من داخل أحياء جدة العريقة، والتي تفوح من شوارعها رائحة التاريخ العبقة، وفي شارع الذهب بالقرب من طلعة المعمار باتجاه سوق العلوي.. تجد داخل أحد أزقته لافتة صغيرة مكتوب عليها «مطبعة فضل الرحمن».. والتي تبدو وكأنها من الوهلة الأولى مجرد مكتب صغير، ولكن ما إن تطأ قدماك داخل المكان إلا وتتفاجأ بصوت دوي آلات الطباعة، والعمالة المدربة أشبه ما تكون بخلية نحل صغيرة تعمل بلا توقف.. هذه المطبعة تعتبر ثاني مطبعة تؤسس في جدة بعد مطبعة الفتح منذ عام 1371ه 1951م لمؤسسها محمد رضا حسين باسلامة. المدير الفني للمطبعة معاوية الصديق محمد الذي ظل يعمل فيها منذ أكثر من ثلاثة عقود، روى ل»الأربعاء» تاريخ هذه المطبعة بقوله: بعد وفاة باسلامة أصبحت المطبعة في حوزة ابن اخته سليمان صالح قاسم، والذي عني بطباعة أمهات الكتب العربية مترجمة إلى اللغة الإنجليزية لغير الناطقين ككتب ابن القيم وغيرها بالإضافة إلى أنه قد قام بعمل دار نشر أسماها «أبو القاسم»، وهو أيضًا وكيل للداعية الإسلامي أحمد ديدات (رحمه الله) في نشر مؤلفاته والمنشورات الخاصة به. ويضيف معاوية: هذه المطبعة كانت في السابق في موقعها الأول بالخاسكية، ولها في مكانها هذا 50 سنة تقريبًا، ونشاطها حاليًا قائم على طباعة المستندات التابعة للمؤسسات التجارية خاصة الكائنة في منطقة البلد، وأضفنا إليه في السنوات الأخيرة طباعة بطاقات الأفراح وغيرها من الأمور الحديثة المعاصرة. ومكائن الطباعة فيها والتي يزيد عمرها عن 60 عامًا مازلت محتفظة بجودها وتقوم بعملها في المطبعة، فهنالك طابعة منذ 1950م وهي من أقدم الطابعات الموجودة، إضافة إلى قوالب الاسطنبات والحروف التي كانت تستخدم في الطباعة قديمًا قبل إدخال الأجهزة الحديثة، كما أن أحدث طابعة في المطبعة متواجدة منذ 1976م، كما نستخدم في الوقت الحالي أجهزة الحاسب الآلي وذلك من أجل تطوير العمل.