تبادلت إدارتا التربية والتعليم والدفاع المدني بالمنطقة الشرقية الاتهامات حول من يتحمل مسؤولية حضور الطلاب والطالبات صباح يوم أمس الأربعاء إلى مدارسهم في بعض الأحياء التي أُعلن عنها يوم أمس الأول بأنها قريبة من تسرب غاز ضار (الهيدروجين والنيتروجين) من أحد المصانع في المنطقة الصناعية الأولى بمدينة الدمام. ففيما حملت إدارة التربية والتعليم المسؤولية لإدارة الدفاع المدني؛ بسبب إبلاغها لهم بضرورة تعليق الدراسة في وقت متأخر قبيل فجر الأربعاء، نفت الأخيرة ذلك، ودافعت عن نفسها بأنهم أطلقوا التحذير في الوقت المناسب، مشيرة إلى أن تعليق الدراسة مجرد إجراء احترازي. وأوضح مدير عام التربية والتعليم بالمنطقة الدكتور عبد الرحمن المديرس في تصريح ل«المدينة» أنه ورد إليه اتصال من إدارة الدفاع المدني في تمام الساعة 2.30 صباحًا بوجود تسرب غاز بهدف اتخاذ الترتيبات اللازمة لضمان سلامة الطلاب والطالبات. وأضاف: «وبعد دراسة الموضوع من قبل الدفاع المدني والتنسيق معهم وتقييم الواقع تقرر تعليق الدراسة في الأحياء القريبة من موقع التسرب لسلامة الطلاب والطالبات تنفيذًا لتوجيه الدفاع المدني، وبدأنا بحصر الأحياء وهي (عبد الله فؤاد، إسكان الدمام، الناصرية، الخالدية الأولى والثانية، الخطوط الحديدية، الريان، حي الجامعيين، المريكبات، الروضة، مدينة العمال، حي الأمير محمد بن سعود، الحرس الوطني، الصفا، بترومين، والنزهة). وتم إبلاغ الإدارات المعنية بتعليق الدراسة يوم أمس الأربعاء للأحياء التي حددها الدفاع المدني سواء للبنين أو البنات». «المدني»: حذرنا في الوقت المناسب ورد مدير الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية اللواء محمد الغامدي على اتهام إدارة التربية والتعليم لهم بالتقصير وتحميلهم المسؤولية، وقال في تصريح ل «المدينة»: «نحن لم نتأخر في إطلاق التحذيرات، وتقديرًا للموقف أطلقنا التحذير في الوقت المناسب». وأضاف: «تعليق الدراسة مجرد إجراء احترازي، والأحياء التي وردت في البيان تم تعليق الدراسة فيها وقائيًا». وعن الحادثة نفسها كشف اللواء الغامدي عن تشكيل لجنة مختصة للتحقيق في قضية الغاز المتسرب من المصنع. يذكر أن الكثير من مدارس المنطقة الشرقية استقبلت طلابها صباح أمس الأربعاء لبدء اليوم الدراسي، ولم تعلم بتعليق الدراسة إلا بعد الثامنة صباحًا، حيث سارعت إلى إخلائهم فورًا. المقدم الدوسري: فرق التدخل الكيميائي تعاملت مع الحادث في حينه قال الناطق الرسمي بمديرية الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية المقدم منصور الدوسري ل«المدينة»: إن غرفة عمليات الدفاع المدني تلقت بلاغًا مساء يوم أمس الأول الثلاثاء عن وقوع حادث تسرب في مصنع تابع لشركة الشرق الأوسط بالصناعية الأولى بالدمام، وعلى الفور باشرت الحادث فرق التدخل في حوادث المواد الكيميائية التابعة للدفاع المدني، ووجد أن الحادث عبارة عن تسرب غاز النيتروجين والهيدروجين ونسبة من الكربون وهذا الخليط يدعى مادة (الآي بوكس)، وتم إشعار كافة الجهات ذات العلاقة بتنفيذ خطة الدفاع المدني في حالات الطوارئ لمواجهة حوادث المواد الكيميائية، ما يعني استنفار جميع هده الجهات لمواجهة الحدث، وقامت كل جهة بدورها المنوط بها وفق الخطة المعدة سلفًا، فيما تعاملت فرق التدخل مع الموقف بمساندة هذه الجهات. وفي إجابة على سؤال «المدينة» عن ما إذا كان الحادث مفاجئًا لهم، قال: رجال الدفاع المدني على أتم الاستعداد في أي زمان ومكان، وهم على درجة عالية من الاحترافية ولله الحمد لإنجاز أي مهمة إنسانية تهم المواطن والمقيم في هذه البلاد الغالية. وعن ما إذا كان الدفاع المدني تأخر عن مباشرة الحادث قال: «لم نتأخر على الإطلاق وفور وصول البلاغ إلى غرفة العمليات تحركت الفرق المختصة نحو الموقع، ووصلت في وقت قياسي ولله الحمد، وبدأت على الفور في مباشرة الحادث». تناقض في عدد المصابين بين الصحة والدفاع المدني تناقضت إفادة الدفاع المدني والصحة حول عدد المصابين جراء الغاز المتسرب، ففيما أفادت الأولى على لسان ناطقها الرسمي المقدم منصور الدوسري بأنه نتج عن الحادث إصابة 13 شخصًا بضيق في التنفس، تلقوا جميعهم العلاج وخرجوا من المستشفي ما عدا طفلة رضيعة، أكد مدير العلاقات العامة بالمديرية العامة للشؤون الصحية بالمنطقة الشرقية سامي بن عبد القادر السليمان ل«لمدينة» أن 6 حالات راجعت مجمع الدمام الطبي ومستشفى الولادة والأطفال بالدمام وغادرتهما بعد تلقي العلاج اللازم، ولم تسجل أي حالات أخرى. وبين في بيان أصدرته المديرية يوم أمس الأربعاء أن 4 حالات راجعت مستشفى الولادة والأطفال، فيما استقبل مجمع الدمام الطبي حالتين فقط، و»يشتبه» بأن تكون الحالات الست تعرضت لاستنشاق الغاز المتسرب. وأكد أن هناك تنسيقًا بين مستشفى الولادة والأطفال ومركز السموم، وذلك من خلال تحويل بعض العينات لمراجعين تم الاشتباه في حالاتهم إلى المركز من اجل معرفة مكونات الغاز وآلية التعامل الطبي الأمثل معه من قبل قسم الطوارئ بالمستشفى. وقال: إن الأعراض تكون عبارة عن سعال وضيق في التنفس، ويتم إعطاء المصابين جلسات أكسجين بالإضافة إلى موسع للشعب الهوائية إذا استدعت الحالة. وشدد على أن أقسام الطوارئ بمستشفى الولادة والأطفال وبقية المستشفيات اتخذت كافة الترتيبات الاحتياطية لاستقبال أي حالة يشتبه في تعرضها إلى الغاز. يذكر أن عدد المراجعين لقسم الطوارئ بمستشفى الولادة والأطفال بالدمام بلغ منذ عصر الثلاثاء وحتى أمس الأربعاء 260 حالة، وهو في حدود المعدل الطبيعي خلال هذه الفترة من العام. توقع بقاء الغاز في الجو لمدة 48 ساعة وكانت مديرية الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية قد قامت بتنبيه السكان من خلال القنوات الإخبارية والفضائية وعبر رسائل sms بالتعاون مع شركات الاتصالات، وكذلك من خلال قنوات التواصل الاجتماعي، محذرة من تسرب غاز الهيدروجين والنيتروجين من أحد المصانع في المنطقة الصناعية الأولى بالدمام، وذلك بعد أن تلقت غرفة العمليات بالإدارة عشرات الاتصالات تفيد بانتشار غاز ووجود روائح غازية في منطقة الصناعية الأولى بالدمام. ودعت الجميع إلى أخذ الحيطة والحذر وإتباع تعليمات الدفاع المدني، ونصح الدفاع المدني سكان الأحياء التي تقع في محيط الصناعية الأولى بمسافة 2 كيلو متر بالابتعاد لمدة 48 ساعة وهي المدة المتوقعة لبقاء الغاز في الجو. استشاري طب طوارئ: الغازات المتسربة لا تؤدي إلى التسمم أو الوفاة نفي الدكتور محمد الحكمي استشاري طب طوارئ بأحد مستشفيات الشرقية أن يكون تسرب غاز النيتروجين والهيدروجين والكربون يمكن أن يؤدي إلى التسمم أو الوفاة لا قدر الله. وقال في تصريح ل«المدينة»: هذا تسرب لغاز في الهواء إذا استنشق من أي شخص يصاب بإصابات خفيفة منها ضيق في التنفس، ويحس بما يسمى الكتمة وانغلاق في الشعب الهوائية، وهنا يجب أن يبادر المصاب سواء كان كبيرًا في السن أو صغيرًا، نساءً أو رجالًا إلى مراجعة أقرب مستشفى، حيث يحصل على الفور على جلسات الأوكسجين والعلاج اللازم، ومن ثم يغادر المستشفى. وأضاف أن أكثر من يتضرر من تسرب الغاز هم المصابون بأمراض مزمنة وخاصة مرضى الربو، وهنا يجب عليهم أخذ الحيطة والحذر. وزاد: «حتى وإن اختلطت هذه الغازات وأصبحت تحت اسم (الآي بوكس) فإنها لا تؤدي إلى الوفاة أو التسمم، وعلاجها يتمثل في جلسات الأوكسجين، وهنا أحب أن أطمئن جميع المواطنين والمقيمين بأن لا خوف من تسرب هذا الغاز ولكن الوقاية خير من العلاج».