أربعة أيام ثرية بالطروحات والحوارات والرؤى وفرص التعارف المفتوح بين كافة الأطياف والمذاهب الفكرية والتنوعات البيئية والثقافية، لم تكن لتكون على ذلك القدر من الثراء والتنوع لولا الرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين وفكر معالي الوزير المثقف الانسان د. عبدالعزيز خوجة، وإدارة ومتابعة الإعلامي د. محمد رضا نصر الله أمين عام ملتقى المثقفين الثاني الذي عقد في مدينة الرياض، الاثنين إلى الخميس 1- 4 صفر 1433ه الموافق 26- 29 ديسمبر 2011م. متحدثون ومتحدثات طرقوا العديد من الموضوعات التي تمثل مفاصل حيوية في جسد الثقافة في كل زمان ومكان: المكتبات العامة، العلاقات والاتفاقات الدولية، الجوائز الثقافية، التخطيط الثقافي، الخبرات الثقافية العربية والدولية، دور المرأة الثقافي، المهرجانات الثقافية والأسواق القديمة، ثقافة الطفل، المراكز الثقافية، الصناعات الثقافية، الفن التشكيلي، التراث الموسيقي والفنون الشعبية، الفنون الأدائية (مسرح وسينما وتلفزيون، دور المرأة الثقافي) إلا أن الأوراق في هذا المحور لم تشر من قريب أو بعيد إلى الدراما التلفزيونية، لأني مهتمة بالدراما التي أكتبها ولا أعرف كيف أسوقها، أو ما هي الامكانيات المتاحة لكتّاب الدراما؟! ربما تهمنى الاشارة إلى محور (دور المرأة الثقافي) لكن سأتركه للآخر، وأتحدث في لمحات سريعة عن: 1- العرض المرئي الذي قدمه كل من د. خالد الدامغ مساعد الملحق الثقافي بواشنطن ود. سمر السقاف المسئولة عن الأطباء المبتعثين في أمريكا، قدما عرضا شيقا لبعض المراكز الثقافية وآلية العمل فيها بالإحصائيات والأرقام تحدث د. خالد عن الانفتاح الثقافي في المراكز الثقافية الأمريكية، وهي صورة حديثة ينقلها لنا بأمانة ربما تمحو الصورة الشوهاء للغزو الثقافي العقبة التي تؤخر تقدمنا!. د. سمر السقاف تطرقت في عرضها إلى مصطلح «التسويق الخلاق» الذي يجذب الجمهور، وأكدت على أن من يقوم به مختصون في التسويق (Marketing) ومبدعون.. وهي نقطة جديرة بالتمعن والتوقف عندها، لاستقطاب خريجي الاقتصاد قسم التسويق في المراكز الثقافية كذلك استقطاب مختصين في تخطيط البرامج لوضع برامج ثقافية تشمل كل الفئات العمرية والتوجهات الفكرية، والاستفادة من خبرات المسئولين في الملحقيات الثقافية في الخارج مثل د. زياد الدريس مندوب المملكة في منظمة اليونسكو ود. خالد الدامغ ود. سمر السقاف لنقل خبرات الدول المتقدمة بدلا من التخبط الذي تعيشه مراكزنا الثقافية وأنديتنا الأدبية دون تخطيط ودراسة للمجتمع الذي تتوجه له بأنشطتها وتعاني من قلة الحضور!. د. منى خازندار مديرة مركز العالم العربي/ باريس تضمنت ورقتها مشاريع ثقافية يمكن الاستفادة منها عمليا، د. مي آل خليفة وزيرة ثقافة البحرين، ووزير الثقافة اللبناني السابق د. طارق مترى عرضا أهم ملامح النهضة الثقافية في بلديهما. والمفكر الكويتي د. محمد غانم الرميحي بتلقائيته وبقية المتحدثين في ذات المحور، تثبت أننا مازلنا في سبات عميق وبيننا وبين تلك الدول مسافة طويلة وبون شاسع لا يمكن تجاوزهما ان لم نسرع الخطى ونشحذ الهمة بعزيمة صادقة وإرادة تفل الحديد الذي يشل حركة وزارة الثقافة فالمسرح والسينما والموسيقى والتمثيل كل ذلك أسدل عليه ستار من المحرمات، وكل تلك الجهود اجتهادات فردية لا ترقى لأن تكون صناعة فنية وطنية تنافسية ربحية. لابد من بناء مسارح يذهب إليها الناس في أوقات معلومة كالأعياد والمناسبات المختلفة، كذلك دور السينما التي يسافر إليها السعوديون في كل مناسبة وينفقون المليارات من الريالات كان يمكن أن تنفق في الداخل وتطور الصناعة، أكاديميات الفنون لا بد أن تنشأ فورا كي تدعم المواهب الشابة، وهي ضمن التوصيات التى يبدو أن هناك إصرارا على تفعيلها. تحية شكر وامتنان لمعالى وزير الثقافة والاعلام د. عبدالعزيز خوجة، ولأمين عام المنتدى د. محمد رضا نصر الله على إدارته للملتقى وتواجده الدائم بيننا، أ. محمد عابس على متابعته وحضوره الدائم ودعوته الكريمة لحضور المقهى الثقافي الذي فتح مساحة البوح أمام الشعراء والأدباء والمثقفين. أما بالنسبة لما قاله الأستاذ الكاتب صالح الشيحي، حول ما حدث في ملتقى المثقفين، فهو تعميم خاطئ، لأنه رؤية شخصية من وجهة نظره الخاصة، ربما لا تتفق مع ما اعتاد عليه في بيئته، لكنه يضر بالمثقفات اللاتي تركن أسرهن ومسؤولياتهن ليشاركن في هذا الملتقى بصفتهن مثقفات، ويحملن الهم الثقافي كأخيهن المثقف، وما قاله الشيحي إساءة بالغة في حقّهن أضرت بسمعتهن، فكيف يمكن إزالة هذه اللطخة السوداء التي لوثت مشاركتهن؟! الأسبوع القادم نكمل ما يستحق أن يُقال حول الملتقى وشخصياته!