في الثاني عشر من الشهر الثاني عشر من العام الميلادي المنصرم انتقل إلى رحمة الله وواسع مغفرته وكريم عفوه الشيخ الجليل عمر بادحدح بعد أن جاوز التسعين ربيعا. وحياة الشيخ جلها ربيع في ربيع، ذلك أنه كان معطاءً بكل ما تعنيه الكلمة. والعطاء وحده يصنع من حياة صاحبه ربيعاً دائماً.. كان معطاءً بكل ما تيسر له من أدوات ووسائل، فإن لم يكن بحُر ماله، فبجاهه يبذله دون تردد لدى أولي الفضل والأمر والجاه، فإن لم يكن فابتسامة طيبة ووعد ببذل الجهد. هكذا عرفت الشيخ الكريم، وهكذا أدركت أنه يحمل في نفسه راحة بالغة وطمأنينة سابغة، لأنه لم يبخل بما آتاه الله من مال وجاه وصحة ليسع المحتاج والسائل والمضطر، بل وحتى الزائر والصديق والقريب. أسس رحمه الله مع نفر من الأفاضل أمثاله لجنة مساعدة السجناء المعسرين والمعوزين منذ أكثر من 30 سنة، وكان يطلع بنفسه على أحوال السجناء المعسرين حتى يذهب المال إلى مستحقه فعلاً بعد محاولات إصلاح أو تنازل أو سماح. كان رحمه الله دقيقاً في عمله مخلصاً في سعيه، إذ علم أنه مستؤمن على المال الذي جُمع لغاية، ولا ينبغي أن يُنفق إلا لتحقيق تلك الغاية. وأما بذل الجاه، فكثير لا يحصى، وكذا لقاءات إصلاح ذات البين بين أسر متشاكسة أو تجار مختلفين أو أصدقاء متباعدين. ولم يقتصر نشاطه (الربيعي) الدائم على حدود المملكة، بل شمل المسلمين خارج البلاد فكان له نصيب من دعم اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات الأردنية بعد نزوحهم من ديارهم التي اغتصبها الصهاينة المجرمون. هكذا عاش الشيخ عمر حياته ربيعاً دائماً.. ربيع يحوطه العطاء النقي من شوائب الدنيا المرتبط بما عند الله من أجر ومثوبة. ولأنها ذرية بعضها من بعض، فقد أنعم الله على شيخنا الكريم بأبناء بررة حملوا الراية نفسها بذلاً وعطاءً وتضحية. رحم الله الشيخ عمر وأسكنه فسيح جناته، وتقبل شهادة كل من عرفه، فالناس شهود الله في أرضه، وما شهدنا على الشيخ عمر إلا بكل خير وصلاح وبذل وعطاء.