وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ كلما تأملت هذه الآية أجدها لسان حال واقع هذا الوطن الذي خصه الله بنعم لا تحصى، فكثير من الأمم والشعوب تقبع على ثروات وتمتلك من أسباب الرزق والسعة مالا يتخيله عقل أو تستوعبه المصارف .. لكن حكام تلك الدول حوّلوا الثروات والنعم إلى نقم وأهلكوا الحرث والنسل. التاريخ هنا سيسجل بأحرف من نور حكمة وبلاغة أبناء المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، إذ صانوا الأمانة وخدموا الأمة ومنهم من قضى نحبه وهمّه الوحيد خدمة الدين ورفاهية المواطن والسهر على خدمته. بالأمس القريب بكيْنا سلطان الخير، وأخذ المصاب منا مأخذه وما زالت أكف الضراعة مرفوعةً بأن يتغمد الله روح الفقيد بالجنة وأن يحفظ لنا والدنا قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله عمره وأن يلبسه ثوب الصحة والعافية. لقد كانت الفاجعة كبيرة بوفاة سلطان الخير وسحابة الحب وصمام أمن الوطن، فمنذ العام 1962م والفقيد وزير للدفاع عاصر الحرب الباردة بين القوى العظمى والحروب الإقليمية التي أحاطت بحدودنا الشرقية والشمالية والجنوبية وفي خضم كل تلك الأحداث كان مبتسماً باعثاً للأمل .. حازماً مع كل من تسول له نفسه العبث بأمن هذا الوطن . الحزم والقوة والشجاعة المتناهية في قبضته للأعداء والمتربصين، والرحمة والعطف والحنان الأبوي في كفيه للوطن المواطن، رحمه الله جمع صفات الفرسان والنبلاء. وامتدت يده الحانية إلى كل فرد في المعمورة فجعل من أصحاب الاحتياجات الخاصة همّه اليومي وأشرف بنفسه على متطلباتهم ولم تخل مدينة أو قرية أو منطقة من عطاءاته المباركة .. هنا يكمن النبل والنعماء التي خصنا الله بها .. فحكامنا أيدهم الله بنصره يسري في دمائهم حب الوطن والمواطن ولا يولون جهداً في خدمته بالرغم من عظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم إلا أنك تجدهم سباقين في عمل الخير. ولأن المولى عز وجل متمم لنعمته علينا فلقد أخلف علينا سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز ولاية العهد، ليخفف عنا فقدان سلطان الخير، فوليّ العهد رعاه الله صمام الأمان وهو الأمين الساهر على أمن الوطن الداخلي منذ العام 1975م، حيث ظل عضداً لإخوته منذ أن عيّن أمير الرياض ثم نائباً لوزير الداخلية ثم وزيراً للداخلية ثم نائباً ثانيا لرئيس مجلس الوزراء مع احتفاظه بحقيبة الداخلية. لقد أفنى سمو ولي العهد رعاه الله عمره ساهراً على أمن هذا الوطن وظل سيفاً مسلطا على رقاب الارهابيين ومروّجي الفكر الضال وتجار الشّر والمخدرات، فغدت المملكة من أكثر دول العالم أمناً وظل طوال فترة توليه منصب وزير الداخلية يولي خدمة حجاج بيت الله الحرام وتسهيل أمورهم جلّ وقته وكان بالمرصاد لكل من تسوّل له نفسه العبث بأمن الحج وضيوف الرحمن ولعل بسالته وموقفه الشجاع خلال حج عام 1987م والأحداث التي تلتها خير دليل على تلك القدرة الفائقة في إدارة الأزمات وتلك الشخصية الحازمة التي تضع أمن هذا الوطن وضيوف الرحمن فوق كل أمر. جديراً بنا أن نرفع أيدينا شكراً للمولى عز وجل بأن أنعم علينا بالخيرات وبمنّه علينا بأن سخر لنا من يسعى لتسخير طاقاته لخدمة الوطن والمواطن وأقول لسمو ولي العهد الأمين الأمير نايف بن عبدالعزيز مهنئاً ومبايعاً « من خير خلف لخير سلف « ونشكر المولى بأن اصطفاك عضداً لأخيك خادم الحرمين الشريفين ونبايعكم على السمع والطاعة، وبالشكر تتوالى النعم ونحن جميعا بحول الله للنعم شاكرون .