كان المؤمل أن يؤدي التوقيع على المبادرة الخليجية العربية الشهر الماضي بعد استكمال صياغة آليتها التنفيذية المزمنة إلى وقف العنف في اليمن الشقيق والبدء في تنفيذ بنود المبادرة بدءًا من عودة الهدوء إلى ربوع البلاد، وتسليم الرئيس علي عبدالله صالح السلطة لنائبه، ولكن مع الأسف الشديد تزايدت مظاهر التدهور الأمني في عدة مناطق في اليمن، وعلى الأخص في تعز حيث سقط 34 قتيلاً في أعمال عنف خلال الأسبوع الماضي، مما عزز المخاوف من تأخر أو إفشال تطبيق الاتفاق الذي بدا من الواضح أن هناك بعض القوى تسعى بالفعل إلى محاولة إجهاضه، وبالتالي استمرار حمامات الدم في اليمن وتعريض أمنه ووحدته واستقراره للخطر. الإعلان عن تشكيل نائب رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي لجنة عسكرية مهمتها إزالة المظاهر المسلحة وإعادة توحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية، إلى جانب تشكيل لجنة وطنية مستقلة تضم مختلف الأحزاب والتوجهات السياسية، للعمل وفق معايير دولية للتحقيق في كل الانتهاكات التي ارتكبت من مختلف الأطراف منذ بداية الأزمة السياسية والاحتجاجات قبل نحو 9 أشهر، كل ذلك يعتبر بارقة أمل جديدة لإخراج الأزمة اليمنية من عنق الزجاجة، لاسيما مع الإعلان عن أن تنفيذ انتقال السلطة وولادة حكومة الوفاق الوطني بموجب المبادرة أصبح قاب قوسين أو أدنى، وذلك بعد الضغوط الخليجية والدولية لتنفيذ المبادرة بحذافيرها، وبعد أن تم بالفعل تعيين غرفتي عمليات خليجية ودولية لتحقيق هذا الهدف على وجه السرعة، إحداهما للدول الخليجية في السفارة السعودية في اليمن، والأخرى للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن في السفارة الروسية. المطلوب أن يظهر طرفي الخلاف مرونة في التعامل، بحيث يتم تشكيل الحكومة وفق ما تضمنته المبادرة مناصفة بين المعارضة والحزب الحاكم، وأن تكون حكومة متوازنة لا تضم شخصيات استفزازية، وأن تضع في قمة أولوياتها المصلحة الوطنية العليا لليمن حتى يمكن وضع نهاية للأزمة، وإعادة الأمن والاستقرار لهذا البلد العربي الشقيق الذي عانى كثيرًا من الحروب الداخلية والاضطرابات في الوقت الذي يبدو فيه في أمس الحاجة إلى الاستقرار الضامن الوحيد لتنمية البلاد ونهوضها.