شكا عدد من مديرات ومعلمات مدارس البنات شرق وجنوب محافظة جدة مما وصفوه ب «الاهمال والتهميش الدائم» من قبل إدارة التربية والتعليم ممثلة في وحدة الصيانة التي لا تحرك ساكنا أو تبدي أي تجاوب مع سيل المكالمات الهاتفية ومحاولات الوصول إليها في حال احتياجهم لها، وأشرن الى وجود أعطال عديدة في مدارسهن بحاجة الى التوقف عندها ومعالجتها من قبل ادارة التعليم. وأكدن خلو مدارسهن من اشتراطات وأجهزة الأمن والسلامة وإن وجدت فهي مجرد ديكور كونها معطلة ولا تفي بالغرض، بل وذهبن إلى أبعد من ذلك بقولهن «عقود الصيانة ليست سوى حبر على ورق لصالح شركات الصيانة المتعاقد معها»، بينما حمل بعضهن المسؤولية للدفاع المدني لتجاهله متابعة صيانة المباني المدرسية. جاء ذلك خلال جولة ل «المدينة» صباح أمس على عدد من المدارس في الاحياء الأكثر اكتظاظا وحاجة إلى العناية شرق وجنوب المحافظة، وشملت الجولة مدارس حكومية وخاصة للبنين والبنات لرصد أنظمة السلامة المعمول بها في تلك المدارس، والتأكد من مدى جاهزيتها لمواجهة أية مخاطر لا سمح الله، إضافة إلى الوقوف على أبرز ما تعانيه هذه المدارس من مشكلات بشكل عام. مخرج طوارئ وحيد لمدرستين المدرسة الابتدائية الثامنة والأربعون بدت الاكثر سوءا حيث بثت منسوباتها شكواهن عن عدد من المشاكل الكارثية، فالمدرسة ذات المبنى المستأجر تشترك مع أخرى مستأجرة في مخرج طوارئ واحد وهو ضيق لا يتجاوز عرضه المتر ومربوط بجسر معدني مرتفع مع مبنى المدرسة الاخرى مما يشكل خطرا محدقا بالطالبات في حال حدوث اي طارئ في حين لا يوجد بالمدرسة سوى بوابة واحدة اضافة الى ان وسائل السلامة الموجودة قديمة جدا ومن الممكن انها لا تعمل في حين أن كثيرا من المعلمات يجهلن استخدامها. لا تجاوب من وحدة الصيانة كما ان تشطيب المدرسة الداخلي يوحي بالخوف حيث ذكرت المتواجدات بها أن سبائك الرخام في السقف سقطت أجزاء منها على الطالبات في وقت سابق، واشتكين كذلك من إهمال ادارة التربية والتعليم بشكل واضح خصوصا إدارة الصيانة حيث لا تعيرهم اي اهتمام مشيرات الى حدوث التماس في أحد أجهزة التكييف باحد الفصول يوم امس حيث قامت المسؤولة بإخلاء الفصل وتبليغ وحدة الصيانة التي لم تتجاوب كالعادة. «أغيثونا أغاثكم الله» وقال علي القرني أحد المسنين وكان في انتظار ابنته «نحن نعاني من الضغط والسكري وما يزيد من آلامنا هو ما نواجهه وتواجهه بناتنا بالداخل كل يوم حتى أصبحنا نحضرهم للمدرسة صباحا ونحن قلقين عليهم، فالمدرسة مستأجرة وعشوائية بكل ما بداخلها. وأضاف: المدرسة تفتقر حتى للمذياع لنستخدمه في اخراج بناتنا وقت الانصراف مما يبقينا لساعات طوال تحت اشعة الشمس المحرقة، وناشد المسؤولين بقوله «أغيثونا أغاثكم الله «. مدارس مهملة وقال كل من سعد الزهراني ،محمد الشمراني، وخليل الزهراني: نحن نعاني الامرين في ما يخص مدارس ابنائنا وبناتنا شرق محافظة جدة فهي مهملة بدرجة كبيرة وجميعها مستاجرة غير مجهزة»، وتساءلوا « إلى متى سيبقى حالهم هكذا؟». حارس المدرسة زاد على جميع ما ذكر بان خزان المياه بالمدرسة به تسريبات كبيرة حيث لا تبقى به أية كمية مياه!! غياب اشتراطات الأمن والسلامة وأكدت وفاء بخاري مديرة مدرسة ابتدائية (متقاعدة): إن هناك عددا كبيرا من المدارس الحكومية والأهلية تفتقر إلى اشتراطات الأمن والسلامة ضد الحرائق لوجود غرف تستخدم كمستودعات لتلك المدارس لحفظ الكتب دون وجود أنظمة استشعار للدخان، وان وجدت فغالبها قديم لا يعمل، مع العلم إن إدارة التربية والتعليم تصرف مبالغ مخصصة للصيانة وترسي عطاءات لشركات مختصة إلا أن كثيرا من هذه الشركات لا تفي بعقودها مع الوزارة لتصبح المباني المدرسية ضحية طمع هذه الشركات. وأمام هذا الواقع تجد المديرة نفسها عند حدوث أي عطل أو خلل مضطرة للتصرف بالتعامل مع مختصين من خارج الشركة لإصلاح الأعطال ومن ثم إبلاغ الجهة المختصة بوزارة التربية مع إرفاق تقرير وفواتير بذلك، بدلا من أن تنتظر مماطلة الشركة حتى تتكرم وتبعث مسؤول الصيانة لديها للوقوف على نوع العطل ورفع تقرير بذلك، مما قد يضاعف الخلل ويهدد سلامة المبنى. إعادة النظر في المستأجرة وتوضح إن المباني المستأجرة للمدارس لا بد من إعادة النظر فيها وفي مواقعها الملاصقة للمباني السكنية خاصة وان معظمها أقيمت في أبنية خصصت للسكن ، لهذا نجدها تخلو من مخارج طوارئ مما يجعلها تشكل خطورة عند وقوع حريق لا قدر الله. مشيرة إلى أن بعض المباني المستأجرة والمدارس الأهلية مفعل فيها نظام الإنذار بكفاءة كون ملاكها ملتزمين بذلك في تجديد العقد السنوي، لكن للأسف في المقابل نجد كثيرا منها لا يهتم بالصيانة الدورية لأنظمة الأمن والسلامة. الصيانة حبر على ورق كما تؤكد مديرة إحدى المدارس شرق الخط السريع ان مسألة الصيانة لمباني المدرسة ليست سوى حبر على ورق فقط، فهناك أجهزة الإنذار التي وضعت داخل المدرسة لا تعمل وأجهزة كشف الدخان هي الأخرى لا تعمل، وأنظمة الاتصالات الداخلية معطلة حالها حال جميع مدارسنا التي تعاني الاهمال من قبل وزارة التربية والتعليم، فنحن نقوم برفع خطابات وتقارير شهرية لكن دون جدوى، إضافة إلى أن شركات الصيانة لا تعبأ بمكالماتنا الهاتفية عند طلبها للوقوف على الأعطال حيث يفترض قيامها بزيارة شهرية للمدرسة المسؤولة عن صيانتها، فهم لا يؤدون عملهم بالشكل المطلوب. مما يجعلنا نقع في حيرة ماذا نفعل، فنحن لا نستطيع اصلاح الاعطال الكهربائية او القيام باعمال الصيانة لان النظام يمنع ذلك ولا بد من الرجوع للشركة الا في حالة الضرورة تطلب منا الوزارة ارفاق تقارير وفواتير من اجل سدادها اذ كانت تستحق السداد، لهذا يضطر كثير من المديرات إلى انتظار مجيء الوزارة او شركة الصيانة للمدرسة، وهذا ما جعل المباني المدرسية على حالها منذ زمن. جرس الإنذار معطل وذكرت مديرة مدرسة أهلية أن حريق مدرسة براعم الوطن كشف عن أعطال كثيرة في عدد كبير من المدارس عند عمل خطة الإخلاء، وأضافت «بعد حدوث الحريق قمت بعمل خطة إخلاء للمدرسة لاكتشف خداع شركة الصيانة، فجرس الإنذار معطل، عندها لم اعلم ماذا افعل واضطررت لأن اكذب على المعلمات والطالبات بان الوضع على ما يرام وأننا سنقوم بقرع جرس الحصص خمس مرات بدلا عن جرس الحريق. المدارس الأهلية وتشير مديرة مدرسة دوحة الجزيرة وفاء قاضي إلى أن الصيانة داخل المدارس الأهلية من شأن المدرسة فهي التي تتعاقد مع شركات الصيانة مع إشراف من وزارة التربية والتعليم حيث تقوم بإرسال مشرفة تربوية تطلع على جميع الأوراق التي تخص شركات الصيانة والعقود، ومن ثم يقوم الدفاع المدني بإصدار الرخص وتجديدها للمدرسة. التعليم.. لا أحد يجيب «المدينة» أجرت عدة اتصالات هاتفية بمدير تعليم جدة عبدالله بن أحمد الثقفي للوقوف على وجهة نظر إدارته حيال الملاحظات التي أوردتها المتحدثات عن تعطل أجهزة الأمن والسلامة، وما وصفنه ب «إهمال إدارة التعليم لمطالبهن»، إلا أننا لم نتمكن من الوصول إليه، وتكرر ذات الوضع مع مساعده للشؤون المدرسية كمال الغامدي. يذكر ان مدير تعليم جدة كان قد أوضح في تصريح سابق ل»المدينة» بشأن اشكاليات مشابهة شرق محافظة جدة، أن التعليم يواجه إشكالية عدم وجود اراضٍ بمنطقة شرق جدة، لذا يتم الاعتماد على المباني المستاجرة، الا أن الادارة ماضية في محاولة الحصول على الاراضي، كما انها انتهت مؤخرا من اعداد خطة كاملة لحل إشكاليات مدارس شرق جدة.