في مساء يوم الخميس 25 أغسطس 2011م بثت قناة الحياة الفضائية المصرية برنامجًا خاصًّا عن تاريخ مدينة جدة، خصّصته للحديث عن الحملة الصليبية البرتغالية الأولى على مدينة جدة. وجاء في ذلك البرنامج أن القوات البرتغالية الغازية أنزلت من السفن الحربية على ساحل جدةالجنوبي.. ثم قامت بتوجيه مدافعها إلى مدينة جدة.. غير أن الذي أثار مخاوف القوات البرتغالية هو أن المدافع لا تنطلق إذا ما وجهت إلى مدينة جدة، بل إن ما أثار فزع البرتغاليين أن فوهات المدافع تتحول تلقائيًّا إلى الجنوب الغربي، فتنطلق في ذلك الاتجاه! وقد علل مقدّم البرنامج -سامحه الله- ما حدث مع التأكيد على صحة تلك المعجزة، أن ذلك عائد إلى البركات التي خصّ بها الله مدينة جدة؛ كونها بوابة الحرمين الشريفين.. وهذا التهريف ليس إلاّ ضربًا من ضروب التخريف الذي لا يهدف إلاّ إلى الإثارة الكاذبة، أو إلى الخيال الذي يثير السخرية. وأجد أن واجب المواطنة يلزمني إيراد الحقيقة -كما وردت في المصادر التاريخية الموثّقة- وأوجزها فيما يلي: * الحملات الصليبية البرتغالية على جدة: أولاً الحملة الأولى.. وقد وقعت أحداثها في عام 948ه، وقد وقفت ضدها الشعاب المرجانية كخط دفاع طبيعي عن جدة أمام السفن الحربية البرتغالية، التي أنزلت مراسيها في عرض البحر، وبعثت بطلائع استكشافية قوامها عدد وافر من الزوارق الصغيرة المحمّلة بالجنود والأسلحة الخفيفة، فنزلت على مرسى صيادين عُرف بمرسى (أبو الدوائر) في جنوبجدة.. وكانت في انتظارهم مفاجأة غير سارّة، تمثلت في إمطار طلائع الغزو البرتغالي بقذائف المدافع المنصوبة على أبراج سور جدة؛ ما حدا بهم إلى العودة إلى سفنهم في عرض البحر مدحورين. ثانيًا الحملة الثانية.. وقد اتّسمت هذه الحملة بأهمية إستراتيجية وعسكرية بالغة، تجلّت في عنصرين مهمّين هما: • تكليف ملك البرتغال لنائبه في الهند لوبرا سكويرا بقيادة هذه الحملة. • التحالف البرتغالي الحبشي لاحتلال جدة. بيد أن هذه الحملة فشلت، بعد أن شتتت الرياح في البحر الأحمر جمع السفن البرتغالية.. إضافة إلى فشل التحالف البرتغالي الحبشي. غير أن ذلك لم يمنعهم من القيام بهجوم آخر على مدينة جدة في عام 1520م، غير أن الفشل كان نصيب الهجوم الثاني على مدينة جدة. وفي ذات الصدد فقد حدثني مهندس سامي نوار رئيس بلدية البلد، والمسؤول عن المنطقة التاريخية.. عند اجتماعي به في 29 سبتمبر 2011م أن تضافر جهود أمانة مدينة جدة، وإدارة المنطقة التاريخية قد تكللت بالنجاح في الحصول على وثيقة تاريخية للحملات البرتغالية على جدة، في شكل كتاب موضوع باللغة البرتغالية القديمة.. وأضاف سعادته إن إدارة المنطقة التاريخية تسعى حاليًّا إلى ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية.. وأتمنى على مهندس سامي نوار، أن يوافق على نشر الفصول الخاصة بالحملات الصليبية البرتغالية على جدة، بعد ترجمتها في الصحف السعودية.