُمنح جميع الطلاب معدل ( 1 ) ، وأنهم أتقنوا جميع المهارات !! نعم هناك معلمون يتحملون المسئولية ، ويخلصون في تقييم طلابهم ؛ ولكنهم لو تجرؤوا ورسّبوا طلاباً ؛ فعقابهم غير المباشر يكون بإلزامهم بكورس مكثف للطلاب لمدة اسبوع وبالتالي يفقد اولئك المعلمون جزءا من إجازتهم ، ثم لابد من لجنة تعيد تقييم الطلاب ! ، هذا بالإضافة إلى خوفهم من سطوة الطلاب وأولياء أمورهم ؛ فلسان حال أولئك المخلصين يقول : ( مِن خَاف يَسْلَم ) ، فالطلاب الفاشلون ينجحون ، ( والباب اللي يجيك منه الريح سِدّه ياعَمّ واسْتِريح ) !! وأزيدكم قبل أيام كنت أراقب على طلابي في الجامعة وكانت الظاهرة ، ضعف مستوى القراءة والخَط ، بل والفهم ، والأخطر التهاون وعدم المبالاة بالأنظمة ومواعيد الاختبار ؛ وأولئك الطلاب الجامعيون هم مخرجات التعليم العام !! إذن هناك مشكلة بل معضلة في تعليمنا ( في اختيار المعلمين وتأهيلهم ، في عدم حمايتهم وإعطائهم حقوقهم ، في المدارس وتكدسها بالطلاب ، في المناهج التي تُنْقَلُ فيها تجارب دول ومجتمعات أخرى قد تكون التجارب لديهم ملائمة لهم وناجحة عندهم ، ولكنها عندنا تصبح فاشلة !! والشاهد الواضح نظام تقييم الطلاب ؛ فقد أثبت فشله ؛ فبالله عليكم أنّى لمدرسٍ مهما كانت قدراته خارقة أن ينجح في تقييم تحصيل وسلوك أكثر من خمسين طالباً في فَصْله الدراسي !! أخيراً التعليم هو أساس بناء المجتمعات ، وأَيُّ خلل فيه نتيجته ضياع حاضر ومستقبل المجتمع على كافة المستويات ؛ ففي بريطانيا ، وبعد أحداث الشغب والاعتداء على الممتلكات العامة التي وقعت قبل أشهر من بعض الشباب البريطاني ؛ كانت أول خطوات العلاج قيام الجهات المختصة بدراسة أوضاع التعليم وتقييمها ؛ باعتبار التعليم هو المحرك الأساس للسلوك الإنساني والمجتمعي !! فهل نعيد النظر في تعليمنا في عمقه وليس في الشكليات ؛ هل يتحمل مسئولياته ذوو الخبرة والاختصاص ؟! هل تعود دراسة القاعدة البغدادية في القراءة ؟! هل ترجع الفَلَكَة والعَصَا ؟! هل يحظى المعلم بهيبته السابقة ؟! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة . تويتر : @aaljamili