لا يستطيع احد التشكيك في أن الشعب السوري يتعرض لجرائم ضد الإنسانية تستوجب إيقاع أقصى العقوبات بحق النظام السوري . لكن هل الحل يتمثل في توفير حماية دولية من قبل الأممالمتحدة كما طالب بذلك رئيس المجلس الوطني السوري الدكتور برهان غليون ؟ تجربة دول العالم الثالث مع الأممالمتحدة اثبتت أن المنظمة الأممية مجرد ذراع يستخدمها الأميريكون لتوفير الغطاء القانوني الذي يحتاجونه . ومسألة توفير الحماية الدولية للشعوب التي تتعرض لعمليات قتل ممنهجة ولجرائم ضد الإنسانية ، تشهد على أن الأممالمتحدة لم تستخدم هذه الحجة إلا لتحقيق مصالح الأميركيين فقط . ماذا فعلت الأممالمتحدة التي أرسلت قواتها للبوسنة والهرسك إبان العدوان الذي قاده الحزب الشيوعي اليوغوسلافي ؟ هل استطاعت ان تمنع استهداف المدنيين ..؟ وهل اهتمت في الأساس بالقضية بعد ان أصدرت قرارا يقضي بمنع تصدير السلاح لجميع الأطراف المتنازعة في الاتحاد اليوغوسلافي السابق ( لم يكن الصرب في حاجة لاستيراد السلاح أصلا ) وكأن المسألة كانت حربا متكافئة بين طرفين ، ولم تكن عدوانا سافرا شنه الطرف الأقوى وارتكب خلاله العديد من المجازر البشعة ، وفي مقدمتها مجزرة سربرنيتسا التي راح ضحيتها أكثر من ثمانية آلاف مدني بوسني ؟ وفي راوندا ماذا فعلت الأممالمتحدة لإيقاف المجازر التي راح ضحيتها اكثر من نصف مليون إنسان خلال أسابيع ، ولماذا لم تُصدر قرارا تحت الفصل السابع يلزم الطرف المعتدي بإيقاف عدوانه ؟ إن استصدار أي قرار أممي يقضي بتوفير حماية دولية للشعب السوري ، سيكون مقدمة لتدخل عسكري غربي سيدفع السوريون ثمنه من سيادتهم ومن أحلامهم في إقامة دولة ديمقراطية قائمة على الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان . بدون شك فإن جرائم النظام السوري تجاوزت كل الحدود ، لكن هذا لا يعني أن نغمض أعيننا تجاه علامات الاستفهام التي تحيط بالمجلس الوطني الذي نشأ تحت رعاية الدول الغربية . ولعل السؤال الأبرز ضمن هذه الأسئلة هو : ما هي الآلية التي تم بموجبها تعيين أعضاء المجلس ، وكيف تم منح بعض التيارات نسب تمثيل عالية دون غيرها مع عدم وجود ما يفيد بأن هذه النسب تعكس الخريطة الواقعية للانتماءات السياسية في سوريا ؟ عدو عدوي ليس دائما صديقي .