من الجوانب التي طرقها الأدباء وأبانوا عنها في أشعارهم ونبَّهوا إلى خطورتها اللسان، وما له من أثر في التَّعامل مع الآخرين، فالكلمة لها خطورتها وضررها كما أنَّ لها أهميَّتها ونفعها، والمرء يكون حيثما يتكلَّم أو يتلفَّظ به من قول، فالكلمة ملك صاحبها ما لم يتلفَّظ بها، فإذا تلفَّظ بها أصبح ملكا لها. وتتَّضح خطورة اللِّسان، وضرورة صونه من الوقوع في الزَّلل من قول النَّبيِّ الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه -: «كفَّ عليك هذا» وأشار إلى لسانه. قال معاذ: «قلت يا رسول الله، وإنَّا لمؤاخذون بما نتكلَّم به؟ فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: »ثكلتك أمُّك يا معاذ!! وهل يكبُّ النَّاس في النَّار على وجوههم إلَّا حصائد ألسنتهم». وقال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: «احسبوا كلامكم من أعمالكم وأقلُّوه إلَّا في الخير». وقال أبو الأسود الدُّؤلي يوصي ابنه: «يا بنيَّ إن كنت في قوم فلا تتكلَّم بكلام من هو فوقك فيمقتوك، ولا بكلام من هو دونك فيزدروك». وقال بعض البلغاء: «الكلمة أسيرة في وثاق صاحبها، فإذا تكلَّم بها صار في وثاقها». وحفظ اللِّسان من الصِّفات الحميدة التي تبعث على التَّآخي وتقوي أواصر المودة بين الناس، وقد تطرق الشعراء لهذا الجانب الأخلاقي، وأشاروا إلى أهميته، يقول الإمام الشافعي- رحمه الله-: إذا شئت أن تحيا سليمًا من الأذى وحظك موفور وعرضك صيِّنُ لسانك لا تذكر به عورة امرئٍ فكلك عورات وللناس ألسنُ وعينك إن أبدت إليك مساوئً فصنها، وقل يا عين للناس أعينُ وعاشر بمعروف، وسامح من اعتدى وفارق ولكن بالتي هي أحسنُ ويقول صالح بن عبدالقدوس موصيًا بمجانبة الكذوب الذي يجر الوبال والخذلان على صاحبه: ودع الكذوبَ ولا يكنْ لكَ صاحبا إن الكذوبَ لبئس خلًا يصحب واحفظ لِسانك، واحترز من لفظه فالمرء يسلم باللسان ويعطَب وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن ثرثارةً في كلّ ناد تخطب ويرى الإمام عبدالله بن المبارك - رحمه الله- أن شغل اللسان في الحق خير من الخوض في الباطل، ويدعو المرء إلى مراقبة لفظه، وأن يجعل التسبيح ديدنه كلما هم لسانه أن ينطق بالباطل، يقول في ذلك: وإذا هممت بالنُّطق بالبا طل فاجعل مكانه تسبيحا فاغتنام السكوت أفضل من خو ض وإن كنت بالكلام فصيحا وهذا يدل على أهمية الكلمة وأثرها في حياة الإنسان، وما يكون لها من انعكاس واضح على أخلاقه وقيمه، وما تحققه من أثر فاعل في المجتمع. *الأستاذ المشارك بكلية اللغة العربية الجامعة الإسلامية.