دعا مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ قادة الشعوب الإسلامية إلى إقامة العدل ومحاربة الفساد وجعل مصالح الشعوب في مقدمة اولوياتهم، مطالبا في نفس الوقت الرعية بان يلتفوا حول قادتهم ويسعوا إلى حل المشكلات بالطرق السلمية بعيدًا عن الفوضى وسفك الدماء. كما دعا القادة إلى أن يتقوا الله في شعوبهم، وأن يعالجوا قضاياهم الاجتماعية من الفقر والجهل والبطالة والحرمان. وقال : «إيّاكم وإضعافهم، وإيّاكم أن ترعبوهم، أو توجهوا الأسلحة التي اتخذتموها لعدوكم في وجوههم، وإيّاكم أن تصرخوا في وجوههم عن طريق التقتيل والحرمان والتجويع لأجل إسكات كلمتهم، فهذا أمر باطل لا يقره مسلم، أمر باطل لا يقبله الله جل وعلا. وأضاف، خلال خطبة عرفات امس، أن من واقع هذا البلد الطيب المبارك ما نرى من اهتمام ولاة أمره بالشعب في سبيل راحتهم وسلامتهم، وتجنيبها الفتن، وقال: دليل ذلك ما نشاهده من التحام الرعية مع رعيتهم والعلاقة الأخوية بين الراعي والرعية، وأثر ذلك من أمن واستقرار البلاد، لنعلم أن هذا ه ونموذج الحق، ويجب أن تتجه إليه الدول التي تعاني من الفوضى. ودعا المسلمين جميعًا إلى أن يتقوا الله في أنفسهم ويسعوا في حل مشكلاتهم من غير تدخل من أعدائهم، وحذرهم من ميل الطائفية، قائلاً: على علماء الأمة أن يقوموا بواجبهم المأمول، حرصا على حماية المجتمع المسلم وتقديم برامج واقعية لحل مشكلاتهم وتجنب الفتن والمصائب. وقد توافدت جموع من حجاج بيت الله الحرام منذ وقت مبكر امس إلى مسجد نمرة لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا؛ اقتداء بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة. وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته (110) آلاف متر مربع والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع بضيوف الرحمن. وتقدم المصلين صاحب السم والملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، فيما أم المصلين سماحة مفتي عام المملكة. وقال المفتي أن مميزات المجتمع المسلم تقود إلى مجتمع سعيد وتتكامل إذا أدى كل فرد منا مسؤوليته الاجتماعية وأمانته الوظيفية، فالمعلم يعلم تلاميذه ويغرس فيهم حب الخير والطريقة المستقيمة، ودعاة الخير فيفتون الناس في أمور دينهم ويحلون قضاياهم ويجيبون عن مشاكلهم بما في الكتاب والسنة وقواعد الشرع العامة, والدعاة إلى الله يدعون الناس إلى البر والتقوى وينهون عن المنكر ويأمرون بالمعروف, ورجال الحسبة دورهم إصلاح المجتمع وإصلاح الأخطاء والأخذ بيد المخطئ وتوجيهه بحكمة وموعظة حسنة وطريقة سليمة إقناعًا له بأن هذه أخطاء وضرر. واضاف: وأصحاب الأموال ينفقون ما فيه صلاح للأمة ويوظفون أموالهم بما يسعدهم في حاضرهم ومستقبلهم، ورجال الاقتصاد مهمتهم تحسين النهوض الاقتصادي وإبعاده عن الربا والنهوض به علميًا وصناعيًا وزراعيا، ورجال السياسة يديرون المجتمع المسلم ليكون أقرب للصلاح والحق ويقيمون علاقات خارجية ودية وتعاون فيما يصلح الأمة ويبعد عنها البلاء، ورجال الأمن يقومون بواجبهم بحفظ الأمن والأخذ على يد المجرمين والمفسدين وحماية الحدود، ورجال القضاء يقيمون العدل والإنصاف ورد الحقوق لأهلها، والمنفذون لأمور الدولة ما يضعون قرارات إلا تكون مناسبة وتوافق شرع الله وتعاليم الإسلام، والموظفون في الإدارات الحكومية يؤكدون صدق الأمانة مع البعد عن المنة والرشوة، والدبلوماسي المسلم يقوم بتمثيل حقيقي لموقف بلاده ويحمل رسالة صادقة عن أمته ودينه ويتحلي بالأخلاق الفاضلة ويدافع عن قضايا دينه. وأشار سماحته إلى ما يمر به العالم الإسلامي اليوم من مراحل هي أخطر ما يكون في حياته حيث يواجهه ظروفًا وتحديات صعبة ويعاني من انقسام بين أبنائه ونزاع بينهم وهجوم شرس من أعدائه وتدخل سافر في شؤونه. وقال: ما يحزن المسلم هو ما يشاهده من هذه الفوضى والبلاء الذي أدى إلى انعدام الأمن واختلاف النظام والحياة اليومية ومصالح الأمة، وما حصل من تبديد الأموال ونهب للممتلكات وسفك للدماء البريئة، حتى ترك بعض المسلمين ديارهم فرارًا من تلك الفتن والمصائب، إن ما يقض مضاجع العبد المسلم الذي يحمل شفقة على أمته ورحمة بهذه الدماء التي تسفك بغير حق، ولنا في هذه الأحداث الأليمة المحزنة وقفات لنتذكر ما حصل للخروج من هذه الأزمات والتحديات. وقال سماحة مفتي عام المملكة في خطبته: التحديات عظيمة، ولا يخفى على المسلم أن الأمة المسلمة تمسكها بكتاب ربها وسنه نبيها صلى الله عليه وسلم، فكلما تمسكت بدين ربها كانت قوية عزيزة، ويحسب لها حسابها، وكلما تخلت عن دينها كلما ضر بشأنها وانقسم أبناؤها وتكاثر أعداؤها. وأشار إلى أن الإسلام يرفض التخريب والإرهاب والغل والإخلال بالأمن وسفك الدماء ويغرس الانتماء، مؤكدا أن الدين الإسلامي هو دين الحق حاجات الأمة، وتحديد مطالب أبنائها في وجود مجتمع تسوده العدالة وتتكاثر ظروف الحياة الكريمة بتحقيق العدالة وحفظ الحقوق. وتحدث سماحة المفتي عن دور وسائل الإعلام المعادي لأمة الإسلام الذي يرمي إلى إضعاف العقيدة والإيمان في قلوب الناشئة وإضعاف شخصياتهم. وقال: لقد ترك هذا الغز والإعلامي أثره السيئ على الشباب والناشئة فأضعف الشخصية. وطالب سماحته المسلمين أن يقابلوا الغزو الإعلامي الشرس على الأمة الإسلامية بعمل منظم يتمثل في أحد جوانبه بإنشاء قنوات إسلامية تشرف عليها طواقم إعلامية تجمع بين التأصيل الشرعي والخبرة الإعلامية، لتكون منارة عدل وصوت حق إلى العالم أجمع. وقال مخاطبا المسلمين: الواجب على المسلمين أن يحافظوا على هويتهم المسلمة والثبات على مبادئهم ومسلماتهم عقيدة وشريعة وأخلاقا مما أنزل في الكتاب والسنة عليه فهو يتعلق بالعقيد أو بالعبادة أو بالشريعة أو بالحلال والحرام أو شأن المرأة أو بالأخلاق والقيم، يجب أن نحافظ على هذه محافظة عظيمة وألا نتنازل عنها تحت أي ظرف من الظروف.